إلى متى يستمر هذا الخلل؟
من يتابع الإدارة الحكومية في الكويت لابد أن يذهل من مستوى التسيب والضعف في مواجهة الإخلال على كل الصُّعُد، بل يصل إلى اعتقاد بأننا دولة بدون حكومة أو قوانين. والأمثلة على ذلك كثيرة، ابتداءً بالبطالة المقنعة والمكشوفة، إلى تزوير شهادات التعليم والجنسية، إلى أمن المطار، إلى العبث بالتوظيف والترقية، إلى علاج "الترضيات بالخارج"، إلى التجاوز الأكبر بضرب الدستور والتعدي على الحريات العامة. ألم يستفز هذا همة المواطنين ليختاروا نواباً مخلصين لا يستطيع أحد شراءهم ليقودوا عملية الإصلاح؟• يسعدنا أن نسمع عن همة رجال الداخلية في القبض على مهربي المخدرات، لكن ستكتمل سعادتنا لو عرفنا مَن وراء المهربين، ومَن يستقبلهم في الكويت، مع إعلان أسمائهم وصورهم ليكونوا عبرة لغيرهم، ثم ليت الوزارة تطمئن المواطنين بنشر طريقة التعامل مع المخدرات المصادرة، وتشكيل لجنة من قضاة ووكلاء نيابة للإشراف على عملية التخلص من هذه المخدرات بالحرق أو غيره، ونشر العملية في وسائل الإعلام. • مبنى المطار الجديد يفترض أن يتجاوز كل مشاكل المبنى الحالي، وألا يتحول إلى مول جديد، فالزحمة الحالية ليس سببَها المسافرون فقط، وإنما هذا العدد الكبير من رواد المطاعم والمقاهي والمتسوقين. وفي هذا إخلال بالأمن وتعريض المطار للخطر. مطارات العالم فيها أسواق داخل صالات المغادرين، أي خلف حواجز الجوازات وأسعار لا تخضع للضريبة، ولم نرَ مطاراً مفتوحاً مثل مطارنا الحالي. لذلك نأمل أن تذهب تكلفة الفخامة في صالات المغادرين والقادمين إلى مواقع خدمات للمسافرين، للمرضى وكبار السن وذوي الاحتياجات وإقامة مراكز مريحة لاستقبال العمالة المنزلية ومراكز طبية، وليت القائمين على إنشاء المبنى يعطونه طابعاً كويتياً فيه من التراث والفن الكويتي ما يشعر القادم بالطابع الخاص للبلد.
• نُشِرت على الإنترنت مقارنة بين حمامات مطار البحرين وحمامات مطار الكويت، كمثال لمستوى الجودة وقوة المتابعة والمقارنة، تبين كيف أن الكويت التي تمتلك أقوى الإمكانيات لم تستطع أن تتساوى مع، ولا أقول تنافس، جودة مطار البحرين. والسبب كما أعتقد أن مناقصة النظافة في مطار الكويت ربما منحت كخدمة لأحد المقربين أو الراشين، لذلك لا أحد من إدارة المطار يزور حماماته أو يتابع المقاول أو يطرد المقاول لسوء الخدمة التي تدفع الحكومة ثمنها. هذا مثال لكثير من مقاولات ومناقصات ومشروعات وخدمات الحكومة التي تدفع لها أضعاف ما تدفعه أي دولة أخرى، والناتج النهائي أسوأ بكثير من أي دولة أخرى. • قصة الأسفلت الذي تحفره المياه أو تتطاير محتوياته لم نسمع بها إلا في الكويت، وهذه المشكلة تضعنا أمام احتمالين؛ أولهما أن هذا الأسفلت من النوع الرديء، والثاني أن ماء الكويت الذي نشربه ماء فيه من الكيماويات ما يذيب الأسفلت. وبما أن الاحتمال الثاني غير منطقي فإن الأول هو المشكلة، وقد سألت فسمعت أن مواصفات وزارة الأشغال لتعبيد الطرق هي السبب، فهي تختار أرخص أنواع "البيوتين" المادة التي تقوي تماسك الأسفلت، أي أن الوزارة قبلت نوعاً رديئاً يسبب زوال الأسفلت بسرعة مع ازدياد حركة السيارات، كما أنه يتأثر بالمياه ويذوب كما لو كان تراباً. المشكلة أن الوزارة جربت الأنواع الأفضل، وعندها طرق قاومت مدة أطول، لكن الوزارة رضخت وترضخ لمبدأ سيئ من مبادئ المناقصات الحكومية، وهو تفضيل السعر الأرخص. وما لم نضع الجودة في مقدمة شروط البناء والصيانة في كل أعمال الحكومة ومقاولاتها فلن نحصد إلا هذه المهازل التي تتكرر أمامنا.• الجودة في شروط مشروعات الحكومة والخدمات التي تقدمها مفقودة، وذلك لسبب واضح يكاد يجمع الناس على أسبابه. المناقصات عندنا لا ترسى على من يقدم أفضل جودة، وإنما لمن تم اختياره قبل دخول المنافسة، إما لأنه من نادي المحظوظين، أو لأنهم يقدمون له فرصة مقابل خدمات أخرى، أو لأن المنافسة لم تكن شريفة من الأصل، وتم وضع شروطها بالأصل، لتوافق بضاعته أو إمكانياته، أو أنه دفع المقسوم لفاسدين في الجهة، طالبة العروض ليحصل على المناقصة أو المشروع، لذلك لا نرى تنفيذاً جيداً ولا متابعة جادة.• هذه عينة فقط مما يجري في وطننا العزيز، كتب وتكتب عنها مؤلفات تستصرخ أعتى القلوب، لكن عمك أصمخ، يردد أن الكويتيين لا هم لهم ولا عمل إلا التذمر، فلا يرى ولا يريد أن يرى طريق الصلاح.