• عملتم في النيابة العامة فترة طويلة، ثم انتقلتم للعمل في المحكمة، رئيسا لمحكمة الجنايات، ثم عدتم مرة أخرى للنيابة، فهل وجدتم اختلافا؟
- نعم الفرق كبير، فالنيابة العامة، بصفتها سلطة تحقيق، دورها فحص الواقعة ودراستها، لتحديد ما إذا كانت تشكل جريمة من عدمه، وفي حالة الجريمة تجمع أفضل وأقوى الأدلة، ثم ترفع القضية للمحكمة، متى ترجحت لديها الإدانة، وهذا هو القدر المطلوب منها.أما القاضي فلا يحكم بالإدانة إلا إذا تحقق لديه اليقين على اقتراف المتهم للجريمة، لذا فإن هناك فرقا كبيرا بين رجحان الأدلة لدى النيابة واليقين والبرهان الذي يتطلبه القاضي في الأدلة.ولهذا السبب حرص النائب العام المستشار ضرار العسعوسي على تدعيم وتعزيز العمل في النيابة عبر الاستعانة ببعض القضاة واختيارهم للعمل في النيابة كمحامين عموم، لإثراء العمل في النيابة، واستشفاف نظرة القاضي بالواقعة قبل رفع القضية للمحكمة، ومن ثم سد الثغرات في الأدلة وتقويتها وعلاج أي خلل في الإجراءات قبل تقديم المتهم للمحاكمة، حتى لا تقضي المحكمة بالبراءة بسبب بعض الأخطاء الفنية.أوامر الضبط
• هل تصدر النيابة أوامر بضبط جميع المتهمين للتحقيق معهم أم يتم ذلك عبر التكليف بالحضور؟
- جرى العمل على عرض المتهمين فور ضبطهم على النيابة العامة لمباشرة التحقيق معهم، وتصدر النيابة قرارها بإلقاء القبض على المتهمين في حالة فرارهم من رجال الشرطة، أو إذا ترجح لاحقا حبسهم احتياطيا على ذمة القضية، وذلك بالنظر لنوع وجسامة الجريمة، أما عدا ذلك فيتم طلب المتهمين عبر التكليف بالحضور إذا لم تجد النيابة مبررا من اللجوء للحجز أو الحبس الاحتياطي.• هل تلجأ النيابة العامة دوما للحبس الاحتياطي في القضايا التي تعرض عليها؟
- مما لا شك فيه أن الحبس الاحتياطي كقيد على الحرية لا تتخذه النيابة العامة ضد المتهمين إلا في أضيق الحدود، عندما تتطلب مصلحة التحقيق ذلك، كالخشية من فرار المتهم أو التأثير على الأدلة، وفي بعض الأحيان يكون الحبس للحفاظ على حياة أو سلامة بعض المتهمين كما في قضايا القتل أو الشرف.قضايا المخدرات
• ما تقييمكم لقضايا الاتجار وتعاطي المخدرات؟ وهل هي في ازدياد أم في معدلها الطبيعي؟
- جرائم الاتجار وتعاطي المخدرات في ازدياد مستمر، ليس في الكويت فحسب بل على مستوى العالم كله، نظرا لظهور مواد مخدرة جديدة، وتطور أساليب التصنيع والتهريب على مستوى العالم، لذا لا يمكن بأي حال من الأحوال منع هذه الجرائم مهما ازدادت الرقابة الأمنية والتوعية، بل إن الغاية المرجوة هي تقليل العرض والحد من طلب المخدرات والمؤثرات العقلية. • ما الذي يحول دون منع دخول المواد المخدرة للبلاد خاصة أن وزارة الداخلية والإدارة العامة للجمارك تبذلان قصارى جهدهما للكشف عن هذه الآفة؟ - ثبت من الناحية العملية أنه لا يمكن منع دخول المخدرات في أي دولة بشكل نهائي، حتى وان أحكمت الدول رقابة مشددة واستعانت بأحدث السبل، لأن أسلوب تهريب المخدرات عبر الحدود في تطور دائم ومستمر، ويكاد يضاهي هذا التطور أي صناعة متطورة ومشروعة على مستوى العالم، وتجار المخدرات لا ينفكون عن تطوير وتحديث أساليب التهريب عبر الاستعانة بكثير من العقول الذكية التي قد يكون من بينهم كبار المختصين في مجالات الكيمياء ومطورون ومخترعون في مجالات معينة ويدفعون لهم أموالا طائلة في سبيل استحداث أو تطوير أي فكرة لتهريب المخدرات عبر الحدود، بما مؤداه صعوبة التنبؤ سلفا بطرق التهريب، خاصة إذا كانت الطريقة جديدة ومبتكرة، ومن أخطر وأصعب طرق التهريب التي يتم اتباعها خلط المواد المخدرة في بعض المواد الغذائية كزيت الطعام ودمجها به، وكذلك وضع الأقراص المخدرة داخل بعض الخضراوات مثل حبات البصل، حتى تنبت تلك الحبات وتستقر الأقراص المخدرة داخل تجويف البصلة، ولا يمكن اكتشافها إلا بعد تقشيرها وتقطيعها، فهذه الأساليب المخترعة وغيرها يدفع تجار المخدات أموالا كبيرة مقابلها.قضايا خارجية
