في مصنع «ستيل كيس» Steelcase بولاية ميشيغان الأميركية، استبدل ديفيد وارسن المئات من المكابس الآلية، التي يصل عمرها إلى 50 سنة بمعدات قطع تعمل بالليزر.

وعندما توقف أحد المكابس عن العمل في الآونة الأخيرة، تمكن شخص محنّك عمره 39 عاماً ويعمل كهربائياً في هذا المصنع المتخصص بإنتاج أثاث المكاتب، من تشخيص المشكلة وإصلاحها خلال دقائق معدودة.

Ad

وقد شعر رئيسه بارتياح عندما قرر وارسن، الذي سوف يبلغ الخامسة والستين في شهر فبراير المقبل، الاستفادة من برنامج الشركة للتقاعد بدلاً من التوقف عن العمل.

وعوضاً عن برنامجه السابق في العمل لستة أيام في الأسبوع بما في ذلك العديد من أيام السبت عندما كانت تتعطل خطوط الإنتاج ويتم إصلاح المعدات يعمل وارسن الآن 30 ساعة خلال أربعة أيام في الأسبوع.

ويقول ستيف كيمبكر، وهو مديرعمليات المهارة في المصنع حيث من المقرر أن يتأهل ربع عدد العمال الـ800 للتقاعد خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، «إنها خطوة فوز مؤكد لأنه يتمتع بقدر كبير من الخبرة والمهارة، التي تنقصنا ونحتاج إلى تعليم العمال الشبان، وليس عليه التوجه نحو التقاعد».

ويقول وارسن، الذي يمضي المزيد من الوقت في لعب الغولف وركوب الدراجة، إن «من شأن هذا أن يعطيني فرصة للتأمل في جدول العمل الكثيف للغاية كي أعتاد على الفصل التالي من حياتي».

ومع بلوغ 10000 من المخضرمين الخامسة والستين من العمر كل يوم، تجهد الشركات لإيجاد طرق من أجل إبطاء مغادرة الموظفين الأكثر خبرة، وضمان الاستفادة من قيامهم بنقل معرفتهم قبل أن يتركوا شركاتهم.

وتعرض شركات من أمثال ستيل كيس وفيرست هورايزون ناشيونال في ممفيس وبون سيكورس فيرجينيا هيلث سيستم في ريتشموند على عمالها الأكبر سناً وظائف بدوام نصفي وجداول عمل مرنة من أجل تسهيل انتقالهم إلى التقاعد.

وعرضت 14 في المئة من الشركات الأميركية، إما برامج تقاعد مرحلية رسمية أو غير رسمية في هذه السنة بزيادة عن النسبة التي كانت 10 في المئة فقط في عام 2012، بحسب جمعية ادارة الموارد البشرية.

ويقول بول آيرفنغ رئيس مركز معهد ميلكن لمستقبل المسنين: «هناك حاجة إلى مزيد من الشركات للقيام بهذه الخطوة إذا كانت تريد الحفاظ على أفضل ممارساتها وابتكاراتها وعلاقات العملاء، كما يوجد تقبل بين العمال الأقدم وثمة أكثرية تريد الاستمرار في العمل، لكن بطرق جديدة».

وتختلف نظم التقاعد المرحلي من شركة الى أخرى، ففي شركة بون سيكورس يستطيع الموظف المتفرغ في سن التقاعد التحول إلى جدول عمل يمتد بين 16 و24 ساعة في الأسبوع.

وفي فيرست هورايزون يستطيع الموظف بعد التقاعد خفض جدول عمله إلى ما بين 20 و30 ساعة أسبوعياً، على أن يشرف على خليفته ويلتزم بالبقاء في العمل.

ويقول جون دانييل وهو نائب رئيس تنفيذي «من المنطقي وجود فترة انتقالية بدلاً من مغادرة مفاجئة وخصوصاً بالنسبة إلى القياديين، بإمكان الموظف، الذي عمل 35 سنة أن يعمل وفق جدول مخفض إذا تم اختيار خليفة له ويستمر في تقديم الإرشاد، لدى العمال المتقاعدين عقود من الخبرة والمعرفة لا نريد أن نخسرها رغم أن إبقاءهم يكلفنا المزيد».

ومع إدراكها أنها سوف تواجه عما قريب تسونامي من تقاعد المخضرمين وخصوصاً في أقسام تقنية المعلومات والتصنيع، بدأت شركة «ستيل كيس» منذ عام 2012 بعرض تقاعد مرحلي.

وفي الوقت الراهن يحق لنحو 800 موظف يشكلون 15 في المئة من قوة العمل لديها في الولايات المتحدة الحصول على التقاعد وفقاً للسن وسنوات العمل – وقد اختار 47 منهم حتى الآن التقاعد المرحلي.

ويتعين على المعنيين اقتراح العمل، الذي يريدون القيام به – لمدة ستة أشهر على الأقل وليس أكثر من سنتين.

وحصل أحد المديرين على موافقة للعمل ليوم واحد في الأسبوع من أجل إتمام مشروع مع الإشراف على عمل خليفته.

وتتطلب هذه الترتيبات تعديلات من الموظفين المخضرمين والمديرين. وفي ستيل كيسز كان يتعين على الكهربائي وارسن الاعتياد على أنه ليس المقصود عندما تحدث مشكلة، ويقول إنه يشعر في بعض الأوقات أنه خارج سياق الإدارة «والجزء الجيد هو رؤية الآخرين يتولون المهمة والأمر أشبه بترك الأب إبنه يمضي بمفرده».

ولم يتفق هو ورئيسه بشكل مبدئي على جدوله. وقد أراد المغادرة في وقت مبكر في أيام الخميس وأخذ أيام الجمعة عطلة، ويقول كيمبكر «إن ذلك لم يناسب مسار عملنا».

واتفق الاثنان في النهاية على أن يعطل وارسن أيام الاثنين وأن يحصل على عطلة نهاية الأسبوع لثلاثة أيام مع وجوده في المصنع في الأيام الأكثر عملاً.

ويشكل الاحتفاظ بموظفين قدماء من ذوي المهارة مسألة مهمة للغاية بالنسبة الى كيمبكر. ولدى المصنع الذي يصنع أكثر من 5000 مكتب وطاولة وخزانة يومياً برنامج تدريب للألفية، لكن ثمة نقصاً في عمال الجيل متوسط العمر.

ويقول كيمبكر الذي لديه ثلاثة عمال في نطاق التقاعد المرحلي: «لدينا فجوة كبيرة في الوسط، لذلك يتعين علينا إبقاء الأشخاص الموهوبين في حقبة الستينيات من العمر فترة أطول قليلاً، وذلك أشبه بعملية صيانة معدات، وليس في وسعك إغماض عينك عن المشكلة وانتظار تعطلها».