الأغلبية الصامتة: «الأستاذ» والبعثة... في ذمة النسيان
![إبراهيم المليفي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1612377050504273100/1612377064000/1280x960.jpg)
لم يأت لقب "الأستاذ" من فراغ، فالأنصاري درّس في مدرسة والده أربع سنوات، بعدها طلب للتدريس في دائرة المعارف، ثم في المدرسة الشرقية لمدة عامين من عام 1940 إلى 1942م، وعلّم أجيالاً تولت بعده أهم المناصب في الكويت، وفي عام 1950م اختاره مجلس المعارف محاسباً لبيت الكويت في القاهرة، وأقام هناك حتى عام 1960م.وفي عام 1962م التحق "الأستاذ" بوزارة الخارجية عند تأسيسها، وعمل في سفارة الكويت في القاهرة حتى عام 1965، حيث عاد للكويت لتولي إدارة الصحافة والثقافة في وزارة الخارجية حتى تقاعده عام 1987م، ليتفرغ بالكامل لأعماله الأدبية، وفي عام 1968م رأس عبدالله زكريا الأنصاري تحرير مجلة "البيان" التي تصدر عن رابطة الأدباء في الكويت حتى عام 1973م. وأصدر "الأستاذ" مجموعة من الكتب المتنوعة في مواضيعها، بلغت حصيلتها 13 كتاباً، أشهرها وأهمها على الإطلاق "فهد العسكر... حياته وشعره" الذي صدر عام 1956م، وقد اكتسب ذلك الكتاب أهميته من الدور الحيوي الذي أداه الأنصاري في إنقاذ سيرة وأشعار فهد العسكر من الاندثار، وقد سكن الانتماء القومي العربي قلب "الأستاذ" منذ وقت مبكر، وقبل تأسيس حركة القوميين العرب 1948م، وبرهن على ذلك من خلال أول نشاط احتجاجي شارك فيه ضد مجموعة من المناهج الدراسية، رأى فيها هو ومجموعة من الأساتذة أنها تساهم في إضعاف الشعور القومي لدى الطلبة، وقد تسبب ذلك في سجنه وتعذيبه هو ومن معه.إن سيرة "الأستاذ" عبدالله زكريا الأنصاري إذا وضعت في سياقها الزمني الصحيح سنجد أننا أمام رائد من رواد النهضة الثقافية والأدبية في الكويت، أما الذكرى السبعون لصدور مجلة "البعثة" فلن أقول غير أن الناس تلهث بحثا و"خلقا" لجذور لها في عمق التاريخ، ونحن نفرط في الإهمال والتجاهل بمنارة مشعة في عالم الصحافة، وأثر مادي ملموس على الحرية التي تشرّبها شعب في بلاد كانت تطلب المعالي.رحم الله "الأستاذ" والمجد لمجلة "البعثة" وكل من كتب حرفا فيها قبل سبعين عاما!!