سورية: ممالك متحاربة... ومنصة للإرهاب تهدد استقرار
المنطقة وأمن العالم
ودعت سورية عاماً آخر من المعاناة والقتل والتشريد، وباتت على أبواب سنة جديدة ستكون لا محالة عبئاً جديداً، خصوصاً على شكل الدولة، الذي تراجع أكثر فأكثر لمصلحة مجموعة ممالك متحاربة يصعب على أي طرف فيها حسم المعركة لمصلحته.ومع اقتراب الحرب من إكمال عامها السادس، تحولت سورية بشكل أكبر إلى منصة تهدد استقرار المنطقة وأمن العالم، وتجلت فيها سيناريوهات لحرب عالمية ثالثة، في ظل تسارع القوى الكبرى، بعد عزوف ترك فراغاً ملأه المتطرفون من كل طيف ومكان، في حشد قواتها لتحقيق أكبر مكاسب على حساب الشعب السوري ومعاناته، ومباركة من نظام أدرك أنه مهما فعل فلن يستعيد زمام مكان أو مبادرة في معركة. وشهد مطلع هذا العام أكبر إنجاز دبلوماسي لوقف الحرب المستمرة في سورية منذ مارس 2011، مع سريان أول هدنة واسعة، شهد اليوم الأول لتطبيقها وقفاً لإطلاق النار شمل المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام السوري وفصائل المعارضة على حد سواء، في حين تواصلت عمليات القصف في أخرى لم يشملها الاتفاق الأميركي- الروسي، أبرزها حماة. والمفارقة، أن شهر أغسطس، الذي حددته الأمم المتحدة موعداً لتنفيذ خريطة طريق تشمل تشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة أشهر، ثم كتابة دستور جديد وانتخابات تحت رعايتها في غضون 18 شهراً، شهد أكبر تحولات عسكرية وتزاحمت فيه الأحداث، خصوصاً في منتصفه الأخير، بدءاً من نشر الروس قاذفات استراتيجية في قاعدة همدان بإيران وتوجيه ضربات لسورية منها، ومروراً بتسليم الأسد الحسكة للأكراد، وتبعتها تركيا بإطلاق عملية غير مسبوقة تحت اسم «درع الفرات» لتطهير حدودها، وأخيراً وليس آخرا إجبار أهالي داريا على رفع راية الاستسلام وتهجيرهم منها.
وفي ظل مواصلة النظام وحلفائه على التناوب في إعلان الهدن، ثم خرقها حتى انهيارها بشكل كامل، تبددت الآمال في إيجاد حل سياسي، واعتمدت روسيا التي أعلنت في الربع الأول من العام سحب الجزء الأكبر من قواتها، الخيار العسكري لحسم معركة حلب، قبل أن توسع نطاق عملياتها ليشمل حملة كبرى على إدلب وحمص، شاركت فيه لأول مرة في تاريخ الأسطول حاملة الطائرات «أميرال كوزنتسوف».
هدنة فبراير... أكبر إنجاز دبلوماسي
في أكبر إنجاز دبلوماسي لوقف الحرب المستمرة في سورية منذ مارس 2011، بدأ منتصف ليل 27 فبراير 2016 سريان أول هدنة واسعة، توقف في يومها الأول إطلاق النار بالمناطق الواقعة تحت سيطرة النظام السوري والمعارضة على حد سواء، وتواصلت في أخرى لم يشملها الاتفاق الأميركي- الروسي، أبرزها حماة.ونعِم سكان المناطق السورية المشمولة بوقف إطلاق النار بصباح هادئ، "وتفاديا لأي أخطاء"، أوقف الجيش الروسي جميع طلعاته الجوية، التزاماً بالهدنة المعلنة.سحب القوات الروسية
في 14 مارس 2016، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسحب القسم الأكبر من القوات العسكرية المنتشرة في سورية منذ 30 سبتمبر، في إعلان مفاجئ تزامن مع جولة جديدة من مفاوضات جنيف.«داعش» يخسر تدمر
في 27 مارس 2016، مني تنظيم "داعش" بأكبر هزيمة منذ إعلانه "دولة الخلافة" في منتصف 2014 مع طرده من مدينة تدمر الأثرية في وسط سورية، وخسارته أكثر من 400 مقاتل في معركة أعادت زمام المبادرة لنظام الأسد، وفتحت طريقه إلى منطقة البادية الممتدة إلى الحدود العراقية ومحافظتي دير الزور والرقة، اللتين تعهد بتحريرهما.27 مجزرة
