بعد تأخير يوم كامل تحت الثلج، الذي تساقط بغزارة على حلب وغطى أطرافها مع انخفاض إضافي في درجات الحرارة، تم إجلاء آخر دفعة من المدنيين والمقاتلين من آخر جيب تحت سيطرة فصائل المعارضة شرق المدينة.وفي خطوة تمهّد لإعلان قوات الرئيس بشار الأسد استعادته السيطرة على كامل المدينة، نقلت عشرات الحافلات أمس، «آلافاً» من المحاصرين في شرق حلب، بموجب اتفاق أميركي روسي إيراني بدأ تنفيذه الخميس الماضي بشكل متقطع ويسري أيضاً على بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين والمحاصرتين من الفصائل المقاتلة في محافظة إدلب المجاورة.
وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن استئناف الإجلاء أمس بدأ بخروج دفعة أولى من الحافلات الموجودة في شرق حلب، مقابل السماح للقافلة التي خرجت فجر أمس الأول من كفريا والفوعة والمتوقفة في منطقة الراشدين تحت سيطرة الفصائل بإكمال طريقها الى مناطق سيطرة النظام في حلب.
100 مراقب
وفي حين ذكرت صحيفة «الوطن» المقربة من النظام في عددها أمس أنه «بات في حلب 60 مراقباً أممياً لمتابعة عملية إجلاء ما تبقى من المدنيين بعد أن سمحت الحكومة السورية للمنظمة الدولية بإرسال 20 موظفاً إضافياً»، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، استعداده لنشر 100 مراقب على الفور، بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن.وأوضح كي مون، في مقابلة مع وكالات الأنباء الروسية، أن «الموظفين الذين سيقدمون المساعدات الإنسانية هم من الهلال الأحمر العربي السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر، مشيراً إلى أن عدم تسوية النزاع سببه فشل جماعي، «هناك الكثير من الاختلافات التي أصبحت مأساة للأزمة السورية والشعب السوري مقسّم، والقوات الإقليمية مقسّمة ومجلس الأمن مقسّم».مستشفيات إسرائيل
إلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الأول، أنه يبحث في استقبال جرحى مدنيين من مدينة حلب في إسرائيل لتلقي العلاج.وقال نتنياهو، في حفل استقبال نهاية العام لوسائل الإعلام الأجنبية، «لقد طلبت من وزارة الخارجية بحث سبل توسيع مساعدتنا الطبية للضحايا المدنيين في المأساة السورية، وتحديداً في حلب»، مضيفاً: «نحن مستعدون لاستقبال جرحى من النساء والأطفال، وأيضاً من الرجال إذا لم يكونوا مقاتلين، وإحضارهم إلى إسرائيل والاعتناء بهم في مستشفياتنا كما فعلنا مع الآلاف من المدنيين السوريين».سجن مفتوح
وفي إدلب، وجد عشرات الآلاف من السوريين أنفسهم داخل «سجن مفتوح» في المحافظة، التي شكلت وجهة مقاتلي المعارضة والمدنيين بعد إجلائهم من مناطق عدة كانت تحت سيطرة الفصائل، ويخشى هؤلاء أن يشكلوا الهدف المقبل للعمليات العسكرية.وتشكل إدلب وهي المحافظة الوحيدة، التي يسيطر عليها «جيش الفتح»، تحالف فصائل إسلامية بينها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً)، وجهة لعشرات الآلاف من المدنيين والمقاتلين الذين تم إجلاؤهم من مدن عدة كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة، أبرزها داريا ومعضمية الشام، وهما اثنان من أبرز معاقل الفصائل المعارضة قرب العاصمة سابقاً.وفي الأشهر الأخيرة، أبرمت الحكومة السورية اتفاقات «مصالحة» في ست مدن على الأقل كانت تحت سيطرة المعارضة في محيط دمشق. وتم بموجب هذه الاتفاقات إجلاء المدنيين والمقاتلين غير الموافقين على التسوية مع النظام إلى إدلب.700 ألف وافد
ويقدر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة عدد الوافدين إلى محافظة إدلب بـ700 ألف شخص منذ بدء النزاع في سورية قبل نحو ست سنوات.وانعكس توافد المقاتلين المعارضين والمدنيين إلى إدلب ارتفاعاً في الإيجارات وأسعار المواد الأساسية. كما بات النقص في تلك السلع حقيقة يتعايش معها سكان المحافظة. ولا يقتصر الأمر على النازحين إلى إدلب، إذ يعاني أصحاب العقارات والمتاجر من جهتهم جراء ارتفاع الطلب نتيجة الكثافة السكانية المرتفعة.وازدادت التساؤلات أخيراً حول مستقبل إدلب، وإن كانت ستتحول إلى هدف رئيسي لقوات النظام بعد سيطرتها على مدينة حلب، تزامناً مع تلميح النظام السوري إلى إمكانية أن تكون إدلب الهدف المقبل لهجمات قواته.وعلى الأرض، تمكنت فصائل الجيش السوري الحر، بدعم جوي وبري تركي في إطار عملية «درع الفرات» أمس، من السيطرة بشكل كامل على الطريق الدولي الواصل بين الباب معقل تنظيم «داعش» على الحدود وحلب ودخلت مركز المدينة الحدودية.ووفق الجيش التركي فإنه بعد معارك طاحنة قتل فيها 3 جنود أتراك من وحدات من القوات الخاصة وأصيب 11، سيطرت قوات «درع الفرات» على جبل عقيل الاستراتيجي المطل على كل مدينة الباب، في خطوة تشكل سقوطاً عسكرياً لها وتمهد إلى تحريرها بشكل كامل، لأنه يرصد كل ما يتحرك في المنطقة، في شكل يعيد للأذهان طريقة سيطرة «داعش» على الباب مطلع عام 2014، حيث سيطر على الجبل قبل اجتياحه المدينة بعد ذلك. وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن مقاتلاتها دمرت 48 هدفاً لتنظيم «داعش» في الباب وقتلت 15 متشدداً وأبطلت مفعول 53 قنبلة يدوية الصنع، في المناطق المحررة، مؤكدة أن رئيس هيئة الأركان العامة خلوصي أكار، أجرى زيارة تفقدية لغرفة عمليات «درع الفرات» في ولاية كليسوهطاي، ورافقه قائد القوات البرية الفريق الأول زكي جولاق.