• هل يعاقب القانون الكويتي على جرائم التعاطي والاتجار الواقعة خارج الكويت للمواطنين؟
- في حال تعاطى أي شخص المخدرات أو المؤثرات العقلية خارج البلاد، ودخل الكويت عبر أي من المنافذ، فإن كان المتهم كويتيا وكانت البلد التي تعاطى فيها تجرم التعاطي فيتعين محاكمته أمام القضاء الكويتي.أما المتهم الأجنبي فلا تجوز محاكمته أمام القضاء الكويتي، ويتعين تسليمه للبلاد التي ارتكب فيها ذلك الجرم، أما إذا لم تطالب الدولة الأجنبية تسليمه لها فإنه يكون من الأوفق إبعاده عن البلاد إداريا، إذ لا جدوى من بقائه فيها، خاصة إذا كان هذا الأجنبي يعاني الإدمان.• إذن ما سبب إحالة النيابة بعض المتهمين الأجانب المتعاطين للمحاكمة الجزائية إذا تم ضبطهم عند قدومهم للبلاد في المطار رغم عدم جواز محاكمتهم؟- في هذه الحالة لا يكون الأجنبي فقط في حالة تعاطي، بل إنه إضافة إلى ذلك يكون حاملا معه بعض المخدرات أو المؤثرات العقلية، إذ تجب محاكمته أمام القضاء الكويتي باعتبار أن حيازته لهذه المواد تعد جريمة مستمرة واقعة في الأراضي الكويتية، لذا فهو يعاقب عليها.• إذا كان لدى الأسرة متعاط تريد علاجه فما الوسيلة لذلك؟ وهل تنظم النيابة العامة طريقا لتلقي هذه الشكاوى؟ - مما لا شك فيه أن مدمن المخدرات أو المؤثرات العقلية مريض يستحق العلاج، الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود نحو علاجه من هذه الآفة، بما يتعين الإبلاغ عن أي مدمن بشرط قبل ضبطه من قبل الشرطة عن طريق شكوى الإدمان التي تقدم للنيابة العامة سواء من قبل المدمن مباشرة أو أحد أفراد أسرته، ويودع على أثر ذلك في مركز علاج الإدمان لتلقي العلاج اللازم من هذه الآفة، وتجدر الإشارة إلى أنه لا تقام الدعوى الجنائية على المدمن في هذه الحالة، وتتعامل النيابة مع شكاوى الإدمان بطريقة آمنة وسرية، لتحقيق الغاية التشريعية من وراء تقرير هذه الحماية.• هل تشرف النيابة على مركز علاج الإدمان؟
- نيابة التنفيذ الجنائي والتعاون الدولي تشرف بشكل مباشر على مركز علاج الإدمان، وتتابع بشكل مستمر سير العمل هناك، باعتباره من أحد الأماكن التي تنفذ بها التدابير القضائية.أنواع المخدرات
• هل كل أنواع المخدرات بالكويت مجرمة؟ وهل تم إدراج مادة الكيميكال الشهيرة وما يرتبط بها في جدول وزارة الصحة؟
- حتى منتصف هذا العام تم إدراج كل المخدرات والمؤثرات العقلية المتداولة والمعروفة في جدولي وزارة الصحة بما مؤداه معاقبة أي شخص يثبت تناوله أيا من هذه المواد، وآخرها إدراج مادة الكيميكال أو المعروفة بالسبايس، إذ تم إدراجها في الجدول الملحق بقانون مكافحة المؤثرات العقلية عملا بقرار وزير الصحة الصادر في 26 أكتوبر الماضي.• هل هناك نسبة للاتجار بالمخدرات أو الخمور؟ أم ان ضبط أي كمية تعتبر من قبيل الاتجار؟