في أبريل، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان وقوع 27 مجزرة في المحافظات السورية أسفرت عن مقتل 298 شخصاً، بينهم 78 طفلا و34 امرأة، أي إن نسبة النساء والأطفال منها بلغت 38 في المئة، نفذت منها القوات الحكومية وحلفاؤها 19 والقوات الروسية 4، في حين ارتكبت فصائل المعارضة ثلاث مجازر، وقوات التحالف الدولي "واحدة".«جنيف 3» وخطة الانتقال
في أول اجتماع لها في فيينا منذ إعلان اتفاق وقف إطلاق النار المتداعي في سورية، حاولت في 18 مايو مجموعة الدعم الدولية برئاسة الولايات المتحدة وروسيا وعضوية 17 بلدا وثلاث منظمات دولية، وضع الأمور المنفلتة على المسار الصحيح عبر تثبيت الهدنة وإيصال المساعدات كخطوة تمهيدية لإعادة إطلاق مفاوضات "جنيف 3" وتسريع الانتقال السياسي، وفق خريطة طريق توصلت إليها نهاية العام الماضي ووافق عليها مجلس الأمن.تفجيرات «السيدة»
ضربت سلسلة تفجيرات تبناها "داعش"، صباح 11 يونيو 2016، منطقة السيدة زينب بضواحي دمشق المحصنة أمنياً، والتي تعتبر معقلاً للميليشيات العراقية والإيرانية الموالية للنظام السوري، ما أسفر عن مقتل 120 وإصابة أكثر من 200، في وقت استهدفت غارة خاطئة وحدة مدربة من المعارضة المعتدلة المدعومة أميركيا في إدلب.الأسد يقطع الكاستيلو
في 17 يوليو، أحكم الأسد حصاره لحلب الشرقية، بعد تمكنه بشكل كامل من قطع طريق الكاستيلو، آخر منفذ للمنطقة التي يقطنها عشرات آلاف المواطنين.الجولاني يكشف وجهه
في 28 يوليو، كشف زعيم جبهة النصرة أبومحمد الجولاني، لأول مرة، عن وجهه وأعلن في تسجيل مصور فك الارتباط عن تنظيم القاعدة، وتغيير اسم جماعته إلى "جبهة فتح الشام"، مؤكدا أن ذلك جاء "نزولا عند رغبة أهل الشام في دفع ذرائع المجتمع الدولي، وعلى رأسه أميركا وروسيا، في قصفهم وتشريدهم بحجة استهداف قاعدة الجهاد".روسيا تقصف من إيران
للمرة الأولى، انطلقت قاذفات استراتيجية روسية في 16 أغسطس 2016 من قاعدة همدان بإيران، ووجهت ضربات مكثفة إلى مواقع في محافظات حلب ودير الزور وإدلب، في تطور تزامن مع إعلان البيت الأبيض استعداده لحرب بلا نهاية في سورية.عمران يهز العالم
يوم 18 أغسطس، تصدرت صورة الطفل السوري عمران، الذي أُنقذ من تحت الأنقاض مع أخته دون عائلتهما، الصفحات الأولى في معظم الصحف، ونقلتها جميع وسائل الإعلام المختلفة. وفي هذه الصورة التي أصبحت رمزاً للرعب في سورية بدا الطفل، ذو الخمسة أعوام، مذهولاً وهو جالس على كرسي عربة الإسعاف برتقالي اللون، وكان يغطي وجهه بيده المغطاة بخليط من الدماء والتراب.الأكراد يغنمون الحسكة
في خطوة كبيرة قطعها الأكراد نحو الفدرالية، انجلى غبار معركة اشتمرت أياماً في محافظة الحسكة عن خسارة فادحة للأسد، تمثلت في تخليه يوم 23 أغسطس عن معظم مقراته الإدارية والأمنية بالمدينة، وتفكيك ميليشيا الدفاع الوطني الموالية له بأوامر روسية، مقابل وعد قطعته قوات الأسايش الكردية بوقف إطلاق النار.تركيا تتوغل في سورية
