طغت الألوان الأدبية كافة على مشهد الكتابة في مصر طيلة العام، وتنوعت بين الرواية والشعر والمجموعات القصصية والشعر العامي، فيما تباينت الموضوعات بين التاريخي والسياسي والفانتازي والواقعي والرومانسي.

شهدت بدايات العام، صدور رواية «أرض الإله» للكاتب أحمد مراد، عن دار «الشروق للطباعة والنشر»، وهي تحمل جانباً تاريخياً ودينياً، إلى جانب ما تفيض به من فانتازيا ورومانسية. تدور حول مغامرة كاهن مصري قديم يدعى «كاي» يترجم برديات تحكي قصة النبي موسى عليه السلام.

Ad

لاقت الرواية رواجاً هائلاً بسبب جرأة المؤلف في الكتابة، واعتماده عنصر التشويق. إلا أنها واجهت في الوقت نفسه انتقادات حادة، فرأى البعض أن مراداً اعتبر التشويق هدفاً في حد ذاته لا وسيلة فحسب، كذلك قالوا إن الرواية خالية من الانفعالات والتصاعد السلس للأحداث.

وعن الدار المصرية اللبنانية، صدرت «أن تحبك جيهان» للكاتب مكاوي سعيد، وتحكي قصة حب يواجه بطلها «أحمد الضوي» صعوبات كثيرة لنيل المحبوبة «جيهان العرابي»، ولكن القدر لا يجمعه بها، ليكون الموت مصيره في النهاية.

لم تقف الرواية عند الحب فحسب، بل رصدت ملامح حياة عدد من المصريين، فمن المقاهي ووسط القاهرة التي تمثل ركناً أساسياً في أعمال مكاوي سعيد تنطلق الأحداث لتكشف عن ملامح الثورة الخفية، فضلاً عن حضور أشخاص فيها من الواقع المصري، أبرزهم خالد سعيد الذي مهد لقيام ثورة 25 يناير.

أصدرت الدار المصرية اللبنانية أيضاً رواية «الكومبارس» لناصر عراق، الذي اقتحم من خلالها عالم المسرح والسينما والدراما، متناولاً شخصية الممثل عبد المؤمن السعيد، الذي تخرج في معهد الفنون المسرحية وحقق نجاحاً لافتاً أثناء الدراسة بسبب موهبته الكبيرة. لكن الحظ كان عنيداً معه فلم يستطع أن يحقق الشهرة والمجد والحضور في الوسط الفني كما يتمنى. وترصد الرواية أزمة الإنسان المعاصر عندما يشعر بالضيم والظلم الشديدين في مجتمعه رغم موهبته.

كذلك صدرت رواية «تذكرة وحيدة للقاهرة»، للكاتب أشرف العشماوي، وفيها يستعرض رحلة عجيبة على مدار 50 عاماً تقريباً يسافر فيها البطل، النوبي المولد والأصل، إلى القاهرة في أربعينيات القرن الماضي، راصداً حياة المهمشين الذين لا يملكون سلطة لتحديد المصير ولا قدرة على اتخاذ القرار.

وأصدرت دار «دون» للنشر بدورها ديوان «زي الأفلام» للشاعر محمد إبراهيم، وكان أحد الكتب الأكثر مبيعاً في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ47، وضمّ عدداً من القصائد بالعامية المصرية، تنوعت موضوعاتها بين الحب والسياسة ورصد الحياة الاجتماعية للمصريين في إطار شعري بسيط ومعبر.

وعن دار «أطلس للنشر» صدرت رواية «أوروبا بتوقيت إمبابة»، للكاتب محمود زكي، وهي من «أدب الرحلات»، وتطرح سؤالاً أزلياً طوال أحداثها، ما الفرق بين بلادنا وأوروبا؟ وهو سؤال يفتح مآسي عدة، فيحزن القارئ خلال المقارنة الدائمة ورحلة الكاتب التي يقوم بها في أوروبا بسبب غرق بلادنا في بحور الفقر والجهل، لكنه يجد هناك الأمل في التغيير من خلال المصريين ذاتهم.

أصدرت «الهيئة العامة للكتاب» أعمالاً عدة من بينها ديوان «ضد الحرب» للشاعر وسام الدويك، ومجموعة «نوستالجيا غيط العنب» للقاص رجب سعد السيد، وديوان «العزف على الضلوع» للشاعر ماهر مهران، وديوان «ألعاب خطرة» للشاعر عبد الرحمن يوسف، ورواية «الصعيد جذور الألم والأمل» للكاتب أحمد مصطفى علي حسين، وكتاب «الحملة الفرنسية وآثار مصر العليا» للكاتبة الدكتورة إيناس فارس مشالي، وديوان «بلا أدنى أهمية» للشاعرة سلوى عبد الحليم، ورواية «الطريق إلى بودابست» للروائي جمال حسان، وديوان «وكان رأسي طافياً في النيل» للشاعر كريم عبد السلام، ورواية «الدوابة» للروائية أمل خليفة.