- الاتجار بالمخدرات أو الخمور يختلف عن التجارة المشروعة المتعارف عليها لدى الناس من وجوب كبر كمية البضاعة والاعتماد عليها كمصدر للربح والدخل، لذا فإنه نظرا لخطورة المخدرات والمؤثرات العقلية والخمور ولضررها البالغ على الأفراد والمجتمع بأسره فإن الأحكام الجزائية استقرت على أن بيع أي قدر قليل ولمرة واحدة من الخمور أو المخدرات أو المؤثرات العقلية، حتى وإن كانت جرامات محدودة من المخدرات أو قنينة مفردة من الخمور فإن هذا البائع في حالة ضبطه بالجرم المشهود يأخذ وصف الاتجار المعاقب عليه قانونا.نقاط التفتيش
• بالنسبة لبعض نقاط التفتيش المنتشرة في الشوارع، هل يحق لرجال الشرطة تفتيش السيارات أو طلب فتح الصندوق الخلفي "الدبة"؟
- لا يحق لرجال الشرطة تفتيش أي سيارة أو الأمر بفتح صندوقها ما لم يكن قائد السيارة أو أحد مرافقيه في حالة تلبس في جريمة، كما لا يكفي التلبس وحده للتفتيش، بل يجب أن يكون هناك إضافة إليه مبرر وحاجة لتفتيش السيارة تبعا لنوع الجريمة وخطورتها، وما إذا كانت هناك أشياء أو أدوات متصلة بها من عدمه، وأما عدا ذلك فلا يجوز تفتيش أي سيارة خاصة دون إذن من جهة التحقيق، لأن السيارة تتمتع بحرمة وحرمتها متصلة بقائدها، وفي حالة مخالفة هذا الحظر يبطل أي تفتيش حتى وإن تم العثور على مخدرات في السيارة.• يكثر دائما الحديث عن الأحكام الصادرة بالبراءات في قضايا المخدرات فهل لديكم تفسير لذلك؟
- نعم الأسباب واضحة، ويمكن التقليل من هذه الأحكام بشكل كبير جدا إذا تم تلافي الأخطاء الإجرائية.• ما تلك الأخطاء ومن المسؤول عنها؟
- في البداية أود أن أؤكد أن وزارة الداخلية تبذل جهودا كبيرة لمكافحة المخدرات، وضبط تلك الجرائم، لكن هناك أخطاء جسيمة ترتكب في قضايا المخدرات وقت الضبط من قبل بعض الإدارات في الوزارة، نظرا لقلة خبرة العاملين بها في إجراءات الضبط، الأمر الذي يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش، ومن ثم صدور أحكام بالبراءة، وفي نهاية المطاف فإن ضحية هذه الأخطاء هو المجتمع بعد إفلات المجرمين من العقاب.ضبطيات صحيحة
• ما تلك الإدارات؟ وما نوع الأخطاء التي تقع منهم؟
- لوحظ أن ضبطيات المخدرات التي تباشرها الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والإدارة العامة للمباحث الجنائية صحيحة وسليمة من الناحية الإجرائية، وتأخذ بها المحاكم، نظرا لاستصدار إذن من النيابة العامة قبل الضبط، أو أن تكون الجريمة في حالة تلبس، ولرجال المباحث العاملين في هاتين الإدارتين خبرة كبيرة في التعامل مع مثل هذه الحالات، نظرا لتواصلهم الدائم مع النيابة العامة قبل الضبط وبعده.لذا، فإن نسبة أحكام البراءة في ضبطيات هاتين الإدارتين، بسبب بطلان الإجراءات، قد لا تتجاوز 10 في المئة على أكثر تقدير. في المقابل، لوحظ أن ضبطيات المخدرات التي تباشرها الدوريات، سواء التابعة للنجدة أو الأمن العام أو المرور، أغلبها توجد بها أخطاء إجرائية جسيمة تؤدي إلى بطلان الإجراءات، ومن ثم صدور أحكام بالبراءة. لذا، فإن الأحكام الصادرة في الإدانة من وراء ضبطيات المخدرات العائدة لهذه الإدارات قليلة جدا، وعادة لا يبذل دفاع المتهمين أمام المحكمة في هذه الضبطيات أي مجهود إضافي للحصول على حكم بالبراءة، لوضوح الأخطاء الإجرائية، واستقرار الأحكام الجزائية على تقرير البطلان بسبب هذه الأخطاء.• ما تلك الأخطاء؟ وهل يمكن تلافيها في ضبطيات الدوريات؟
