شيزوفرينيا الأوضاع السائدة في بلداننا أفرزت كوارث أكثرها خطورة أن أعداداً كبيرة من الكُتاب يكتبون أشياء لا يؤمنون بها، بل يؤمنون بعكسها تماماً!

فبعض الكُتاب يخرج على الناس بمقالات يدمجها بالمديح والثناء على قادة وزعماء، ويطلق عليهم من الصفات والألقاب، ما يختزل فيها سقراط، وهيجل، وفولتير، وآينشتاين... بل يقزم كل عباقرة العالم أمامهم... وهو يعلم أن من يتحدث عنهم يندر أن يفتح الواحد منهم كتاباً!

Ad

ففي الوقت الذي شاعت فيه هذه الظاهرة في بلداننا، نجد في العالم الحر، والديمقراطي، مقالاً واحداً لكاتبٍ يطيح رئيس أعظم الدول وأقواها... كما حدث لريتشارد نيكسون رئيس أميركا... عقب مقال الصحافي بوب ودورد.

***

• هذه المقدمة فرضت نفسها، لأنني بصدد حوار صحافي مع نفسي، فإذا لقيت للتجربة صدى، فسأجعل منها مقالاً أسبوعياً... ولست أول من ابتكر هذه الفكرة، فقد سبقني إليها كثيرون، أجانب وعرب.

***

• كيف تُقيّم ما تكتبه في جريدة "الجريدة" من خلال ما يصل إليك من ردود أفعال؟

- ككاتب... أعتبر أن ما أكتبه بذرة أغرس فيها ثماراً، وأن هناك من ينتظر حصد هذه الثمار، وبغير هذا التوجه سأضيّع وقتي ووقت القارئ.

• ألا تعتقد أن هناك من يرى ثمارك عسيرة الهضم؟

- نعم... هذا النمط من القراء يرى الحياة كلها عسيرة عليه، فهو يريد العيش في عصر غير عصره... جلباب قصير، ولحية طويلة، ومسواك... ويظن أنه يتخذ من نبي الرحمة أسوته الحسنة، وهذا ما لا يرضاه نبي الرحمة.

• وهل أنت تقف حائلاً بينه وبين حريته فيما يفعل؟

- حاشا لله أن يقف إنسان بوجه حرية إنسان، لكن عندما يتم الخلط بين تعليمات حزبية سياسية لتُفرض على الناس، وإذا لم يطبقوها اعتُبروا خارج العقيدة، وكفرة، وخوارج، إلى آخر هذه النعوت... ثم ينتهي الأمر إلى الأحزمة الناسفة، والسيارات المتفجرة، والذبح، فهنا علينا أن نتصدى لكل هذا الإجرام الإرهابي "المشرعن" زوراً وبهتاناً.

• ولكن هؤلاء يمثلون مساحة كبيرة في الوطن العربي وهم الآن الشغل الشاغل للعالم كله لا للعرب فقط.

- أنا واثق من نهايتهم... والتاريخ أمامنا، فباباوات روما، ومحاكم التفتيش كانوا أكثر دموية وبطشاً من هؤلاء في كل قارة أوروبا... فماذا كانت النتيجة؟... ها هي أوروبا بعد ردود أفعال الشعوب تحفل بالحريات والديمقراطيات، وأصبح التخلف في خبر كان، ونحن قريبون من هذه النهاية حتماً بعون الله. أكتفي بهذا القدر.