شي جين بينغ وعام محفوف بالمخاطر

نشر في 19-12-2016
آخر تحديث 19-12-2016 | 00:25
 بروجيكت سنديكيت ربما يبدو من السَخَف وضع احتمال أن الرئيس الصيني شي جين بينغ، الزعيم الأقوى في البلاد منذ ماو تسي تونغ، قد يتعرض لمخاطر في عام 2017، ولكن المظاهر خادعة، غير أن توطيد سلطته قد لا يكون حصيناً كما يبدو، وسوف يأتي الاختبار العام المقبل، عندما يعقد الحزب الشيوعي الصيني المؤتمر الوطني التاسع عشر لاختيار فريق جديد من القادة للعمل تحت قيادة شي.

من المؤكد أن شي، منذ أصبح الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني في نوفمبر 2012، قطع خطوات كبيرة نحو ترسيخ سلطته؛ ففي إطار حملة مناهضة الفساد المتواصلة، سجن شي أكثر من 200 من كبار المسؤولين والجنرالات، وكثيرون منهم أعضاء في فصائل منافسة، ومع عجزهم عن شن هجوم مضاد فعّال، شاهده خصومه وهو يرفع مؤيديه إلى مناصب رئيسية في الحزب.

لكن هذا قد يتغير في مؤتمر الحزب العام المقبل، ورغم أن شي يضمن ولاية ثانية، فربما يضطر إلى النضال للتغلب على معارضة سلسلة من قرارات التعيين التي من المتوقع أن يتخذها، أو يرفض اتخاذها.

في عصر ما بعد ميدان السلام السماوي، تجنّب الحزب الشيوعي الصيني الصراع على السلطة من خلال تحديد الرئيس التالي ورئيس الوزراء قبل سنوات من تسليمهما السلطة فعلياً؛ ففي عام 1992، اختار دنغ شياو بينغ زميله هو جين تاو ليتولى السلطة عام 2002، وفي 2007، وافق كبار قادة الحزب على تعيين شي خليفة للرئيس هو جين تاو، قبل خمس سنوات من انتهاء ولاية الأخير.

لكن هذا النظام غير رسمي، وهو بالتالي غير قابل للتنفيذ قسراً، ولهذا ففي حين يسعى الحزب الشيوعي الصيني العام المقبل إلى اختيار الرئيس ورئيس الوزراء اللذين سيتوليان السلطة عام 2022، لا يوجد ما قد يضمن مجاراة شي لهذا الاختيار؛ ففي نهاية المطاف، في حال عدم اختيار خليفة، سيتمتع شي بقدر هائل من المرونة عام 2022، فإما أن يسعى إلى ولاية ثالثة أو يعيّن شخصاً موالياً خليفة له، وإذا تم اختيار خليفة في المقابل، وهي نتيجة أفضل كثيراً لمصداقية الحزب الشيوعي الصيني وشرعيته، فسيتحول شي إلى رئيس بلا صلاحيات.

وإضافة إلى المواجهة المتوقعة بشأن قضية الخلافة، ربما يواجه شي أيضاً مقاومة بشأن مسألتين إضافيتين تتعلقان بتعيين هيئة الموظفين، أولاهما تتعلق بحجم اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، وهي أعلى هيئة صانعة للقرار في الحزب، والتي يشغل مقاعدها حالياً سبعة أعضاء، خمسة منهم من المتوقع أن يتقاعدوا العام المقبل، بعد أن بلغوا الحد الأقصى للسن القانونية، وإذا عين شي ثلاثة فقط، واكتفى بلجنة مدمجة من خمسة أشخاص يغلب عليها الموالون له، فسيحقق الهيمنة الكاملة على مستوى القمة، ولكنها لن تكون مناورة سهلة، لأن منافسيه سيعارضونها بشراسة.