- هي أخطاء كثيرة، ولا يمكن حصرها في هذا المقام، لكن من أهمها، أن يتم القبض على بعض الأشخاص، وأن يثبت رجال الدوريات في محضر الإحالة أن المتهم كان في حالة غير طبيعية، دون أن يوضح مظاهر هذه الحالة ويفصلها، حسبما شاهد، ودون أن يبين سبب تلك الحالة، وما إذا كانت عائدة لحالة مرضية أو لاحتمال أن يكون الشخص في حالة تعاط أو تناوله شرابا مسكرا، أو أن يتم تفتيش أحد الأشخاص دون أن يثبت سبب هذا التفتيش والغاية من ورائه، لأن التفتيش له مبررات وصور محددة في القانون، وخاصة أن الاشتباه وحده أو كون الشخص في حالة غير طبيعية فقط لا يبرر التفتيش، ما لم يكن المتهم في حالة تلبس.فالمحاكم تقضي بالبراءة فورا في هذه الحالات وغيرها، رغم ثبوت تعاطي المتهم، أو العثور معه على مواد مخدرة، بسبب عدم مراعاة الإجراءات وقت الضبط.وبالمناسبة، تتجسد الخطورة إذا كان الشخص المقبوض عليه أجنبيا ويتاجر بالمخدرات، وضُبطت معه مواد مخدرة كبيرة، فيحصل على حكم بالبراءة، ويبقى موجودا في البلاد، بعد الحكم الصادر بحقه، وقد يعود للإجرام مرة أخرى، ويعيث في الأرض فسادا.وأود أن أؤكد أن هذه الإشكالات تقع فقط في ضبطيات المخدرات أو الخمور، لحساسية ودقة الإجراءات في هذه الجرائم. أما عدا ذلك من جرائم عادية، أو في حالة ضبط مطلوبين، فإن جميع رجال الدوريات يؤدون عملهم على أكمل وجه، وتكون إجراءاتهم في الغالب صحيحة.دورات قانونية
• وما الحل في نظركم؟
- أن يتلقى رجال الشرطة، وخصوصا العاملين في النجدة والمرور والأمن العام، دورات قانونية مكثفة ومستمرة في سلامة إجراءات الضبط في قضايا المخدرات، وأن يكون تقييمهم على مدى معرفتهم وتطبيقهم هذه الإجراءات.أعتقد أن معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية من أفضل الجهات في الدولة خبرة ودراية في هذا المجال، وخاصة أن لديه الكوادر القضائية ذات الخبرة العالية، إضافة إلى المقدرة الفنية على تنظيم هذه الدورات في أي وقت.• هل هناك نوع معين من المخدرات منتشر في البلاد؟
- يعد الحشيش من أكثر المواد انتشارا بين أوساط المتعاطين، تليها مادة المثيامفيتامين المؤثرة عقليا، وهي أيضا من المواد المتداولة بقوة في السنوات الأخيرة، وهي منشطة، وتعرف باسم الشبو أو الكريستال ميث أو الأيس، نظرا لتشابهها الكبير مع الثلج أو الملح الخشن، لهذا السبب يسهل تهريبها من الخارج.ويعد الشبو أكثر مصطلح دارج بأسواق المخدرات والمدمنين، وهذه المادة شديدة التأثير على جسم الإنسان، وتكمن خطورتها في أن الشخص يمكن أن يدمنها بمجرد تعاطيها مرة أو مرتين، فيتولد لديه الإحساس بأنه ليس هناك أي متعة في الحياة دون الشبو، نظرا لإحساس السعادة الوهمية التي يشعر بها حين أخذ الجرعة، ولذا، فإن الشبو أخطر عشرات المرات من الهيروين والكوكايين، فضلا على أنه أرخص قيمة من هاتين المادتين، ويمكن لجرعة قليلة منه أن تعطي تأثيرا أكبر وأسرع من المواد المخدرة المعروفة قديما، كالكوكايين، لهذه الأسباب انتشرت هذه المادة بسرعة في البلاد.• وكيف يمكن اكتشاف مدمن الشبو؟
- هناك نصيحة تنتشر في الدول التي يلتهم الشبو شبابها، وهي "إذا رأيت خلفك سيارة مسرعة وأنت تقود سيارتك، وكانت تلك السيارة تضيء لك الأنوار بجنون، فافسح لها الطريق، فقد يكون قائدها متعاطيا للشبو، وإن لم تفعل فقد يصدمك أو يوقفك ليقتلك"، ومن أهم علامات متعاطي الشبو، العصبية الزائدة والعدوانية الشديدة، بسبب شعوره المفرط بالقوة، ويكون المتعاطي بحالة هوس ونشاط زائد ونشوة زائفة، لهذا تقع بشكل يومي مشاجرات، ويتبين أن بعض أطراف المشاجرة تحت تأثير الشبو.مفجر مسجد الصادق
• بالمناسبة، هل صحيح أن الانتحاري الذي فجَّر مسجد الأمام الصادق كان متناولا هذه المادة وقت التفجير؟
- نعم، فقد ثبت ذلك بعد فحص أشلائه، ويعود سبب تعاطي ذلك الانتحاري الشبو، أنه من بين اثارها المباشرة زيادة مشاعر القوة والثقة بالنفس.