استغربت كثيراً بعد نشر خبر منذ أيام في إحدى الصحف الزميلة عن بحث وزارة التربية لمقترح بتغيير مواعيد الدوام الرسمي في المدارس الحكومية، ليكون من الساعة السابعة صباحاً حتى الواحدة والنصف، لتمكين الهيئة الدراسية، وبصفة خاصة المدرسات، من العودة المبكرة إلى منازلهن، وتخفيف العبء اليومي عليهن.

يأتي هذا الاقتراح في وقت يقيّم البنك الدولي أداء الطالب الكويتي بأنه الأضعف عالمياً، بسبب الأداء المتدني للمعلم في المدارس الحكومية، وضعف تدريبه، في حين تعتبر الرواتب والامتيازات المالية للمعلم الكويتي هي الأعلى في العالم، قياساً بعبئه الدراسي ومدة العام الدراسي، مقابل العطل والإجازات، وكذلك ساعات الدوام المدرسي اليومي، مقارنة بالنظم الدراسية في الدول صاحبة السبق في التعليم.

Ad

عجزنا في العالم العربي، والكويت خاصة، ونحن نكرر أن التطور الاقتصادي ورقي مستوى الدولة في جميع المجالات مرتبط بالتعليم وجودة مخرجاته، والأمثلة أمامنا في فنلندا وسنغافورة وألمانيا واليابان وكوريا، وحتى القفزة الاقتصادية التي حققتها تركيا في العشرين سنة الماضية كان سببها خطة تعليمية تركية نفذت على مستويين، هما التعليم العام والمهني.

لذا، فإن التعليم ليس أمراً ثانوياً أو ترفيهياً، وخاصة أن تكلفة التعليم الخاص في الكويت أصبحت عالية جداً، وخارج قدرة الجهات الحكومية على الرقابة على رسومه، وهو ما كان يشكل سابقاً بديلاً للأسر المتوسطة التي تبحث عن تعليم مميز لأبنائها.

بشكل عام، فإن التقارير الأخيرة عن أداء الطالب الكويتي ومستواه الأكاديمي تستوجب أن تطلق وزارة التربية جرس الإنذار لإعادة النظر في العملية التعليمية ككل، وإعادة بحث دور المعلم وتدريبه وتطوير أدائه، وربطه بالبدلات والكوادر المالية الممنوحة له، بحيث لا تصبح هذه البدلات والكوادر حقاً مكتسباً دون عطاء مناسب وموازٍ لها، فها هي المملكة العربية السعودية توقف امتيازات وبدلات مالية لبعض موظفيها وتربطها بأدائهم، فالقضية التعليمية لا تحتمل الإهمال والتسويف، فهي تتسبب في ضياع أجيال تؤدي إلى تدمير مستقبل وطن.

لذا، فإن وزارة التربية أمام استحقاق مهم باتخاذ قرارات جريئة، لاسيما وهي تنفذ خطة لتطوير التعليم العام في سنته الثانية حالياً. والمطلوب هو تكثيف العام الدراسي، وإطالة اليوم الدراسي، وليس العكس، وإذا كانت هناك كوادر تدريسية غير قادرة على تحمُّل واجباتها الوظيفية وتريد تقصير اليوم الدراسي أو إخراج الأطفال والشباب من الفجر وسط الأجواء الباردة حتى تعود إلى منازلها مبكراً، فالأفضل أن تبقى بالبيت، ونبحث عن بديل عنها، يريد أن يخدم وطنه بجدية وضمير يقظ.