بعد انفراد "الجريدة" بنشر تفاصيل مفاوضات الأستانة، التي تضمنت الدعوة إلى وقف إطلاق النار في سورية وتشكيل حكومة انتقالية تُبقي الرئيس بشار الأسد في السلطة مع تفويض قسم من صلاحياته إليها، اتفقت روسيا وإيران وتركيا أمس على أهمية "توسيع" وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات وتنقل المدنيين، بالإضافة إلى لعب دور الضامن في محادثات سلام، سبق أن حدد موعدها مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا في الثامن من فبراير المقبل.وبعد اجتماع ثلاثي لوزراء خارجية الدول الثلاث في موسكو، قال الوزير الروسي سيرغي لافروف نقلاً عن بيان مشترك، إن روسيا وإيران وتركيا تتفق على أن الأولوية في سورية هي محاربة الإرهاب لا الإطاحة بحكومة الأسد.
بدوره، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إن الدول الثلاث بدأت مسعى لإيجاد حل سياسي للصراع في سورية، آملاً التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
«إعلان موسكو»
وخلال اجتماع منفصل مع نظرائه التركي فكري إيشك والإيراني حسين دهقان في موسكو، كشف وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس أن خبراء من روسيا صاغوا وثيقة "إعلان موسكو" الذي يرقى إلى خريطة طريق لإنهاء الأزمة السورية، وأنه يأمل أن تدعم تركيا وإيران الوثيقة.وأوضح شويغو أن الوثيقة تهدف إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في سورية. وقال: "كل المحاولات السابقة للولايات المتحدة وشركائها في سبيل الاتفاق على تصرفات منسقة كتب لها الفشل. ليس لأي منهم نفوذ حقيقي على الوضع على الأرض"، مضيفاً: "تشير الموافقة على الإعلان على مستوى وزراء الدفاع والخارجية إلى استعدادنا لضمان وإجابة أسئلة ملموسة تتعلق بالأزمة في سورية".وتمكنت "الجريدة"، من خلال مصدر إيراني رفيع، من الحصول على مسودة المفاوضات التي يمكن أن تجرى في الأستانة بين الأطراف السورية برعاية روسية- إيرانية- تركية.وتضمنت المسودة 4 نقاط هي: أولاً: يتم إعلان وقف نار فوري في كل أنحاء سورية، على أن تواجه الدول الثلاث الراعية للمفاوضات، أي روسيا وتركيا وإيران، أي طرف ينتهك الهدنة.ثانياً: تشكيل حكومة انتقالية تضم المعارضة دون اشتراط رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يقوم بتفويض قسم من صلاحياته إلى هذه الحكومة.ثالثاً: بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، تؤمن تركيا خط خروج آمن للمقاتلين السوريين والأجانب الذين يريدون أن يخرجوا من البلاد دون سلاح.رابعاً: تكون جميع المفاوضات على أساس ضمان وحدة الأراضي السورية، وتضمن كل من دمشق وموسكو وطهران تأمين الحدود التركية من أي تحركات للأكراد أو أي طرف معارض لتركيا وإبعادهم عن الحدود التركية.أبرز انتصار
وعلى الأرض، أطلقت قوات الأسد نداء عبر مكبرات الصوت حض فيه آخر المقاتلين والمدنيين المحاصرين في مدينة حلب إلى مغادرتها، تمهيداً لإعلان سيطرته على كل المدينة، في انتصار يعد الأبرز لدمشق منذ بدء النزاع قبل نحو ست سنوات.وأفاد مصدر عسكري سوري بأنه من المقرر أن يتم خلال ساعات قليلة إخراج آخر دفعة من الأحياء الشرقية وتتضمن 62 حافلة بالتوازي مع وصول آخر دفعة من عائلات كفريا والفوعة عبر ثماني حافلات إلى مدينة حلب.وكشف المصدر أنه فور إنجاز عملية التبادل سيقوم الجيش السوري بدخول الأحياء التي ماتزال تحت سيطرة المسلحين وهي "صلاح الدين والمشهد والأنصاري والزبدية وأجزاء من حي سيف الدولة" لتمشيطها وفرض سيطرته عليها"، متحدثاً عن بيان ستصدره القيادة العامة في وقت لاحق يعلن مدينة حلب بالكامل تحت سيطرة الحكومة.عمليات الإجلاء
وشهدت الساعات الـ24 الماضية خروج مالا يقل عن 37 ألفا من أحياء حلب الشرقية تم نقل بعضهم بالحافلات، بينما خرجت أغلبيتهم بواسطة سياراتهم الخاصة باتجاه منطقة الراشدين جنوب حلب.وتأتي عمليات إجلاء المحاصرين من مدنيين ومقاتلين من حلب بموجب اتفاق روسي تركي إيراني، شمل اتفاق إخراج أربعة آلاف شخص من بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين المواليتين لقوات النظام في محافظة إدلب وصل نحو 700 منهم إلى مركز جبرين باتجاه محافظة طرطوس ودمشق بالتزامن مع إخراج 1500 آخرين من مدينتي مضايا والزبداني المحاصرتين من قوات النظام في ريف دمشق.وغداة تصويت مجلس الأمن الدولي بالإجماع على نشر سريع لمراقبين دوليين في حلب للإشراف على عمليات الإجلاء والاطمئنان على مصير المدنيين العالقين هناك، أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة أمس ينس لايركه أن حكومة الأسد سمحت للمنظمة الدولية بإرسال 20 موظفاً إضافياً من موظفيها إلى شرق حلب لمراقبة العمليات المستمرة، موضحاً أن "هذا سيزيد عدد العاملين الدوليين في حلب حالياً إلى ما يقرب من ثلاثة أمثاله".موسكو ولندن
إلى ذلك، أعلنت القوات الروسية أنها نفذت منذ بدء عملياتها في سورية في 30 سبتمبر 2015 أكثر من 30 ألف طلعة ودمرت أكثر من 62 ألف هدف عسكري.في المقابل، كشفت صحيفة "إيزفيستيا" عن إرسال بريطانيا ضباطا كبارا إلى سورية بهدف توحيد المعارضة السورية "المعتدلة"، التي انسحبت من حلب.ووفق الصحيفة فإن مجموعة العسكريين البريطانيين، البالغ عددهم 20 وأعلن وزير الدفاع مايكل فيلون في أكتوبر الماضي أنهم سيباشرون تدريب فصائل المعارضة التي تحارب ضد "داعش"، تغيرت مهمتهم وبات أولوياتهم هي تقييم القدرات القتالية لفصائل حلب ومعداتها الحربية. وبعد ذلك عليهم وضع استراتيجية جديدة لها وتوحيدها تحت قيادة عسكرية موحدة.