سحبت مصر أمس مشروع قرار إدانة الاستيطان الإسرائيلي من التداول نهائياً، وعلى الفور أعادت أربعة دول غير عربية هي فنزويلا وماليزيا ونيوزيلاندا والسنغال تقديمه للتصويت عليه في مجلس الأمن، بحسب وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي.

وفي تحرك نادر لرئيس منتخب لم يتول منصبه رسمياً بعد، أجرى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، اتصالاً هاتفياً بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مساء أمس الأول، وبحسب بيان للرئاسة المصرية صدر أمس، فإن الاتصال تناول مستقبل العلاقات بين القاهرة وواشنطن بعد تولي إدارة ترامب مقاليد الأمور الشهر المقبل، فضلاً عن تناول مشروع القرار المصري المطروح أمام مجلس الأمن حول الاستيطان الإسرائيلي، والذي تم تأجيله بناء على طلب مصري، بحجة استكمال المشاورات مع الدول العربية.

Ad

وأبدى ترامب تطلعه لزيارة الرئيس السيسي واشنطن في القريب العاجل لتبادل الرؤى بين البلدين، حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية، كذلك تجاه قضية السلام في الشرق الأوسط، واتفق الرئيسان على أهمية إتاحة الفرصة للإدارة الأميركية الجديدة للتعامل بشكل متكامل مع جميع أبعاد القضية الفلسطينية، بهدف تحقيق تسوية شاملة ونهائية لهذه القضية.

وكان مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة طلب أمس الأول، تأجيل التصويت على مشروع قرار قدمته مصر إلى مجلس الأمن حول إدانة الاستيطان الإسرائيلي، وقالت مصادر إسرائيلية لوكالة "رويترز" للأنباء، إن حكومة بنيامين نتنياهو طلبت من ترامب ممارسة ضغوط لتفادي موافقة مجلس الأمن على مسودة قرار ينتقد الاستيطان الإسرائيلي.

ودفع التحرك المصري، أربع دول أعضاء في المجلس، هي نيوزيلندا وفنزويلا وماليزيا والسنغال، لتقديم مذكرة لمصر تطالبها فيها بإيضاح موقفها من دعوتها للتصويت على مشروع القرار، مع احتفاظ هذه الدول بحق طرح هذه الدعوة، ما سبب حرجاً إضافيا ًللدبلوماسية المصرية.

إعادة إحياء

في المقابل، قال مصدر دبلوماسي مصري، إن الموقف المصري

لايحمل أي معنى للتراجع، وأن الأمر يقتصر على إتاحة الفرصة لمزيد من النقاش مع الدول العربية حول مشروع القرار، مؤكداً لـ"الجريدة"، أن هناك مكاسب عدة حققتها الدبلوماسية المصرية منها إعادة طرح القضية الفلسطينية للنقاش الدولي، وإحياء مبادرة الرئيس السيسي التي أطلقها في مايو الماضي، والداعية لإجراء محادثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

بدوره، قال مصدر رفيع المستوى لـ"الجريدة"، إن ترامب لعب دور الوسيط بين مصر وإسرائيل لسحب مشروع القرار، إذ تعهد بوقف الاستيطان بشكل مؤقت، لكن دون اللجوء إلى المحفل الدولي، مع إعطاء القاهرة الضوء الأخضر في قيادة عملية إحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإذا حققت القاهرة نجاحاً في المفاوضات، ربما ينتهي الأمر بلقاء في واشنطن بين الطرفين برعاية أميركية مصرية.

وبينما عبر حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي، عن استيائه واستنكاره في بيان رسمي للموقف المصري في مجلس الأمن، سادت موجة من الاستياء الشعبي على مواقع التواصل الاجتماعي، التي شجبت موقف الدبلوماسية المصرية في مجلس الأمن.

ووصف الكاتب والمحلل السياسي عبدالله السناوي، الموقف المصري بـ "غير المفهوم وغير المبرر وغير المقنع"، مضيفاً في تصريحات

لـ"الجريدة": "التحرك المصري مخجل، ولا يليق بالدولة المصرية، كان على القاهرة أن تستغل الامتناع الأميركي عن التصويت ضد القرار، وتحقيق نصر معنوي للقضية الفلسطينية".

قانون الاستثمار

في غضون ذلك، تعافى رئيس الحكومة شريف إسماعيل من وعكته الصحية، التي ألمت به فجأة أمس الأول، أثناء مشاركته الرئيس السيسي جولة لافتتاح عدة مشروعات بالمجمع الطبي للقوات المسلحة بكوبري القبة، وحرص إسماعيل على ممارسة مهام منصبه بشكل طبيعي، إذ أكد أن مجلس الوزراء سيعقد اجتماعاً غداً، يناقش عدداً من الملفات في مقدمتها مشروع قانون الاستثمار، بعد أن تسلمت الحكومة ردود جهات معنية حول بنود القانون.

وأضاف إسماعيل أنه ستجرى مناقشة نهائية بشأن القانون خلال اجتماع الغد، على أن يتم استكمال الإجراءات الخاصة به من خلال إحالته إلى مجلس الدولة ثم البرلمان لإقراره نهائياً، وتسعى القاهرة إلى إنجاز قانون الاستثمار سريعاً على أمل أن ينجح في توفير بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية المتوقفة منذ سنوات.

وذهب الخبير الاقتصادي شريف الدمرداش، في تصريحات لـ"الجريدة"، إلى القول، إن السعي لإقرار قانون الاستثمار خطوة على الطريق الصحيح، مضيفاً: "القانون يزيل المعوقات أمام المستثمرين ويشجعهم على ضخ أموالهم في بنية الاقتصاد المصري، عبر تسهيل آليات العمل بالمشروعات الاستثمارية، بعيداً عن تعقيدات البيروقراطية المصرية"، متوقعاً أن يوافق البرلمان على مشروع القانون فور إحالته إليه من قبل الحكومة.

أمنياً، عقد وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار، اجتماعاً أمنياً مع مساعديه لمتابعة خطط الوزارة لتأمين المنشآت الحيوية والمواطنين خلال احتفالات أعياد الميلاد التي تبدأ في 25 ديسمبر الجاري وتنتهي في 7 يناير المقبل، مروراً باحتفالات رأس السنة، وشدد عبدالغفار على أن الوزارة ستتعامل بحزم مع أي محاولات للنيل من استقرار الوطن، مطالباً برفع حالة الاستعداد لحماية الكنائس خلال الاحتفالات.

في الأثناء، قال مصدر أمني أمس، إن رجال الأمن الوطني بالتنسيق مع مديرية أمن محافظة الغربية، ألقوا القبض على اثنين من العناصر الإرهابية، فيما لا تزال عمليات المطاردة لأربعة عناصر أخرى جارية، على خلفية ضبط مخزن متفجرات يحتوي على مواد "تي إن تي" و"سي فور".