بعد إبلاغه بنتائج «إعلان موسكو» الثلاثي، الذي تضمن تطمينات ببقائه في السلطة، مع تنازله على صلاحيات لمصلحة حكومة انتقالية، أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن تحرير مدينة حلب ليس انتصارا لنظامه فقط، بل لكل من يسهم بمحاربة الإرهاب، خصوصاً إيران وروسيا.

وخلال استقباله مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أنصاري، شدد الأسد على أن «تحرير حلب هو انتكاسة لكل الدول المعادية للشعب السوري، والتي استخدمت الإرهاب وسيلة لتحقيق مصالحها»، مشددا على أن الانتصارات الميدانية «خطوة أساسية في طريق القضاء على الإرهاب وتوفير الظروف الملائمة لإيجاد حل ينهي الحرب».

Ad

وقبل لقائه الأسد، بحث أنصاري في دمشق على مدار يومين تطورات الأزمة في ضوء نتائج اجتماعات وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران في موسكو يوم الثلاثاء، مبينا أن «حل الأزمة يرتكز على المواجهة القصوى لكل المجموعات المتطرفة، ثم العودة إلى تحقيق إرادة الشعب السوري الحرة والمستقلة من خلال حوار داخلي بين السوريين».

وفي موسكو، أعلن نائب وزير الخارجية أن المباحثات الروسية - التركية - الإيرانية لا تتضمن أي جدول أعمال سري، مشيرا إلى أن مصير الأسد غير مطروح في هذه المباحثات الثلاثية، وتركيزها انصب على قضايا حلب وتدمر والوضع الإنساني، وكذلك المسائل المتعلقة باستئناف العملية السياسية.

عمليات حلب

ووسط ترقب لإعلان نظام الأسد استعادته مدينة حلب بالكامل، تواصل أمس المراحل الأخيرة لعملية إجلاء مقاتلين ومدنيين من آخر جيب في حلب الشرقية، مرورا من منطقة الراموسة باتجاه مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الريف الغربي.

وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إنجي صدقي: «خرج خلال ليل الأربعاء - الخميس في واحدة من آخر مراحل الإجلاء أكثر من 4 آلاف مقاتل في سيارات خاصة، حافلات صغيرة وشاحنات صغيرة من شرق حلب»، موضحة أنه ستستمر «طوال النهار والليل وعلى الأغلب غدا الجمعة (اليوم) أيضاً، وبشكل أبطأ عما كان متوقعا، بسبب الطقس السيئ، من ثلوج وعواصف، فضلا عن الحالة السيئة للآليات».

وفي منطقة الراشدين، انطلقت 4 حافلات من الفوعة وكفريا، اثنتان منها باتجاه حلب، بحسب اتفاق روسي - تركي - إيراني، ينص في أول مرحلتين منه على خروج كل المحاصرين من شرق حلب مقابل خروج 2500 شخص من البلدتين المواليتين للنظام.

وإذ اعتبر مبعوث الأمم المتحدة، ستيفان ديميستورا، أن يوم أمس كان حاسماً في إجلاء المدنيين والمقاتلين، حذر من أن تصبح إدلب هي التالية مع ذهاب الكثيرين إليها، إن لم يتم التوصل لتسوية سياسية حدد موعدها في 8 فبراير المقبل بجنيف.

وفي مؤتمر صحافي مع رئيس مجموعة العمل الإنسانية، يان إيغلاند، أكد ديميستورا أن 15 بلدة سورية لاتزال محاصرة «وعلينا إيصال المساعدات إليها».

جرائم حرب

في المقابل، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس الأول، تشكيل مجموعة عمل مهمتها جمع أدلة حول جرائم حرب في سورية، وهي الخطوة الأولى على طريق ملاحقة المسؤولين عن ذلك أمام القضاء.

وتبنت الجمعية العامة النص، الذي تقدمت به ليشتنشتاين برعاية 58 دولة بينها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا والمانيا، الى جانب تركيا والسعودية وقطر، ويقضي بوضع آلية للتحقيق بأغلبية 105 أصوات مقابل 15 دولة، صوتت ضده و52 امتنعت عن التصويت.

وسيعمل فريق العمل بتنسيق وثيق مع لجنة تحقيق شكلتها الأمم المتحدة في 2011، وأحالت العديد من التقارير المفصلة بفظاعات مرتكبة منذ بداية النزاع الذي أوقع أكثر من 310 آلاف قتيل. وجمعت هيئات أخرى وثائق ولوائح شهود وفيديوهات يمكن أن تستخدم في قضايا ضد المسؤولين عن الجرائم.

وفي حين اعتبرت سفيرة ليشتنشتاين لدى الأمم المتحدة، كريستينا فينافيسير، أمام الجمعية العامة، أن القرار سيعوض عن فشل مجلس الأمن في إحالة هؤلاء المسؤولين عن جرائم خطيرة أمام القضاء، حمل السفير السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري بعنف عليه، معتبرا أنه مخالف لميثاق الأمم المتحدة ويشكل «تدخلا فاضحا في الشؤون الداخلية لدولة عضو في الأمم المتحدة».

خسائر تركية

وفي أنقرة، أبدى رئيس الوزراء بن علي يلديريم، أمس، تصميم تركيا على مواصلة عملية «درع الفرات»، رغم ارتفاع خسائر قواتها في هجمات شنها «داعش» في محيط بلدة الباب إلى 36 جنديا.

وشهد الجيش التركي، أمس الأول، اليوم الأكثر دموية منذ بدء تدخله في سورية قبل 4 أشهر، مع مقتل 14 جنديا وإصابة 33 بينهم 6 في حالة خطرة في سلسلة هجمات تبناها التنظيم في محيط معقله بلدة الباب، حيث يحاول مقاتلو المعارضة السورية المدعومة من أنقرة طردهم منها.

معركة الرقة

في موازاة ذلك، حققت قوات سورية الديمقراطية (قسد) المدعومة أميركيا، تقدما في ريف محافظة الرقة، أبرز معقل «داعش»، وباتت على بعد كيلومترات من أكبر سجن يديره التنظيم، ويرجح أن به سجناء بارزين ورهائن غربين معتقلون.

ووفق مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن فإن «قسد» سيطرت على عشرات القرى والمزارع، وباتت على بعد نحو 8 كيلومترات عن سد الفرات، الواقع على «بعد 500 متر من مدينة الطبقة الاستراتيجية، حيث يقيم أبرز قياديي التنظيم». كما يبعد نحو 50 كيلومترا عن مدينة الرقة.