تتعلق القضية الثانية بمصير وانغ تشي شان، رئيس لجنة الانضباط في الحزب الشيوعي الصيني وقائد حملة شي لمكافحة الفساد، فإذا تقاعد وانغ العام المقبل، كما تقضي قواعد الحزب، فسيخسر شي حليفه الأكثر جدارة بالثقة، ولكن إذا ظل وانغ في منصبه، فربما يرفض أعضاء اللجنة الآخرون الذين بلغوا سن التقاعد الامتثال لهذه القاعدة، وهو ما يعني فعلياً إنهاء حدود سن التقاعد لمسؤولي الحزب الشيوعي الصيني.

ونظراً لسجل شي الحافل بإخضاع خصومه بلا أي جهد تقريباً في السنوات الأخيرة، فمن المغري أن نراهن على أنه سيخرج منتصراً من مواجهة العام المقبل، ولكن هناك أمراً يستحق النظر؛ فلابد أن توقع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني على التغييرات الرئيسية المقترحة لكبار الموظفين، وبرغم إلقاء القبض على تسعة أعضاء، فإن نسبة كبيرة من أعضائها الذين يبلغ عددهم 205 أعضاء مازالوا موالين لخصوم شي. وإذا تمكنوا من العمل معاً والفوز بدعم كبار المتقاعدين من أعضاء الحزب الشيوعي الصيني سابقاً (أشخاص مثل الرئيس السابق جيانج تسه مين، الذي يظل يتمتع بنفوذ كبير) فربما يصبح بوسعهم تخريب أفضل خطط شي.

من الأسلحة السياسية التي ربما يستخدمها خصوم شي استغلال سجل إخفاقاته السياسية منذ عام 2013، بما في ذلك التباطؤ الاقتصادي المستمر، وارتفاع الديون إلى عنان السماء، والتقدم البطيء على مسار إعادة الهيكلة الاقتصادية، والفقاعة العقارية، وحتى مبادرة «حزام واحد، طريق واحد» التي روج لها كثيراً، والتي تهدف إلى ربط آسيا بأوروبا عبر سلسلة من مشاريع البنية الأساسية الكبرى، ربما تكون نقطة ضعف بالنسبة إلى شي، إذا قرر قادة الحزب الشيوعي الصيني أنها طموحة بدرجة أكبر مما ينبغي.

وتصبح مقاومة أجندة شي أكثر ترجيحاً، لأن المشاكل الاقتصادية التي تواجه الصين تتجه فيما يبدو إلى التضاعف في العام المقبل، ومع انحسار تأثير التحفيز الذي يتغذى على الائتمان، فسيزداد تباطؤ النمو، ومن الممكن أن تتسبب أي صدمة خارجية، مثل حرب تجارية يشنها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، أو حتى الزيادة المتوقعة في أسعار الفائدة الأميركية، في دفع قيمة اليوان الصيني إلى المزيد من الانخفاض، وهو ما قد يعجّل بجولة جديدة من هروب رؤوس الأموال، وإذا انهار السوق العقاري الساخن في المدن الصينية من الدرجتين الأولى والثانية فستتسارع وتيرة هروب رؤوس الأموال، من خلال فرض ضغوط هائلة على النظام المالي المثقل بالأعباء بالفعل بسبب القروض الرديئة.

من المستحيل أن نعرف من سيخرج منتصراً من الصراع على السلطة في الصين العام المقبل، ففي اللحظة الراهنة، يبدو أن شي، الذي تُوِّج حديثاً «زعيماً أساسياً» للحزب، يمسك بزمام الأمر، ولكن من الخطأ أن نستبعد كيد خصومه، الذين لن تكون المخاطر بالنسبة إليهم بسيطة على الإطلاق، ويمثل مؤتمر الحزب الشيوعي التاسع عشر في نهاية المطاف فرصتهم الأخيرة للحفاظ على نظام ما بعد ميدان السلام السماوي، وهذا يعني أن 2017 سيكون عاماً محفوفاً بالمخاطر التي تهدد شي.

مينشين باي - Minxin Pei

* أستاذ الإدارة الحكومية في كلية كليرمونت ماكينا، وكبير زملاء غير مقيم لدى صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة.

«بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top