قد يخوض الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب حرباً تجارية من دون محاولة القيام بذلك في مناسبة ما، مع ذكرى مرور 15 عاماً على انضمام الصين الى عضوية منظمة التجارة العالمية.

وكانت الصين تتوقع في مثل ذلك الذكرى الانتهاء من السمة القانونية التي تعتبرها "دولة خارج الأسواق"، ومن ثم الحصول على صفة "اقتصاد سوق"، وقد رفضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الموافقة على منح بكين ذلك الوضع، وفي 12 ديسمبر ردت الصين بالقول: سوف نلتقي أمام المحاكم.

Ad

ومن المتوقع أن تركز المعركة على الصياغة التي تضمنتها الاتفاقية الأصلية، ويشعر كل من الجانبين الأميركي والصيني بثقة في كسب هذه المعركة، في وقت تنقسم آراء الخبراء حول هذه الحالة، كما أن منظمة التجارة العالمية لا تقدم تعريفاً واضحاً لجملة "اقتصاد السوق" اضافة الى أن الصياغة القانونية الغامضة لا توفر أي مساعدة في هذا الشأن.

ويتمحور جوهر الخلاف حول الطريقة التي يستخدمها أعضاء منظمة التجارة الدولية من أجل حماية صناعاتهم في وجه المستوردات الصينية الرخيصة، وعبر الزعم بأن الشركات الصينية تتمتع بائتمان مساعدات وطاقة ومواد أولية وضعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي شريحة رسوم لمكافحة الإغراق بنسبة 7 في المئة و5 في المئة على التوالي في ما يتعلق بالمستوردات الصينية.

وقد أعطت اتفاقية الترحيب بعضوية الصين في منظمة التجارة العالمية الأعضاء الآخرين فيها الترخيص لمعاملة بكين على شكل اقتصاد غير سوقي حتى الحادي عشر من شهر ديسمبر الجاري، وكان هذا يعني أن في وسع اولئك الأعضاء تجاهل الأسعار المحلية الصينية في تحديد القيمة الملائمة للمستوردات الصينية. وعلى سبيل المثال فإن الأسعار المكسيكية تساعد في فرض رسوم بنسبة تصل الى 48.5 في المئة على المستوردات من الاتحاد الأوروبي بالنسبة الى الدراجات الهوائية الصينية.

ومع ترجمة بكين للانضمام الى الاتفاقية الأصلية كان الوعد بأنها سوف تعامل، بعد 15 سنة، مثل أي اقتصاد سوق آخر في منظمة التجارة العالمية، وأنها لن تدان بتهمة الاغراق إلا اذا كانت أسعار الاستيراد أدنى من أسعار السلع في الصين، وكانت قراءة الولايات المتحدة هي أنه بعد الحادي عشر من ديسمبر لن تعتبر الصين بصورة آلية اقتصاداً غير سوقي، ولكن في وسع الأعضاء في منظمة التجارة العالمية استخدام استنسابهم وحريتهم ازاء كون بكين ضمن اقتصاد السوق.

ونظراً لأن الصين ليست كذلك ضمن المعايير الأميركية فإنها تستطيع الاستمرار في استخدام أسعار الطرف الثالث في حالات مكافحة الاغراق.

وتقول اللجنة الأوروبية انها مقتنعة بأنها وجدت طريقة أفضل، وفي شهر نوفمبر الماضي قدمت تلك اللجنة مقترحات من شأنها تمزيق قائمة السوق واقتصادات خارج السوق إضافة إلى استخدام طريقة "الدولة المحايدة" في حساب رسوم مكافحة الاغراق. ولكن من المرجح ألا يسعد ذلك بكين لأنه سوف يستمر في اعطاء الكثير من حرية الاستنساب والخيار بالنسبة الى أسعار الدولة الثالثة عند تحديد تلك الرسوم.

ويقر تو زنغوان، من معهد الصين لدراسات منظمة التجارة العالمية في بكين، بأن ذلك يعتبر تحسناً "ولكننا نريد تنفيذاً كاملاً لقوانين منظمة التجارة العالمية وليس نصفها فقط".

وثمة نزاع طويل أمامنا، وعلى صعيد رسمي سوف يتعين على الصين أن تنتظر صدور قرار من محكمة منظمة التجارة العالمية – وربما يبعد ذلك ما يصل الى سنتين – قبل أن تقدم على فرض رسوم عقابية، أماعلى صعيد غير رسمي فإن الصين قد تستطيع وخز شركائها التجاريين في وقت أبكر كثيراً.

هزيمة الصين في هذا الشأن سوف تمثل اذلالاً ونكوثا بالعهد، كما أن الحرب التجارية الشاملة سوف تكون مدمرة وكارثية بالنسبة الى الاقتصاد الصيني. ولكن نوعاً من الخطوات المتبادلة اللائقة المتعلقة بالحماية يبدو غير محتمل الى حد كبير في ضوء حديث دونالد ترامب المتشدد عن "أميركا أولاً" حول الجوانب التجارية.

وحتى في حال فوز الصين في المجموعة الأولية من القضايا فإن قانون منظمة التجارة العالمية لا يجبر الدول الاخرى دائماً على استخدام الأسعار الصينية المحددة في اجراءات مكافحة الاغراق، ولا يزال المدى التام المتعلق بما تستطيع تلك الدول القيام به غير مؤكد من الناحية القانونية.

ويعتقد مارك ويو، وهو مساعد بروفسور في كلية الحقوق في جامعة هارفارد، أن "ما نراه الآن هو أول طلقة في سلسلة طويلة من التقاضي".

وتتمثل الصعوبة البارزة في أن النوع المعين من رأسمالية الصين يجعل من الصعب تطبيقه في وجهة نظر السوق أو في الاقتصاد من خارج السوق، ويقول ويو إن "ذلك يجعل من الصعب حقاً بالنسبة الى منظمة التجارة العالمية الحكم في هذا النوع من القضايا"، وفي نهاية المطاف سوف تضطر هذه الدول المهمة في الاقتصاد العالمي الى التوصل الى تسوية سياسية اذا كانت تريد تجنب سنوات من الحماية المدمرة والتنافسية، وبالنسبة إلى الوقت الراهن فإن مثل تلك التسوية تبدو غير محتملة.

وفي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد يبدو من الواضح أن الآمال تبددت في أن تمضي الصين على طريق نحو التحول الى اقتصاد السوق، وبالنسبة الى بكين فإن على الغرب أن ينفذ وعده، وقد يحصل دونالد ترامب على حرب تجارية من دون حتى أن يحاول القيام بذلك.