تقييد الحريات وغضب المثقفين

يرى مثقفون مصريون أن عام 2016 يستحق عن جدارة لقب «أسوأ سنة» ثقافياً، فثمة أدباء قضوا بعضاً منه خلف قضبان الحديد أمثال الروائي الشاب أحمد ناجي، والباحث إسلام بحيري، والكاتبة فاطمة ناعوت. ألقي بالأول داخل إحدى الزنزانات بعدما حصل في يوم 20 فبراير على حكم بالحبس عامين وتغريمه 10 آلاف جنيه، بعد قبول استئناف النيابة العامة على الحكم الصادر من محكمة جنح أول درجة، من تهمة نشر مواد أدبية تخدش الحياء العام وتنال من قيم المجتمع، ذلك من خلال نشر فصل من روايته «استخدام الحياة» في جريدة «أخبار الأدب».

أما إسلام بحيري الذي أفرج عنه قبل نهاية نوفمبر وفق قرار عفو رئاسي بعد حبسه بناء على حكم محكمة النقض بتأييد عقوبة سجنه سنة لإدانته بارتكاب جريمة ازدراء الدين الإسلامي. وهي قضية تعود إلى أبريل 2015 عندما تدخل الأزهر الشريف لوقف برنامج تلفزيوني اعتبره مسيئاً للإسلام وقرّر ملاحقة مقدمه والقناة التي تبثه قضائياً.

في مارس، من العام نفسه رفضت محكمة جنح مستأنف السيدة زينب، استئنافاً تقدم به دفاع الكاتبة فاطمة ناعوت على حكم حبسها ثلاث سنوات بتهمة ازدراء الأديان، بسبب مقال عن رفضها ذبح الخراف في عيد الأضحى المبارك، ولولا أنها كانت خارج مصر لسجنت. لكن انتهت القضية بالحكم عليها بالحبس ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ.

مرّ العام من دون معارك ثقافية تذكر إلا انتفاضة المثقفين ضد أحكام حبس الأدباء وضد أحد نواب البرلمان الذي وصف ثلاثية نجيب محفوظ بأنها خادشة للحياء، مطالباً بمعاقبة الأديب. وتعود أحداث الواقعة إلى اجتماع لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب الذي شهد مشادات كلامية خلال مناقشة مشروعي قانون بتعديل بعض أحكام العقوبات رقم 58 لسنة 73 الخاصة بقضايا النشر، والمواد المتعلقة بخدش الحياء العام، ففوجئ الجميع بالنائب البرلماني يؤكد أنه يجب تشديد وتغليظ عقوبات خدش الحياء على المثقفين ضارباً المثل بمحفوظ.

رحيل

في 19 فبراير، تُوفي الروائي الكبير علاء أديب عن عمر ناهز 77 عاماً في مستشفى المعادي للقوات المسلحة. وهو ولد في مصر القديمة عام 1939، وحصل على ليسانس حقوق من جامعة القاهرة، وله خمس روايات أبرزها «أطفال بلا دموع»، و»عيون البنفسج» و«قمر على المستنقع» و«أيام وردية»، وقصص قصيرة أبرزها «القاهرة»، و«الحصان الأجوف»، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2002.

في الأول من أكتوبر، توفيت الكاتبة الكبيرة نعمات أحمد فؤاد التي اقترن اسمها بقضايا أثارت معارك عدة دفاعاً عن مصر وحضارتها وشعبها، ولها مؤلفات عدة عن إبراهيم عبد القادر المازني، وأم كلثوم والنيل، كذلك عن العقاد والشاعر أحمد رامي. وترجمت «اليونسكو» كتابها «إلى ابنتي» إلى اللغة الإنكليزية.

الراحلة شرحت في كتاب «شخصية مصر» الذي كتبته في أعقاب نكسة يونيو قوة مصر وحضارتها وقدرتها على عبور الهزيمة بدروس التاريخ لا بمشاعر القلب.

في 14 من الشهر نفسه، ودعت مصر جثمان شاعرها الكبير وأحد رواد الشعر العربي فاروق شوشة عن عمر ناهز الثمانين عاماً، ودفن في مقابر الشعراء بمحافظة دمياط. ولد شوشة في 17 فبراير عام 1936 في قرية الشعراء في محافظة دمياط وتخرج في كلية دار العلوم، ثم درس التربية بجامعة عين شمس والتحق بالإذاعة عام 1958 وتدرج في وظائفها حتى أصبح رئيساً لها عام 1994.

للشاعر الكبير الراحل عدد من الدواوين والكتب خلدت اسمه بين الأدباء والشعراء ومن بينها، ديوان «العيون المحترقة» 1972، و«سيدة الماء» 1994، كذلك قدّم عدداً من القصائد الشعرية العذبة الممزوجة بالحب من بينها «رسالة إلى أبي»، و«أحلى 20 قصيدة في الحب الإلهي والعلاج بالشعر»، و«لغتنا الجميلة والمشكلات المعاصرة»، و«عذابات العمر الجميل»، إضافة إلى قصيدة «الشهداء» التي أهداها إلى شهداء ثورة 25 يناير.

شهدت نهاية العام رحيل الكاتب والمترجم فخري لبيب والفنان التشكيلي جميل شفيق الذي غيبه الموت أثناء مشاركته في ملتقى الأقصر الدولي عن عمر ناهز الـ 87 عاماً.