تبدأ رواية قطط العام الفائت» بتنويه مهم يحدد مسار الأحداث: «في بلد يُسمى لاوند قامت ثورة في اليوم نفسه التي حدثت فيه الثورة في مصر وكل ما جرى في لاوند، وأي تشابه مع الواقع هنا غير مقصود».

بعد التنويه الكاشف لطبيعة الأحداث، وموقف الكاتب من تشابهها مع الواقع، يبدأ إبراهيم عبد المجيد في طرح أحداثه الفانتازية من خلال شخصية الحاكم أمير باشا أبو العساكر، الذي يتمتع بقدرات سحرية خارقة.

Ad

تتصاعد الأحداث الفانتازية في هذا العالم الموازي، حيث يُفاجأ الحاكم بثورة الشباب ضده، وتجمعهم في الميدان. وبعد انهيار وزارة الأمن والأمان، يتدخل ناظر الحربية السر عسكر، ومساعده مدير المحن والأزمات «مُز»، الذي يتمتع أيضاً بقدرات خارقة، إذ تخرج من أصابعه ثعابين فتاكة، ويتفتق ذهنه عن إلقاء غاز من السماء على الثوار الموجودين في الميدان، بعد أن يحصل عليه من جماعة «النصيحة والهدى»، وهو غاز لا يقتلهم بل يؤدي إلى تجمُّد أعضائهم لمدة يومين كاملين يفيقون بعدها. وفي طريقهما إلى الحاكم يقرر السر عسكر ضرورة تنازل الحاكم عن الحكم ومغادرة البلاد، وعندما يصل إليه يطلب منه ذلك صراحة: «ستترك البلاد سيدي الحاكم وسنديرها نحن، هذا هو الضمان الوحيد لحياتك، ما دمنا معك لن يطولك أذى، إذا لم توافقنا ستكون أغضبت الله الذي سخط من الثوار وسيعيدهم».

وبعد أن يلين الحاكم ويكاد يوافق على ترك الحكم، يتذكر فجأة قدراته الخارقة المتمثلة في إلقاء الأشخاص في الزمن الماضي: «هل نسيت قدراتي الخارقة التي لم أستخدمها أبداً مع الشعب؟» يسأل الحاكم، فينظر إليه السر عسكر مرتبكاً، ثم يردف الحاكم: «كم شخصاً ألقيته العام الماضي في الأعوام السابقة؟»، يجيب السر عسكر في ذهول: «كثيرون». وعندما تتبلور الفكرة في رأس الحاكم، يبدأ بإلقاء السر عسكر شخصيّاً في الماضي، لشكِّه في أنه هو من دبَّر الثورة ضده: «إذن تعالَ»، يقول الحاكم أمير أبو العساكر في غيظ، ويمسك بالسر عسكر بيديه، فيحمله بسهولة ويقذفه في الفضاء فيطير، وينفتح له السقف وهو يصرخ ولم يسقط على الأرض مجدداً.

حين يطمئن الحاكم إلى قدراته الخارقة، يصرخ في زوجته التي تقف مذهولة مما رأت: «أريد سيارة الحكم المدرعة بسرعة، سأُلقي بكل مَن في الميدان في العام السابق، وربما لعشرين عاماً قبل ذلك ليعودوا بعد أن أموت. لا، سأرميهم في أقرب عام حقّاً فإذا عادوا رميتهم مجدداً، وهكذا حتى يظلوا هناك ولا يعودون أبداً من اليأس والتعب!».

سعاد حسني

ينجح الحاكم في إلقاء آلاف الثوار المخدرين في الميدان ضمن العام الفائت، حيث الأجواء الغامضة، فالأمطار تهطل، والثعالب تتربص بالشباب المخدرين لكنها لا تجرؤ على الاقتراب منهم، حتى تتدخل سعاد حسني، أو شبيهتها، فتبدأ في تقبيل كل الشباب والفتيات لإيقاظهم بهذه الطريقة، وتنجح في إنقاذهم جميعاً من المصير الغامض.

كي يعود الثوار إلى بيوتهم في أمان، تحولهم شبيهة سعاد حسني التي تتمتع بقدرات سحرية، إلى قطط. كذلك تحول الشباب المعتقلين والمتظاهرين، ليرتبك النظام الحاكم الذي لا يعرف كيف يطارد الشباب الذين يتحولون فجأة إلى قطط، وتستمر اللعبة الفانتازية بين الحاكم المستبد وبين الشباب الذين يخططون لإحياء الثورة.

إصدارات وجوائز

أصدر إبراهيم عبد المجيد أعمالاً أدبية عدة من بينها: «ثلاثية الإسكندرية، هنا القاهرة، في كل أسبوع يوم جمعة، عتبات البهجة، في الصيف السابع والستين، ليلة عشق والدم، البلدة الأخرى»، وغيرها من روايات وقصص بديعة، كذلك تُرجم كثير من أعماله إلى لغات أجنبية، وحصل على جوائز من بينها جائزة نجيب محفوظ في الرواية من الجامعة الأميركية بالقاهرة 1996، وجائزة الدولة للتفوق في الآداب 2004، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب 2008، وجائزة ساويرس في الرواية لكبار الكتاب 2011. كذلك فاز بجائزة كتارا للرواية العربية الدورة الأولى لعام 2015، وحصد كتابه «ما وراء الكتاب – تجربتي مع الإبداع» جائزة الشيخ زايد فرع الآداب عام 2015.