إيران وروسيا... إلى أين؟!
أغلب الظن أن ما يقال عن خلافات بين الروس والإيرانيين، ومعهم بالطبع نظام بشار الأسد، فيه بعض الصحة إن لم يكن كلها، فقد بات من الواضح والمؤكد أن الرئيس فلاديمير بوتين لا يريد حرباً بلا نهاية في سورية، وأنه، في الوقت ذاته، لا يملك القدرة المطلوبة للقضاء على المعارضة السورية، ولذلك فإنه بعد "النصر"! الذي حققه في حلب، بات مضطراً لإيجاد حل يكون معقولاً بالنسبة إليه، حتى إن اضطر إلى التخلي عن شروطه السابقة التي أعلنها وزير خارجيته سيرغي لافروف، في لحظة كان التفوق العسكري فيها إلى جانبه وجانب حلفائه الإيرانيين، ويأتي لاحقاً هذا النظام الذي يبدو أن نهايته الكارثية أصبحت واضحة ومحققة لا محالة.إن هذا ما غدا يريده الروس الذين لم يعد يهمهم سوى الحفاظ على قواعدهم العسكرية التي أقاموها على الأراضي السورية، في ظل غياب الشعب السوري والانهيار الفعلي والمعنوي لبشار الأسد ونظامه، أما بالنسبة إلى الإيرانيين، فإن المعروف، وهذا ما أعلنوه مراراً وتكراراً، أنهم يريدون هيمنة دائمة على العراق وسورية واليمن وبالطبع على لبنان، وأنهم يريدون مجالاً حيوياً سياسياً وعسكرياً مريحاً في دول عربية أخرى، وهذا ما صرحت به طهران التي "غلَّفت" هذا التوجه بالقول إنها تسعى إلى مناطق تماس لبلادها مع العدو الصهيوني، وبالطبع فإن هذه حجة لم تنطل حتى على أصحاب أنصاف العقول من عرب ومن عجم... ومن غيرهم!
ربما من غير المتوقع أن يكون هناك صدام قريب بين الإيرانيين ومعهم الأسد من جهة، والروس من جهة أخرى، فالمصالح المشتركة لاتزال تفرض على هؤلاء وأولئك كظم غيظهم أكثر من اللزوم، والاستمرار بهذا التحالف الشيطاني، ولو على أساس المعادلة القائلة: "رؤوس مؤتلفة وقلوب مختلفة"، لكن في النهاية فإنه لابد من الفراق، وخصوصاً أن روسيا كما هو معروف دولة عظمى، حساباتها لا تتطابق في كثير من الأحيان مع حسابات إيران لا من قريب ولا من بعيد.ثم إن الروس بحكم خبرتهم الطويلة التي ورثوها عن الاتحاد السوفياتي، وقبل ذلك يعرفون أن دولة كإيران لا يمكن المراهنة عليها "إستراتيجياً"، وذلك لأنها دولة أمزجة متغيرة، ولأن أي خلل طارئ في تركيبة هذه المجموعة الحاكمة سيجعل هذه الدولة، التي يرى البعض أن بنيتها أوهى من خيوط العنكبوت، تغير توجهاتها في رمشة عين، فيصبح أصدقاؤها أعداء، بينما يصبح الأعداء أقرب الأصدقاء!قد يكون من المبكر البناء على هذه الاستنتاجات لاستخلاص مواقف سياسية ثابتة، لكن حقائق الأمور تشير إلى أن كل لقاءات وتحالفات المصالح العابرة لابد أن تكون أعمارها قصيرة جداً، وهذا يعني أن التقارب الروسي – الإيراني الذي بني على المصالح العابرة سيكون عمره قصيراً، وأنه سينتهي حتماً، إن لم يكن الآن وفي هذه اللحظة التاريخية، فخلال فترة قريبة.ولهذا فإنه علينا أن ننتظر لنرى ما تحمله إلينا وإلى هذه المنطقة الأيام والليالي المقبلة!