قال تعالى في سورة المائدة الآية 64: "كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" صدق الله العظيم. نعم نتألم ونشعر بالمرارة لما يحدث في سورية والعراق وليبيا واليمن من اقتتال خلف الدمار، بعدما حمل شعار الحرية، ثم تحول إلى صراع طائفي راح ضحيته مئات الآلاف من الأبرياء وشرد الملايين. قبل ست سنوات خرج الشعب السوري ثائراً طالباً الحرية، راكباً قطار ربيع "الشوك" العربي، فكنا نترقب ميلاد فجر جديد يطل علينا من أسوار دمشق، إلا أن هذا الحلم تحول إلى بركان من الدم بسبب التدخلات الخارجية من الدول العظمي، وغير العظمي التي أرادت تسوية خلافها على الأراضي السورية، بعد أن أيقنت أن بقاءها في العراق شبه مستحيل. هذا الشعب لم يكن يوماً طائفياً أو عنصرياً، وكيف لا وهو الشعب الذي قاتل الاستعمار جنباً إلى جنب، فكان العربي يشد من أزر الكردي، والسني والشيعي ظهراً للدرزي والعلوي والبدوي، والفلاح عون لابن المدينة، بعد أن جمعهم حب الوطن ضد المستعمر و"العصملي" و"الفرنساوي".

لقد اختطفت الثورة السورية بكل ما للكلمة من معنى، بعد أن تدخل العالم بأسره من خلال إرسال المتطرفين والمرتزقة الذين توافدوا من كل حدب وصوب وبمئات الألوف بحجة إسقاط النظام تارة، وتارة أخرى للفوز بالحور العين، فأي مؤامرة أريد لسورية أن تشهدها ولمصلحة من؟ مشروع الفتنة الطائفية هل سيقف عند هذا الحد أم سيستمر إلى أن يتلاقى وحلم إسرائيل التي رفعت شعار "بلادك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل"، حيث نجحت في تحويل أصابع الاتهام إلى غيرها؟ أوليست هي الرابح والمستفيد الأول من ربيع "الشوك"؟

Ad

سأعيد كتابة الآية الكريمة كاملة عسى أن تجد طريقها بيننا لنعرف من عدونا الحقيقي، واضعين القاعدة الشرعية أمام أعيننا "لا اجتهاد مقابل النص القرآني" "وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) صدق الله العظيم.

اليوم الوضع السوري يلقي بظلاله على الكويت بطريقة خرجت عن مفهوم نصرة هذا الشعب المظلوم، وعن البعد الإنساني والفهم الإسلامي لها، بعد أن عادت أسطوانة حث الشباب على النفير والجهاد مرة أخرى، وبعدما عادت نغمة التكفير رغم إدراكنا خطورة هذا الطرح، فالبدايات دائماً تنطلق من كلمة، أوليست الفتنة كلمة؟

***

قبل الختام، بودي توجيه رسالة إلى الأخ مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمة الذي تقع عليه مسؤولية إدارة الجلسات، وهو مسؤول أمام الله ثم أمام الأمير عن تجنيب الشعب الكويتي شرور جلسة حلب من خلال تطبيقه لقانون الوحدة الوطنية، وألا يسمح لأحد بالتكسب على حساب وحدة الوطن واللحمة الوطنية، وكلنا أمل أن يوفق في إدارتها مستلهماً تاريخ خاله المرحوم جاسم الخرافي في السيطرة على مثل هذه الجلسات المصيرية.

ودمتم سالمين.