واجه القطاع المصرفي خلال 2016 العديد من التحديات والمتغيرات الداخلية والخارجية التي أدت إلى تذبذب أدائه، فمنذ بداية العام، ومع التراجع أسعار النفط ظهر تراجع البيئة التشغيلية بشكل واضح بسبب تخفيض الإنفاق وتأخر الحكومة في طرح مشاريع جديدة، وزيادة الأزمات السياسية والاقتصادية في دول المنطقة وتأثيرها على البنوك الكويتية التي لديها وحدات مصرفية تعمل في دول شهدت تطورات سياسية واقتصادية خلال العام الحالي.

إضافة لذلك زادت الجهات الرقابية وفي مقدمتها بنك الكويت المركزي من تشددها في الرقابة على القطاع عبر إصداره عدداً من الاجراءات الوقائية لمنع حدوث أي مخالفة على مستوى القروض الاستهلاكية التي زاد نموها بشكل كبير، وعلى الرغم من صعوبة البيئة التشغيلية على البنوك إلا ان التصنيفات الائتمانية لها مازلت مستقرة وتؤكد تمتع القطاع المصرفي بالقوة والسلامة بشكل عام.

Ad

"الجريدة" حصرت أهم المحطات التي أثرت بشكل مباشر على القطاع المصرفي في 2016، والتي قد تمتد تداعياتها إلى 2017، وكانت كالتالي:

%143.5 زيادة في إصدارات الدين العام

شهد إجمالي الاصدارات التي قامت بها الحكومة لأدوات الدين العام ارتفاعاً ملحوظاً خلال 2016 من حيث العدد والحجم ليرتفع اجمالي قيمتها بنسبة 143.5 في المئة، حيث بلغ حجم 33 إصدارا حكوميا من بداية يناير حتى نهاية شهر نوفمبر الماضي نحو 2.8 مليار دينار، وقامت البنوك بالاكتتاب في هذه الاصدارات بـ10.853 مليارات دينار بتغطية بلغت 3.9 مرات، وذلك مقابل 23 إصداراً العام الماضي بلغ اجماليها 1.15 مليار دينار بتغطية بلغت 5.21 مرات، حيث قامت البنوك بالاكتتاب بـ5.997 مليارات دينار.

وتأتي هذه الإصدارات تلبية لاحتياجات البنوك في الإصدارات طويلة الأجل وتنويع أدوات الدين العام، وتوفير التمويل اللازم للحكومة لمواجهة عجز الموازنة.

وشهدت 2016 طرح 5 إصدارات بمدد كبيرة تتراوح ما بين 5 و7 سنوات بقيمة بلغت 350 مليون دينار، حيث حققت هذه الاصدارات نجاحا واضحاً وتمت تغطيتهم اكثر من مرة.

وكان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية وزير النفط بالوكالة أنس الصالح قد قال إن طرح السندات الدولية سيكون مطلع 2017، بحجم يصل إلى 3 مليارات دينار، لسد عجز الموازنة ولأغراض مالية واقتصادية اخرى، وذلك بالتنسيق مع بنوك عالمية.

وأكد أن تطوير سوق السندات والصكوك أصبح في الوقت الحالي يشكل مطلباً أساسياً لاستكمال مقومات وجود أسواق رأسمال متطورة في الكويت، من حيث البنية المؤسسية والأدوات، بما يعزز الدور المحوري لها في العملية التنموية والاستخدام الأمثل للمدخرات الوطنية.

استقرار التصنيفات الائتمانية

رغم انخفاض أسعار النفط ولجوء دول الخليج إلى الاجراءات الاصلاحية انخفضت التصنيفات الائتمانية لبعض الدول المنطقة وهي السعودية وعمان والبحرين، في حين استقر التصنيف المالي للكويت وقطر والامارات عند AA، وذلك حسب تصنيف مؤشر ستنادر آند بورز لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يؤكد على الوضع المالي المتين للكويت، وذلك رغم الاختلالات الهيكلية التي تعانيها الكويت.

ومن جانب آخر، حافظت البنوك المحلية على تصنيفاتها الائتمانية المرتفعة، بكل معايير التصنيف خاصة بما تتمتع به من ملاءة مالية قوية وسيولة كبيرة ورؤوس أموال كبيرة.

تكييش القروض

مع استمرار ظاهرة "تكييش القروض"، أو "صيرفة الظل" عمل بنك الكويت المركزي بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة على وضع قائمة بحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تقوم بالتسويق لـ"تكييش القروض" وتجديدها، وذلك لتسليمها إلى الجهات الرقابية والأمنية للتدخل لإيقاف نشاط هذه الحسابات وإحالة أصحابها إلى التحقيق، وذلك لحماية المواطنين من عمليات النصب والاحتيال التي قد يتعرضها لها نتيجة انسياقهم لمثل هذه الاعلانات.

وخلال 2016 بدأت ظاهرة جديدة مع انتشار اعلانات منح ضمانات بنكية واعتمادات مستندية وخطابات القدرة المالية من بنوك أميركية وأوربية للحصول على قروض من البنوك المحلية، وذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الصحف والجرائد الاعلانية.

