مفهوم الابتكار

نشر في 24-12-2016
آخر تحديث 24-12-2016 | 00:05
 نور فيصل الشريفي قال تعالى "أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19)". (الغاشية)، في هذه الآيات الكريمة، خاطب الله سبحانه وتعالى العقل البشري، كل وفق مقدرته، بدعوته إلى التأمل للوصول إلى تمام الخلق ومعرفة الخالق، ومنذ بداية الحياة على الأرض نجد هذا المفهوم قاد العالم إلى حضارات عظيمة.

ولعل الحديث عن عظماء التأمل يقودنا إلى أينشتاين ونيوتن، فالأول لم يخترع الجاذبية إلا أنه اكتشفها، وكذلك الحال عند نيوتن، فهو لم يخترع العلاقة بين الطاقة والكتلة وسرعة الضوء بل اكتشفها أيضاً.

العلاقة بين التأمل والابتكار ظلت حاضرة، فمع كل أزمة أو مشكلة أو احتياج تجد علماء الإدارة والاقتصاد يبحثون عن وسائل للإبداع إلى أن توصلوا لمفهوم الابتكار، حيث أطلقوا عليه مجموعة من التعريفات والنماذج، تدور جميعها في فلك المقدرة على تطوير الأفكار أو الأعمال أو التصاميم والأساليب أو أي شيء آخر يقود إلى طريقة أفضل أكثر للاستخدام والجدوى منه.

بداية انطلاقة مفهوم الابتكار جاءت من المفكر ستامب، عندما أراد معرفة الفرق بين الابتكار والاختراع في عام ١٩٢٩، ثم تلاه جوزيف شومبيتر عندما عرف الابتكار بأنه تطبيق أو احتضان الاختراع.

ومع هذا لم يكن تعريف الابتكار ليقف عند ذلك الحد، بل أضيف إليه عنوان آخر هو "الابتكار المفتوح" الذي يحث على الانفتاح على الأفكار الخارجية التي يمكن للمؤسسات استقطابها، فضلاً عن الأفكار الداخلية. ولتقريب الصورة نجد الشركات العالمية تلجأ إلى هذا الحل كوسيلة لتعزيز انتشارها، ولنوضح أكثر مفهوم الابتكار المفتوح فإنه من الممكن مقارنته بفكرة GNU/Linux الذي يسمح للمستخدمين بالمشاركة في التطوير والتعديل والتشغيل والتوزيع، مستخدماً الابتكار كوسيلة للانتشار.

منذ عرف الإنسان أهمية تطوير النظم الإدارية وهو يبحث عن تعزيز فرص التواجد وتحقيق أعلى مستوى من الكفاءة والتنافس، لذلك لجأ إلى الكثير من المفاهيم الإدارية كإدارة المواهب وهندسة الإجراءات والجودة أو ما يعرف حالياً بنظام "الأيزو"، إلا أن بريق الابتكار يظل الأكثر تأثيراً وجذباً في عالم الإدارة والاقتصاد والمعرفة.

لم تعد المنافسة بين المؤسسات الاقتصادية والتعليمية كما كانت في السابق نتيجة لقوة وشدة التنافس بينها، ولذلك لجأت إلى تكريس قيمة الابتكار كوسيلة تضاف إلى مفاهيم الجودة والإبداع لجذب وتحسين الخدمات للوصول إلى إرضاء وكسب المزيد من العملاء والجمهور.

 الابتكار أسلوب حياة تفرضه الحاجة، ويبدأ بالتأمل البسيط وغير المركب، ثم خلق فرص تنافسية تعزز قيمة الإبداع، وبمفهوم آخر هو عملة عقلية أساسها الإحساس بالمشكلة من خلال استقلال الدوافع الذاتية والبيئية المادية والمعنوية نحو تحقيق النجاح والازدهار.

* باحثة دكتوراه بجامعة الخليج العربي

back to top