قال عضو مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية، الرئيس السابق لاتحاد المصارف الكويتية، عبد المجيد الشطي إن هناك عوامل ستؤثر على اسعار النفط خلال الفترة المقبلة، من أهمها النمو الاقتصادي العالمي، والطاقة الانتاجية للدول المصدرة للنفط، ومدى تطور انتاجية النفط والغاز الصخري، ومدى تطور مصادر الطاقة البديلة والتقدم التقني والتكنولوجي في مجال الطاقة، موضحاً انه من الصعب التنبؤ بدقة بأسعار النفط.

وأوضح الشطي، خلال الندوة التي اقامتها كلية العلوم الادارية بعنوان «التحديات الاقتصادية في ظل تطورات اسواق النفط العالمية»، أن «علينا ان نكون مستعدين لجميع الاحتمالات»، لافتاً إلى ان هناك الكثير من المحللين توقعوا ان تتراوح اسعار النفط خلال العام القادم من 50 إلى 70 دولار للبرميل.

Ad

وأضاف أن الاعتماد على النفط الصخري يتعلق بمدى التطور التكنولوجي في استخراجه، حيث كلما زاد الاستثمار في هذه التكنولوجيا انخفضت تكلفة استخراجه، متوقعا أن تنخفض هذه التكلفة خلال الفترة المقبلة بشكل كبير.

تاريخ «أوبك»

وقام الشطي خلال الندوة باستعراض ملخص تاريخي عن «أوبك»، التي تأسسست في سبتمبر 1960 في بغداد وكانت الكويت من الدول المؤسسة لها، بالاضافة إلى السعودية والعراق وايران، وفنزويلا، وكان هدفها المعلن هو حماية مصالح الدول الاعضاء، ثم انضمت لها عدد من الدول لتصل الان إلى 14 دولة، حيث انضمت كل من قطر 1961، وليبيا 1962، والامارات 1967، والجزائر 1969، ونيجيريا 1971، والاكوادور 1973، والغابون 1975، وأنغولا 2007.

يذكر أن إندونسيا انضمت في عام 1962، ثم جمدت عضويتها في 2009، ثم عادت في 2016، ومن ثم انسحبت في نوفمبر من نفس العام لأنها لم تعد دولة مصدرة للنفط.

وأضاف الشطي أنه في عقد الستينيات بدأت المفاوضات مع الشركات العالمية للحصول على شروط وأسعار أفضل، موضحاً انه خلال السبعينيات شهد تطورات كبيرة في السوق النفطي مع بروز قوة الدول المصدرة للنفط، والمطالبة بأسعار أفضل ونسبة أكبر من الايرادات النفطية، وكانت اهم المحطات في تلك الفترة كالتالي:

• المقاطعة العربية للتصدير عام 1973 بسبب حرب أكتوبر، والتي تضاعف على اثرها اسعار النفط.

• تأميم النفط وإلغاء الاتفاقيات مع الشركات النفطية متعددة الجنسيات العملاقة.

• أمّمت الكويت النفط عام 1975، وكانت بداية المفاوضات في بداية السبعينيات.

• الثورة الايرانية والاطاحة بشاه ايران في 1979.

• انشاء منظمة الطاقة الدولة سنة 1974 لمواجهة تحديات سوق النفط.

• أعلنت الولايات المتحدة عن برنامج استقلالية الطاقة في عام 1974.

وزاد الشطي بأن الثمانينيات شهدت الحرب العراقية الايرانية والتي استمرت 8 سنوات، كما شهدت حرب الانتاج مع انخفاض الطلب على النفط وعدم الالتزام بالاتفاق على حصص الانتاج، فقررت السعودية ودول الخليج الاخرى زيادة الانتاج، والذي أدى إلى تدهور أسعار النفط بشكل حاد.

وقال إن التسعينيات شهدت غزو العراق للكويت في عام 1990، اما في القرن الحالي ومنذ عام 2000 فقد شهدت الساحة النفطية العديد من العوامل التي اثرت عليها منها الربيع العربي والصراعات الاقليمية، وتخفيض اميركا لواردتها من النفط وخاصة من دول أوبك، وصعود الصين ودول الاقتصادات الناشئة لتصبح السوق الرئيسي للنفط.

فاعلية المنظمة

وتحدث الشطي عن فاعلية منظمة اوبك ومدى الالتزام بقراراتها، مبيناً ان التصويت على القرارات في المنظمة يجب ان يكون بالاجماع وإذا اعترضت دولة واحدة يتم الغاء القرار وهو امر حد من امكانيات المنظمة.

وأشار إلى أنه في فترات زيادة العرض يتم العمل بسياسة توزيع الحصص، إلا أن غياب آلية فرض الالتزام في اتفاقيات توزيع الحصص تؤثر بشكل كبير على فاعلية قراراتها، كما أن للخلافات السياسية تأثيراً سلبياً على عمل المنظمة، خصوصاً إذا كانت هذه الخلافات بين الدول الاعضاء، مشدداً على أهمية منظمة أوبك، رغم كل هذه التحديات.

استراتيجية مؤسسة البترول

وحول التوجهات الاستراتيجية لمؤسسة البترول الكويتي قال الشطي إن المؤسسة تسعى إلى زيادة معدل الطاقة الإنتاجية المستدامة للنفط الخام ليبلغ 4 ملايين برميل يومياً عام 2020، والوصول تدريجيا إلى معدل طاقة انتاجية مستدامة للغاز الحر يصل إلى 2.5 مليون قدم مكعب في عام 2030.

