تكالبت الضغوط على الفلاح المصري خلال الفترة الأخيرة، في ظل تدهور اقتصاد البلاد، وتراجع جدوى الزراعة، وانخفاض أسعار توريد المحاصيل من المزارعين إلى الحكومة، مما دفع فلاحين إلى هجر مهنة الزراعة، ولجوء بعضهم إلى تبوير الأراضي في محاولة لتحويلها إلى أراضي بناء، وهي أعلى سعراً في كثير من المناطق المزدحمة سكانياً في محافظات الوجهين القبلي والبحري.وضاعف أزمات الفلاح مشكلات أخرى كانت الحكومة سبباً مباشراً فيها، أبرزها عدم التأمين عليهم، وعدم توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي بأسعار مدعومة حكومياً، وارتفاع أسعار الأسمدة، ولم يتم أيضاً تطبيق نظام الزراعات التعاقدية على كل المحاصيل الاستراتيجية لضمان تسويقها كلها، فضلا عن فشل الدولة في القضاء على الحلقة الوسيطة في عملية التسويق التي تحتكر ربح المحاصيل.
وقال الخبير الزراعي محمود عمارة، إن السياسات الزراعية الفاشلة التي تنتهجها الحكومات المتوالية سبب رئيسي في تراجع الزراعة في مصر، لأنها تقف عائقاً أمام الفلاح، الذي يتحمل أعباء كثيرة على كاهله، آخرها زيادة أسعار الأسمدة، بجانب عدم توفير التقاوي العالية الإنتاجية، وانخفاض مقابل توريد الكثير من المحاصيل مثل الأرز والقمح، مضيفاً لـ"الجريدة": هذه السياسات وراء هجر المزارعين لأراضيهم وبيعها أو البناء عليها لعدم التفات الدولة إلى بناء مساكن شعبية في القرى بأسعار مناسبة.وقال أستاذ الاقتصاد الزراعي في جامعة بنها زكريا الحداد، إن قلة الدعم الذي يحصل عليه الفلاح وما يتكبده من خسائر نتيجة صعوبات متلاحقة، جعلت الوضع الزراعي في مصر أليماً بما سيدفع الفلاح إلى التخلي عن أرضه الزراعية ببيعها أو تبويرها، لافتاً إلى أن أعداد المنضمين إلى كليات الزراعة في تناقص مستمر.وقال أمين الفلاحين بحزب "الوفد" الليبرالي محمد فراج، إنه منذ ثورة يناير 2011 زادت أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي خمسة أضعاف، وأضحى الناتج من المحصول لا يغطي تكاليفه، والدولة تخلت عن دورها في تسلم بعض المحاصيل الاستراتيجية المهمة.من جانبه، طالب الخبير السابق في معهد بحوث الاقتصاد الزراعي إبراهيم غانم، الدولة بإعادة النظر في دورها تجاه دعم الفلاح من خلال تفعيل دور بنك التنمية والائتمان الزراعي الذي تخلى عن دوره في توفير مستلزمات الفلاحين من الأسمدة والتقاوي والمبيدات.
دوليات
أزمات اقتصادية تجبر فلاحين على هجر الأراضي
27-12-2016