غداة تسليم النظام الحسكة لألد أعدائه داخليا وخارجيا، ممثلا في وحدات حماية الشعب الكردي و(الأسايش)، أطلقت تركيا في 24 أغسطس عملية واسعة في سورية، هدفها المعلن دعم فصائل الجيش الحر، وتطهير حدودها من "داعش"، والخفي قطع الطريق أمام طموحات الأكراد في ضم تركة التنظيم المتطرف إلى مشروع الفدرالية المعلن من جانبهم في مارس الماضي.تصفية العدناني
في أول سبتمبر، تعرض تنظيم داعش لضربة جديدة موجعة، بعد مقتل القيادي البارز، الناطق باسمه أبومحمد العدناني (39 سنة)، الذي يعد أحد أهم مهندسي هجمات الجهاديين في الغرب، في خسارة تضاف إلى إخفاقات ميدانية عدة مني بها في سورية، تنازعت موسكو وواشنطن المسؤولية عنها.مضايا تستسلم للجوع
بعد 4 أعوام من الحصار والتجويع، نجح الأسد يوم 26 أغسطس في إجبار أهالي داريا، الواقعة في الغوطة الغربية لدمشق، على رفع راية الاستسلام، وترك مدينتهم، رمز الثورة ضد نظامه، لتدخلها قواته غير منتصرة، وتستولي على ما تبقى من أنقاضها، في إطار اتفاق مع فصائل المعارضة، يقضي بخروج 700 مقاتل إلى إدلب، وتسليم أسلحتهم، و4000 من الرجال والنساء مع عائلاتهم إلى مراكز إيواء.خريطة الانتقال
في 8 سبتمبر، عرض المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات خريطة طريق لإنهاء الصراع الدائر منذ أكثر من 5 سنوات، تبدأ بمفاوضات لمدة 6 أشهر، تليها مرحلة انتقالية من 18 شهراً، يترك خلالها الرئيس بشار الأسد وزمرته السلطة لهيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة، بعدها يتم إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.خطة روسية- أميركية
مع بدء الأسطول الروسي تدريبات عسكرية واسعة في البحر المتوسط تشمل بوارج مزودة بصواريخ بعيدة المدى، كشف وزير الدفاع سيرغي شويغو في 15 أغسطس عن اعتزام موسكو وواشنطن القيام بعمل عسكري مشترك ضد المتشددين في مدينة حلب.«كوزنتيستوف» تتدخل
في 15 نوفمبر، وفيما كانت التوقعات تشير إلى أن روسيا ونظام الأسد يعدان لهجوم شامل وحاسم على حلب، فاجأت موسكو الجميع بإطلاقها عملية عسكرية في محافظتي إدلب، الواقعة خارج سيطرة النظام، وحمص التي لا تزال تضم جيوباً قليلة للفصائل المعارضة.وكشف وزير الدفاع عن مشاركة حاملة الطائرات الروسية الوحيدة "الأدميرال كوزنتيسنوف" للمرة الأولى، وشهدت إطلاق الفرقاطة الأميرال غريغوروفيتش صواريخ كاليبر المجنحة على أهداف تم تحديدها مسبقاً، تحت مراقبة طائرات استطلاع وطائرات بلا طيار.أول اختراق لحلب
في 15 نوفمبر، حققت قوات الرئيس السوري بشار الأسد أول اختراق في عمق حلب الشرقية، بعد أسبوع من تصعيد عمليات القصف بتمكنها من دخول مساكن هنانو للمرة الأولى منذ سيطرة فصائل المعارضة عليها صيف عام 2012، بعد معارك ضارية مكنتها أيضاً من انتزاع المنطقة الصناعية القديمة.قاعدة فرنسية
في 10 يونيو، كشف ناشطون ووسائل إعلام كردية عن بدء فرنسا في إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من مدينة كوباني، أسوة بالروس والأميركيين، تقع على تلة مشتنور الاستراتيجية من الجهة الجنوبية الشرقية.ضربة قاصمة للفصائل
في تحول من شأنه أن يقلب مسار الحرب، التي تسببت في مقتل 300 ألف شخص وتهجير الملايين وتدمير البنى التحتية، تلقت فصائل المعارضة السورية اعتباراً من يوم 28 نوفمبر 2016 أكبر خسارة لها منذ عام 2012 بتراجعها السريع أمام تقدم قوات النظام في حلب الشرقية وانتزاعها بالكامل وتهجير آخر سكانها بموجب اتفاق روسي تركي ايراني مساء الخميس 22 ديسمبر.