في أعقاب التطورات الأخيرة، تمكنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا من بسط كل سيطرتها على كل الحقول والموانئ النفطية في البلاد، بعدما تم إخضاع مواقع المنطقة الشمالية لنفوذ الجيش الوطني وإعادة فتح خطوط أنابيب «الرياينة».

ويخشى سوق النفط أن يؤدي ذلك الى زيادة إنتاج ليبيا، بما يضيف تخمة للمعروض العالمي، إلى جانب تخوفات من امتصاص هذه الزيادة المحتملة لآثار خطة «أوبك» لخفض الإنتاج، بحسب تقرير لـ«أويل بريس».

Ad

ومن الناحية النظرية تملك ليبيا القدرة على إضافة 1.1 مليون برميل يوميا من النفط، جنبا إلى جنب مع الزيادة المحتملة في الإنتاج النيجيري، ما قد يعوق الاتفاق العالمي لخفض الفائض وتعزيز الأسعار.

بداية الانهيار

قبل ثورات الربيع العربي في 2011، بلغ إنتاج ليبيا النفطي 1.6 مليون برميل يوميا، ثم انخفض بشكل حاد منذ عام 2013، بعد صراعات داخلية ليصل إلى 900 ألف برميل يومياً.

وأعقب هذا الانخفاض مباشرة إغلاق خطوط أنابيب «الرياينة»، على خلفية النزاعات المسلحة التي نشبت للسيطرة على حقول النفط في الجنوب، ليهوى الإنتاج الليبي إلى مستوى 300 ألف برميل يومياً.

ومنذ سبتمبر الماضي، تمكنت المؤسسة الوطنية للنفط من رفع إنتاج البلاد إلى 575 ألف برميل يوميا، لكن التحديات التي تواجهها لاسترداد مستويات الإنتاج المسجلة قبل 3 أعوام ما زالت هائلة.

قدرات محدودة

ومن منطلق فني، لا تزال قدرة المؤسسة على زيادة إنتاجها النفطي محدودة، لغياب دعم شركات خدمات حقول النفط مثل «شلمبرجير» و«هاليبروتون» و«بيكر هيوز».

ويوفر مقدمو الخدمات النفطية الدعم اللازم لأعمال التنقيب لشركات النفط، كي تتمكن من تنفيذ عمليات الحفر وصيانة الآبار وزيادة الإنتاج.

وعقب الثورة الليبية عادت شركات الخدمات النفطية للبلاد رغم عدم استقرار الوضع السياسي، واستؤنفت الأعمال في 2012 لمدة عامين، لكن مع تجدد الصراعات خلال 2014 في المناطق الغربية والشرقية اضطرت الشركات لتعود أدراجها مجددا.

وهذه الصناعة كثيفة رأس المال، وتتطلع الى بلد مستقر سياسيا، لكن عوائق البيروقراطية والمخاطر المالية والاضطرابات الأمنية وقلة الكوادر المؤهلة لا تشجع على الدخول إلى السوق الليبي.

ومع كل هذه العقبات يصعب القول بإمكانية ظهور شركات جديدة للخدمات النفطية داخل البلاد، وتبقى قدرة المؤسسة الوطنية للنفط على زيادة الإنتاج محدودة.

تعقد المشهد السياسي

وسياسيا تبدو قدرة ليبيا على زيادة الإنتاج هشة جدا، حيث تخضع غالبية الحقول النفطية لسيطرة الجيش التابع لمجلس النواب الذي يتخذ من شرق طبرق مقرا له، بينما تصب عائدات النفط في حسابات البنك المركزي.

ويؤيد البنك المركزي حكومة الوفاق الوطني المدعومة من قبل الأمم المتحدة، والتي شكلت مجموعة عسكرية مؤخرا تحت اسم «الحرس الجمهوري»، وهو ما لاقى انتقادات من قبل مجلس النواب.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تشكل تهديداً وتحدياً صريحاً للجيش الوطني الليبي، ما قد يعني عدم سماح مجلس النواب بمواصلة تدفق النفط إذا كان سيتم استخدام عائداته لدعم الحرس الجمهوري.

وعلى الرغم من طرد «داعش» من معقله في مدينة سرت، لا يزال هناك المئات من المقاتلين التابعين له والذين تفرقوا في أنحاء البلاد، ويشكلون خطر التكتل وإعادة التنظيم مجددا في صحراء الجنوب الشاسعة.

ولا تزال خطط المؤسسة الوطنية لزيادة إنتاج النفط بشكل مستدام تعتمد على العوامل المذكورة سلفا، وعلى مدى استطاعة البلاد على حسم التحديات السياسية وخلق بيئة آمنة.