بعد ساعات من إعلان استعادته كامل مدينة حلب، بدأت قوات الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، بتمشيط الأحياء الشرقية الأخيرة، التي كانت تحت سيطرة فصائل المعارضة، في خطوة وصفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أمر بتوسيع قاعدته البحرية في طرطوس، بالمهمة جداً «نحو حل النزاع وإعادة الوضع إلى طبيعته في سورية والمنطقة بأسرها أيضاً».وأعلن النظام ليل الخميس- الجمعة استعادته السيطرة على ثاني أهم المدن السورية كاملة بعد انتهاء إجلاء أكثر من 100 ألف من المدنيين والمقاتلين من آخر جيب كانت تسيطر عليه الفصائل المعارضة في عملية تمت بموجب اتفاق روسي إيراني تركي.
وبمجرد إعلان النظام تحرير حلب بالكامل، تحولت مناطق عدة الى ساحات احتفال، ونزل الآلاف الى الشوارع الرئيسية في الأحياء الغربية التي بقيت تحت سيطرته منذ انقسام المدينة عام 2012.ووفق وكالة «فرانس برس»، فإن قوات النظام مشطت حي السكري المدمر للكشف عما إذا ترك مقاتلو المعارضة خلفهم ألغاماً أو عبوات متفجرة وركزت العمليات على مراكز الفصائل. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنها دخلت أيضاً حيي الأنصاري والمشهد بحثاً عن ألغام أو عبوات ناسفة تمهيداً لعودة من نزح من منزله مؤخراً هرباً من القصف والمعارك ومن ترك منزله قبل سنوات حين تحولت المدينة إلى ساحة معارك رئيسية وانقسمت بين أحياء غربية وشرقية عام 2012. وفي حي بستان القصر والميسر المجاور، عملت الجرافات على رفع الأنقاض المنتشرة من الشوارع.
إجلاء ومعارك
أما في الجهة المقابلة، فكانت الأحياء الشرقية التي سيطر عليها الجيش خلال شهر شبه خالية بعدما غادرها عشرات الآلاف من سكانها هرباً من المعارك الأخيرة. وانتهت أمس الأول عملية الإجلاء التي بدأت قبل أسبوع، من آخر جيب كانت تسيطر عليه الفصائل، وفق اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مقابل إجلاء 1200 شخص، غالبيتهم نساء وأطفال وعجّز، من بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين في محافظة إدلب.وإيذاناً ببداية مبكرة للمعارك، أطلقت فصائل المعارضة في منطقة الراشدين عشر قذائف على حي الحمدانية في ريف حلب الغربي أمس، ما أدى الى مقتل ثلاثة وإصابة ثمانية، بحسب المرصد ووكالة الأنباء الرسمية (سانا).وشدد الرئيس الروسي على على ضرورة بذل «جل الجهود» لوقف «كامل» لإطلاق النار، معلناً عن موافقة نظام الأسد وإيران وتركيا على حضور محادثات السلام في أستانة عاصمة كازاخستان سعياً لحل الصراع.ولاحقاً، أعلن الكرملين أن بوتين أمر بتوقيع اتفاق مع دمشق يؤدي إلى تنظيم «المسائل المتعلقة بتوسيع أراضي منشآت الأسطول الروسي في مرفأ طرطوس وتطويرها وتحديث بناها التحتية، كذلك دخول سفن حربية روسية الى المياه والموانىء» السورية.وإذ وصف عملية إجلاء نحو مئة ألف شخص من حلب بأكبر عملية إنسانية في العالم، أدان بوتين حادث قتل سفيره لدى تركيا آندريه كارلوف، معتبراً أنها كانت محاولة لتدمير العلاقات الثنائية.انتكاسة كبيرة
واعتبر عضو المكتب السياسي في حركة «نور الدين زنكي» ياسر اليوسف، أن «خسارة حلب بالجغرافيا والسياسة هي كبيرة، وتعد منعطفاً صعباً على الجميع»، مؤكداً أن «الثورة في مرحلة انتكاسة وفقدت الكثير من زخمها العسكري لأسباب مختلفة بينها ذاتية ودولية»، مثلها «التدخل الروسي الإيراني» الداعم النظام مقابل «تخلي الدول عنا والشروط الأميركية، التي منعت الأسلحة النوعية».بدوره، اعتبر المتحدث باسم حركة أحرار الشام أحمد قره علي، أن «حلب باتت تحت الاحتلال الروسي والإيراني». وبهزيمتها في حلب، باتت الفصائل المعارضة تسيطر بشكل رئيسي على محافظة إدلب، ومناطق متفرقة في محافظة حلب وريف دمشق وجنوب البلاد.«داعش» يحرق
ومع ارتفاع عدد قتلى الغارات التركية إلى 88 في مدينة الباب رداً على خسارتها أكثر من 16 جندياً في يوم واحد، نشر تنظيم «داعش»، أمس الأول، تسجيل فيديو يظهر إحراق جنديين تركيين وهما على قيد الحياة.ويظهر الفيديو، الذي تبلغ مدته 19 دقيقة ونشرته «ولاية حلب»، جنديين عرف عن نفسيهما بالتركية أحدهما يدعى فتحي شاهين من مواليد قونية (وسط تركيا)، والثاني سفتر تاش (21 عاماً) خدم في كيليس (جنوب شرق)، وهما يرتديان بزة عسكرية داخل قفص مقيدي اليدين ومربوطين بحبل، قبل أن يتم إحراقهما حيين، في لقطات تشبه إحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، الذي أسره «داعش» بعد سقوط طائرته في سورية في ديسمبر 2014.وفي التسجيل يهاجم عنصر من التنظيم باللغة التركية الرئيس رجب طيب إردوغان، ويدعو إلى إحراق تركيا وتدميرها.