وتنص المادة 59 من القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت وتنظيم المهنة المصرفية وتعديلاته على انه "لا يجوز لغير المؤسسات المسجلة في سجل البنوك أن تمارس المهنة المصرفية أو ان تستعمل في عنوانها التجاري او نشراتها أو اعلاناتها تعبير بنك أو مصرف أو مصرفي أو صاحب مصرف أو اي عبارة أخرى قد يؤدي استعمالها إلى تضليل الجمهور حول طبيعة المؤسسة.

انخفاض تمويل الورادات

تزامناً مع بعض القرارات التي اتخذتها الدولة خلال الفترة السابقة للحد من السلوك الانفاقي، شهدت تمويلات البنوك المحلية الموجهة إلى الواردات انخفاضاً ملحوظاً خلال التسعة الأشهر الاولى من العام الحالي بنسبة بلغت 30.3 في المئة لتنخفض من 404.1 ملايين دينار في نهاية ديسمبر 2015 إلى 281.7 مليون دينار نهاية سبتمبر 2016.

وانخفضت الاعتمادات المستندية المقدمة بنسبة 47.3 في المئة لتنخفض قيمتها من 251.2 مليون دينار إلى 132.4 مليونا، كما انخفضت قيمة بوالص التحصيل من 35.9 مليون دينار إلى 22.1 مليوناً بنسبة 38.4 في المئة، في حين ارتفع بند أومر الدفع الأخرى بنسبة 8.6 في المئة ليرتفع من 117 مليون دينار إلى 127.1 مليوناً.

وشهد إجمالي التمويلات الموجهة للورادت ارتفاعاً في اشهر مارس ومايو وأغسطس بقيم: 315.9 مليون دينار و324.6 مليون دينار و339.3 مليون دينار على التوالي، في حين كان أعلى انخفاض لهذه التمويلات في شهر يوليو، حيث بلغت قيمتها فيه نحو 237.3 مليون دينار.

وكان قطاع السيارات هو أكثر القطاعات التي تأثرت بانخفاض الطلب عليها، خاصة مع انخفاض الطلب على السيارات الفارهة.

المعاملات الائتمانية

شهدت المعاملات الائتمانية عن طريق البطاقات البنكية البلاستيكية نمواً واضحاً خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، لترتفع بنسبة 4.34 في المئة مقارنة بالفترة نفسها خلال عام 2015، لترتفع من 14.892 مليار دينار نهاية سبتمبر 2015 إلى 15.539 ملياراً بنهاية سبتمبر 2016.

وارتفعت قيم هذه التعاملات داخل الكويت بنسبة 8.3 في المئة لترتفع من 13.947 مليار دينار إلى 14.528 مليارا بزيادة 580.7 مليون دينار، في المقابل زادت هذه التعاملات بنسبة 15.11 في المئة خارج الكويت لترتفع من 944.9 مليون دينار إلى 1.011 مليار دينار بزيادة 66.5 مليون دينار.

صندوق الأسرة

أظهرت آخر إحصائية للبنوك المديرة لصندوق دعم الاسرة أن المستفدين من الصندوق بلغ عددهم 18.133 ألف مواطن قاموا بتقديم معاملاتهم، وتمت الموافقة عليه، وذلك حتى نهاية شهر نوفمبر الماضي، وبلغ عدد المعاملات التي لم يبت بشأنها حتى تاريخة 1208 معاملات، ليبلغ إجمالي عدد المتقدمين بطلبات للاستفادة من الصندوق 20.15 ألف متقدم.

وبلغت قيمة الإقرارات الموثقة بوزارة العدل ضمن الصندوق 393.5 مليون دينار وبلغ عددها 16.286 الف اقرار، ويشمل صندوق الأسرة القروض الاستهلاكية والمقسطة لجميع المواطنين الذين اقترضوا قبل عام 2008 من البنوك وشركات التمويل التقليدية، ويتولى مراجعة وفحص ملفات القروض الاستهلاكية والمقسطة التي ينطبق عليها شروط وضوابط الاستفادة من صندوق الأسرة 7 مكاتب محاسبة قامت وزارة المالية بالتعاقد معها بهذا الشأن.

التحديات المستمرة في 2017

يرى مصرفيون أن وضع البنوك الكويتية في ٢٠١٧ لن يكون سهلا بسبب تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي مع التوقعات التي تشير إلى عدم استمرار اسعار النفط على ارتفاعاتها، حيث قد تتراجع، بالإضافة إلى عدم وضوح الرؤية للأوضاع السياسية عالميا وإقليميا.

أيضاً من بين الأمور التي قد تؤثر مستقبلا على وضع الاقتصاد العالمي تصريحات الرئيس الأميريكي المنتخب دونالد ترامب بأنه سيقوم بحفر الكثير من الآبار للاستغناء عن استيراد النفط، مما يؤثر على مستويات الأسعار بالتراجع مجددا.