وأضاف انها تسعى ايضا إلى التوسع في الطاقة التكريرية في دولة الكويت لتصل إلى 1.4 مليون برميل يومياً، مع التوسع في نشاط البتروكيماويات داخل وخارج الكويت، والتوسع في الطاقة التكريرية خارج الكويت، مع المحافظة على اسطول الناقلات البحري لتلبية الغطاء الاستراتيجي طويل الامد.

وزاد بأن من اهم التوجهات للمؤسسة تلبية احتياجات الطاقة المحلية، كما أن الانفاق الرأسمالي خلال الخمس سنوات القادمة سيبلغ 34.5 مليار دينار.

مؤشرات نفطية

واستعرض الشطي موقع الكويت خليجياً من بعض المؤشرات الاقتصادية مثل الناتج المحلي، والذي ارتفع من 86.5 مليار دولار في عام 2011 إلى 148.9 مليار دولار في 2016، وذلك بعد ارتفاعها في 2012 و2013 و2014 إلى مستوى أعلى من 170 مليار دولار، ثم انخفاضه في 2015 إلى 134.5 مليار دولار.

كما أشار إلى أن نسبة مساهمة الايرادات النفطية في الناتج المحلي للكويت بلغت 67.9 في المئة مقابل 28.5 في المئة لدولة الامارات، كما بلغت نسبة الصادرات النفطية إلى اجمالي الصادرات في الكويت نحو 95.1 في المئة مقابل 36.8 في المئة لدولة الامارات، موضحاً أنه اتخذ من الامارات مثالاً للدول التي تقوم بتنويع مصادر الدخل، وذلك رغم أن الكويت تتحدث عن تنويع مصادر الدخل منذ عام 1960.

وأشار الشطي إلى ارتفاع سعر النفط المطلوب لتوازن الميزانية العامة من 28 دولاراً للبرميل في 2009 إلى 53.3 دولاراً للبرميل في عام 2015.

سوق العمل

وحول التوظيف وسوق العمل، قال إن ايجاد فرص عمل للمواطنين من اهم التحديات المستقبلية للدولة، لاسيما انه يجب توفير نحو 150 ألف وظيفة للخريجين الجدد خلال الاربع سنوات القادمة، موضحاً أن الإنفاق الحكومي على المشاريع الضخمة لم يترجم إلى توظيف للعمالة الكويتية، فبالرغم من خلق عدد كبير من الفرص الوظيفية فإن معظمها ذهبت للعمالة غير الكويتية.

وأضاف أن التحدى هو كيف نشجع الكويتيين على العمل في القطاع الخاص دون زيادة في التكلفة، موضحاً أن زيادة أعداد الكويتيين في القطاع الحكومة سيزيد من البيروقراطية ومن ثم سيزيد الفساد، مشدداً على ضرورة إزالة التشوهات السعرية في سوق العمل التي يسببها نظام الكفيل وسلم الاجور في القطاع العام.

منظومة الدعم والضرائب

وحول منظومة الدعم الحالية، قال الشطي إن النظام الحالي غير عادل وتنقصه الكفاءة والعدالة في التوزيع كما يشجع على الهدر والاسراف ويؤدي إلى تشوهات سعرية، مؤكداً ضرورة أن يكون الدعم موجهاً لخدمة الاقتصاد وتوفير الامن الاجتماعي للمحتاجين.

ووجه الشطي كلمة إلى الشباب: «لا تسمعوا كلام النواب الذين يقولون ان المواطن لا يتحمل شيئا، فالمواطن عليه أن يتحمل مسؤولياته تجاه وطنه».

وعن منظومة الضرائب والرسوم، قال إن الضرائب والرسوم تعتبر من أهم مصادر الدخل وتنويعه في معظم دول العالم، حيث يجب ان تستخدم الضريبة كأداة مهمة في السياسية المالية، مشيرا إلى ان دول الخليج اتفقت على البدء بفرض ضريبة القيمة المضافة مؤخرا.

وأضاف أنه بسبب غياب الضريبة لا تستفيد الكويت كثيرا من النمو الاقتصادي، مشيرا إلى أنه لا فائدة للضريبة بدون نمو اقتصادي، موضحاً أنه يجب انشاء منظومة ضريبية متكاملة في الكويت تشمل بالاضافة للعقوبات الرادعة للمتخلفين إعفاءات ضريبية لتشجيع اعمال الخير والتبرعات خاصة للتعليم والصحة.

المجرن: مغريات للدول بعدم الالتزام بقرار «أوبك»

قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت د. عباس المجرن إن القرار الذي اتخذته «أوبك» في اجتماعها بالجزائر، بالاضافة إلى قرارها الناتج من اجتماعها مع الدول المنتجة الاخرى، لم يحدث أي تأثير حتى الآن، خاصة انه سيتم تطبيقه في 2017، ملمحاً إلى أنه عند تنفيذه قد لا يحقق الهدف المرجو منه، لاسيما مع الخلفية التاريخية للدول الاعضاء في «اوبك» بعدم التزامها بالحصص المقررة.

وأضاف المجرن أن هناك مغريات للدول بعدم الالتزام، خصوصا انه كلما انخفضت الإيرادات النفطية للدولة سعت إلى زيادة انتاجها لتعويض هذا الانخفاض، مشيراً إلى أن الالتزام سيكون ضعيفاً ايضا للدول خارج «اوبك»، بالاضافة إلى عدد من الملفات الاخرى مثل ملف النفط الصخري والدول العائدة للانتاج مثل العراق وإيران وليبيا وفنزويلا، والتي تريد تعويض إنتاجها للفترات السابقة، معربا عن عدم تفاؤله خلال الفترة المقبلة.