نحن في مأزق لا يعلم إلا الله كيفية الخروج منه.

فالغرض من وجود مجلس منتخب هو التعبير عن إرادة الأمة والمشاركة في اتخاذ القرار، ووجود الحكومة الهدف منه إدارة شؤون الدولة وقاطنيها من مواطنين وغير مواطنين، بما يحقق التنمية المستدامة، والاستقرار والرخاء، والحفاظ على كرامات الناس وإشاعة الأمن والسعادة بين كل إنسان على هذه الأرض.

Ad

الواضح، من حجم الإحباط المتزايد بين الناس، أن هذه الأهداف لم تتحقق. بالطبع كلنا أمل وشغف أن يأتي ذلك اليوم الذي تصبح فيه مؤسستنا التشريعية (المجلس) والتنفيذية (الحكومة) تسيران لتحقيق تلك الأهداف، وليس ذلك على الله ببعيد. ولكن وآه من لكن، لا يبدو أن تلك أمنية ناجزة، ولا متحققة.

ومع أن المجلس السابق (٢٠١٣) كان قد حاز سوء سمعة سياسية بامتياز، وذلك في الحملة الانتخابية ونتائجها، إلا أن تردي الأوضاع وتراجعها، وإحباط الناس المزمن، لا يرتبط فقط بسوء المجلس. كما أن الأمر لا يعني أنه لا يوجد من بين النواب أو الوزراء من هو حصيف وأمين ومخلص، فالمسألة تتجاوز الأفراد إلى مرض هيكلي يتعلق بتركيبة بناء القوة، وعدم اتساقها.

تأسيساً على ذلك، وإن كان لنا أن نتمنى شيئاً من مجلسنا وحكومتنا، فلن نتمنى تنمية، مستدامة كانت أو منقوصة، أو تحسناً في إدارة الدولة، أو تحويلها إلى مركز مالي، ولكن كل ما نتمناه، هو أن يفكونا من شرهم.

فكيف يتم ذلك؟

يبدأ الأمر بالتعهد رسمياً ولائحياً بعدم إصدار أي قانون يتعارض مع الدستور ويؤذي الناس. أما كيف يتم ذلك فهناك من الوسائل والأدوات اللائحية والالتزام السياسي لتحقيق ما نصبو إليه.

الشاهد أن مسألة إصدار قوانين مؤذية للناس، ولا تتوافق مع الدستور، ليست مرتبطة بمجلس معين، ففي المجلس الأول (١٩٦٣) أصدر المجلس ٤ قوانين مناوئة ومعارضة للحريات، دفعت بها الحكومة، وترتب على ذلك استقالة عدد من أعضاء المجلس احتجاجاً على مخالفة الدستور. وظل إصدار قوانين من تلك الشاكلة نهجاً موجوداً في غالبية المجالس حتى تلك التي قيل عنها إنها إصلاحية.

نحن هنا نتحدث عن الحد الأدنى المطلوب من السلطتين لكف الأذى عن الناس، وأمثلة تلك القوانين كثيرة، منها قانون الجنسية وتعديلاته، وقانون الانتخاب وتعديلاته، والقوانين التمييزية ضد المرأة، وتخفيض سن الحدث إلى ١٦ عاماً، والبصمة الوراثية، وقوانين تقييد حرية التعبير، وإعدام المسيء، وحرمان المسيء، وزيادة الحبس الاحتياطي، وغيرها.

لابد هنا من وقفة جادة لوقف العبث والانحراف التشريعي، الذي يتم كرد فعل لكلمة هنا أو كلمة هناك.

فإن استطاعت الحكومة، ورفيق دربها، أحياناً، مجلس الأمة، أن يتعهدا لنا كمواطنين، بوقف الأذى التشريعي عن الناس، فلهما منا كل تقدير، أما إن نجحا في تحسين الوضع المعيشي والاقتصادي، والاجتماعي والتعليمي، فذلك حلمنا البعيد، لعله يتحقق.

الحد الأدنى هو كف الأذى عن الناس، أما إن زاد عن ذلك فمسألة مرحب بها، وشكر الله من خلالها سعيكم.