%4 نمو الودائع

شهدت ودائع العملاء (القطاع الحكومي أو القطاع الخاص) لدى البنوك المحلية ارتفاعاً ملحوظاً خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة بلغت 4.08 في المئة، بزيادة بلغت 1.71 مليار دينار خلال ستة أشهر، لترتفع من 41.829 مليار دينار نهاية شهر ديسمبر 2015 إلى 43.54 مليار دينار نهاية يونيو 2016.

رفع الفائدة

شهدت نهاية العام الحالي قيام البنك الفيدرالي الأميركي برفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة، والذي لم يكن مفاجئاً للأسواق، بل كان أمراً متوقعاً، وهو ما ظهر من سرعة رد فعل العديد من البنوك المركزية على مستوى العالم، والتي عمدت إلى رفع معدلات سعر الخصم لديها خلال وقت قياسي بعيد صدور القرار، حيث قام بنك الكويت المركزي ايضا برفع 0.25 في المئة، ويتوقع اقتصاديون قيام الفيدرالي الأميركي بإصدار ثلاث قرارات اخرى برفع الفائدة خلال 2017.

أزمة الفواتير... التزام القلة

شهد 2016 زيادة الجدل حول أزمة «الفواتير» المطلوبة من عملاء البنوك الحاصلين على قروض وتمويلات استهلاكية ومقسطة، حيث دعت البنوك عملائها وحثتهم على الالتزام بتقديم فواتير تصل نسبتها إلى 80 في المئة من قيمة القرض او التمويل الذي تم الحصول عليه، وذلك حتى لا يخالف تعليمات بنك الكويت المركزي بهذا الشأن.

وكانت نسبة قليلة من العملاء هم من قاموا بتقديم فواتير، اما النسبة الأكبر، فلم تقدم اي فواتير حتى بعد انقضاء عام كامل على حصولهم على القرض او التمويل، على الرغم من انه يتعين على العميل تقديم الفواتير التي تؤكد استخدام قرضه في الغرض المخصص له خلال ستة اشهر فقط.

وتدرس البنوك عددا من الاجراءات التي قد تتخذها مع العملاء المخالفين والذين لم يقدموا فواتير بعد انتهاء المهلة الممنوحة إليه، لافتة إلى ان من ضمن هذه الاجراءات وضع اسماء العملاء المخالفين ضمن قائمة سوداء على شبكة المعلومات الائتمانية تمهيدا لعدم منحهم اي قروض او تمويلات اخرى.

وأثرت هذه الأزمة على نمو القروض الاستهلاكية في الوقت الذي تسعى فيه البنوك الى زيادة حجم المحفظة الائتمانية.

أزمة الجنيه والليرة التركية

تعرضت الوحدات المصرفية التابعة لبنوك كويتية في مصر وتركيا لمشكلة انخفاض العملتين للازمات السياسية والاقتصادية التي يمر بها البلدان، خاصة مع محاولة الانقلاب الفاشلة التي مرت بها تركيا وقيام مصر باتخاذ خطوة «تعويم» الجنيه المصري.

وواجهت الوحدات المصرفية التابعة للبنوك الكويتية مشكلة كبيرة مع بداية ازمة الدولار في مصر وبداية انخفاض الليرة التركية، شأنها شأن البنوك الاجنبية والعالمية الاخرى، وهو انخفاض قيمة العملة مقابل عملة البنك الام (الدينار)، خاصة أن تعليمات البنك المركزي الكويتي تنص على ضرورة إدراج بيانات الوحدات الخارجية التابعة للبنوك المحلية بالعملة الكويتية، وهو الأمر الذي ظهر واضحاً في تأثر البيانات المجمعة لهذه البنوك.

تمويلات الأسهم في أعلى مستوى لها

شهدت تمويلات البنوك المحلية للعملاء بهدف شراء اوراق مالية ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الخمس الماضية، لترتفع بنسبة 24.2 في المئة من 2.57 مليار دينار نهاية يونيو 2011 إلى 3.199 مليارات دينار نهاية يونيو 2016 لترتفع بقيمة 623.9 مليون دينار، وذلك حسب البيانات الاحصائية لبنك الكويت المركزي.

وكانت تمويلات وقروض الاسهم قد ارتفعت من 2.837 مليار دينار في يونيو 2015 إلى 3.115 مليارات دينار نهاية ديسمبر 2015 بنمو 9.8 في المئة، وبزيادة 277.7 مليون دينار، ثم ارتفعت مرة اخرى بنسبة 2.7 في المئة إلى 3.199 مليار دينار في يونيو 2016 بزيادة 83.6 مليون دينار.

ومن أهم اسباب ارتفاع التمويلات والقروض المقدمة من البنوك لشراء اوراق مالية خلال الفترة الماضية، ذهاب جزء كبير من هذه القروض والتمويلات إلى اكتتاب بنك الكويت الوطني والذي تم خلال النصف الأول من العام الحالي، إذ سحب سيولة بلغت نحو 414.4 مليون دينار، وهو ما أثر على سيولة السوق بشكل كبير. إضافة لصفقة أمريكانا.