يعيش الثنائي في فيلم Nocturnal Animals في مزرعة معاصرة تبدو فارغة وباردة مثل علاقتهما. تتذمر سوزان من وضعها أمام صديقتها وتقول لها إن ضميرها يؤنّبها لأنها لا تشعر بالسعادة، ما يعكس مشكلة الأثرياء البيض في كل مكان!ثم تتلقى طرداً بريدياً: يرسل لها زوجها السابق إدوارد (جيك غيلينهال) الذي لم تقابله منذ 19 سنة نسخة من روايته الجديدة التي يهديها لها، فتجلب قطّاعة الورق لفتح المغلّف. في تلك الليلة، تضع سوزان نظارات قراءة باهظة (ستشعر بأنها تساوي ثمن سيارتك!) وتغوص في القراءة.
في هذه المرحلة يبدأ الكاتب والمخرج توم فورد فيلماً جديداً. يصطحب طوني (يؤدي دوره غيلينهال أيضاً) زوجته (إيلا فيشر) وابنته (إيلي بامبر) في رحلة باتجاه غرب تكساس. يصادفون في طريقهم عصابة تريد افتعال المشاكل. حتى أن أحدهم (آرون تايلور جونسون) يستمتع بتعذيب العائلة والسخرية منها. ويريد طوني حماية عائلته بأي ثمن. يبدو المشهد طويلاً وتصعب مشاهدته. حتى سوزان لا تستطيع تحمّله لذا ترمي الكتاب بطريقة مسرحية وكأنه يحرق يديها. من الواضح أنها تتأثر بما تقرأه!
منمق ونرجسي
Nocturnal Animals ثاني عمل يُخرِجه فورد، المصمّم المشهور الذي كان يعمل في دار {غوتشي} قبل أن يتحوّل إلى مخرج. صدر فيلمه الأول، A Single Man (رجل عازب)، في عام 2009 وكان عبارة عن دراما غنية حيث اضطر كولين فيرث الذي ترشّح لجائزة أوسكار عن دور أستاذ جامعي يخفي ميوله الجنسية إلى التنافس مع أسلوب فورد الإخراجي البارز. أما Nocturnal Animals فيرتكز على رواية الراحل أوستن رايت، Tony and Susan، ويبدو العمل منمّقاً ونرجسياً من الناحية البصرية. لو كان الفيلم شخصاً، لاستمر بتأمّل نفسه في المرآة لأن كل جزء من الإخراج يهدف إلى تسليط الضوء على النواحي التقنية دون سواها! ألا تبدو تلك الكنبة الحمراء المغطاة بالجثث جميلة؟ سنرى المشهد مجدداً نظراً إلى الرمزية التي يحملها.يعجز فورد عن عرض لقطة عادية لذا لا يبدو Nocturnal Animals مملاً في أي لحظة. لكن يذكّرنا أسلوبه بأعمال المخرجين الآخرين كلهم، بدءاً من ديفيد لينش ودوغلاس سيرك وصولاً إلى توبي هوبر، لذا يخفق في رسم خط خاص به. إنه تقليد غير نافع!يتنقّل Nocturnal Animals بين ثلاثة خطوط متزامنة: الحاضر والماضي والحكاية المرعبة داخل الرواية. يخلط بينها فورد الذي كتب السيناريو أيضاً في الأوقات المناسبة. من الناحية الفكرية، كان يُفترض أن ينجح الفيلم. لكن تتراجع فرص نجاحه عملياً ولا تستحق الأسئلة المحيّرة التي يطرحها في النهاية العناء. تظهر أسماء المشاركين في الفيلم فوق لقطات يتحرك فيها راقصون بدينون في منتصف العمر بإيقاع بطيء وتركّز الأضواء القوية على أجسامهم العارية. تبدو هذه الصور صادمة وسرعان ما ندرك أنها بلا معنى كونها تعكس بكل بساطة أحدث عرض في معرض سوزان الفاشل. ينتمي الفيلم إلى فئة الأعمال الفاشلة نفسها!