ما الهدف من «جذب» المستثمر الأجنبي؟!
إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الوثيقة الاقتصادية للحكومة تطرح موضوع ما تُسميه "جذب المستثمر الأجنبي" باعتباره، إحدى ركائز الإصلاح الاقتصادي والمالي، وهو الأمر الذي يتطلب، كما تقول الحكومة، تقديم تسهيلات جمركية ومالية و"إغراءات" من أجل "جذب" المستثمر الأجنبي، فما الأهداف التي تطمح الحكومة إلى تحقيقها؟
وجود استثمار أجنبي في بلد ما ليس هدفاً بحد ذاته، إنما هو وسيلة قد تُجبَر بعض الدول نتيجة ظروف اقتصادية معينة للجوء إليها بغية تحقيق بعض الأهداف، مثل الحاجة إلى نقل التكنولوجيا والإدارة، وحلّ مشكلة ارتفاع معدلات البطالة، ودعم مصادر التمويل المحلية بغية إنشاء مشروعات حيوية كبرى لا غنى عنها، ناهيك عن حاجة بعض الدول إلى الاستثمار الأجنبي من أجل زيادة القدرات الإنتاجية للاقتصاد المحلي، وتعديل ميزان المدفوعات. والمستثمر الأجنبي لا يأتي إلى أي دولة في العالم إلا في حالة ضمان استمرارية تدفق الأرباح وتعاظمها، وهو ما قد ينتج عنه، في بعض الأحيان، تدخل الشركات الرأسمالية العملاقة أو متعددة الجنسية، بطرق مباشرة أو غير مباشرة، في الشؤون الداخلية سواء السياسية أو الاقتصادية أي في السيادة الوطنية. لهذا فإن الدول المستقلة لا تفتح أبوابها على مصراعيها لدخول المستثمر الأجنبي إلا في حالات الضرورة القصوى.وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن الوثيقة الاقتصادية للحكومة تطرح موضوع ما تُسميه "جذب المستثمر الأجنبي" باعتباره، إحدى ركائز الإصلاح الاقتصادي والمالي، وهو الأمر الذي يتطلب، كما تقول الحكومة، تقديم تسهيلات جمركية ومالية و"إغراءات" من أجل "جذب" المستثمر الأجنبي، فإن السؤال المهم هنا هو: ما الهدف أو الأهداف التي تطمح الحكومة إلى تحقيقها؟ والإجابة عن هذا السؤال ينبغي ألا تتجاهل الأمور التالية:
1- سبق أن ألغت الحكومة نظام "الأوفست" مع أنه يُلزم الشركات الأجنبية باستثمار ما يعادل 30% من قيمة الصفقة محلياً، وذلك عن طريق القيام بتوظيف العمالة الوطنية وتدريبها، وأيضاً دعم التعليم.2- لدى الحكومة قدرة مالية تُمكّنها من شراء أو تأجير التكنولوجيا من دون الحاجة إلى "جذب" المستثمر الأجنبي وتحمل تبعاته.3- بالإمكان الاستفادة من نظام "بي أو تي" بشرط تطبيقه بالطريقة الصحيحة التي تختلف كلية عما هو موجود حالياً، وتسميه الحكومة "بي أو تي"، أي استخدامه في تنفيذ مشاريع حيوية تؤدي إلى زيادة القدرات الإنتاجية للاقتصاد المحلي، وتخلق مصادر دخل بديلة تدعم الميزانية العامة للدولة. 4- في الوضع القائم، لا يأتي المستثمر الأجنبي في المشاريع الكبرى كمشروع المطار الجديد، مثالاً لا حصراً، إلا عن طريق "وكيل محلي" يحصل على حصة مُعتبرة من قيمة الصفقة، ناهيك عن عدم توفير فرص عمل جديدة للعمالة الوطنية، فهل سيُلغي "الوكيل المحلي"؟ وما الضمان لإلزام المستثمر الأجنبي بخلق فرص عمل للمواطنين، خصوصاً وقد ألغت الحكومة برنامج "الأوفست" مثلما ذكرنا آنفاً، وفشلت في إلزام القطاع الخاص المحلي بذلك؟!