Passengers لا يستغلّ محاوره العميقة تماماً
تخيّل أنك عالق في سفينة فضائية مع حبيب ونادل آلي طوال قرن تقريباً. ما من سفينة فضائية كبيرة أو مطعم غني كفاية ليجعلا هذه الفكرة تبدو جذابة. هذا هو محور فيلم الخيال العلمي {الرومانسي} في الظاهر Passengers، الذي أخرجه مورتن تيلدوم استناداً إلى نص لجون سبايتس.
صحيح أن الرومانسية الهدف المنشود في Passengers، إلا أن محوره الرئيس، الذي لا يتجلّى في دعايته المنمّقة، يقوم على بعض التيارات الخفية المخيفة حقاً عن تفاصيل الجسم، والقبول، والترصد. ولكن بدل تحويله إلى فيلم رعب، تختفي هذه المسائل برقة خلف جاذبية النجمَين جنيفر لورنس وكريس برات.اجتازت السفينة الفضائية Avalon 30 سنة من رحلة تدوم 120 سنة تعتمد فيها على القيادة الآلية في طريقها إلى مستعمرة على كوكب بعيد تُدعى Homestead II. تحمل السفينة على متنها 5 آلاف مسافر محتجزين داخل كبسولات تبقيهم في حالة من الوعي المعلّق. لكن كبسولة جيم بريستون (برات) تتعطّل بعد اصطدام السفينة بنيزك، فيستيقظ قبل 90 سنة من انتهاء الرحلة. تواصل السفينة قيادتها الآلية. ومهما حاول جيم الاستعانة بالآليين ليعود إلى حالته السابقة داخل الكبسولة، يخفق مع أن الخبراء يزعمون أن الكبسولة لا تتعطل مطلقاً.بعد عجزه عن إعادة نفسه إلى حالته السابقة، يستفيد جيم من تسهيلات مترفة تقدمها السفينة. لكن السأم يتملكه بعد سنة من العيش وحيداً، فيغرق في حالة من الكآبة والميل إلى الانتحار، ويروح يتنقل من دون سروال في السفينة. ويبقى على هذا الوضع إلى أن يرى جسم أورورا لاين الرشيق (لورنس) في كبسولتها، فيقع في حبها.
يتحقّق جيم من اللمحة المقدَّمة عن حياتها، ويطالع كتاباتها (لأنها صحافية)، ويتناول حبوب الفطور إلى جانبها. صحيح أنه يتردد كثيراً بادئ الأمر، بيد أنه يقرر أخيراً إيقاظ فتاة أحلامه، حاكماً عليها بقضاء حياتها والموت على متن سفينة فضائية. ولما كان الرجل الوحيد على السفينة، فتقع في حبه، إلى أن تكتشف ما فعله فتستشيط غضباً، ورد فعلها مبرر بالتأكيد.
تهميش الفكرة الرئيسة
لكن معضلة أن تكون عالقاً في سفينة فضائية مع حبيبك السابق ونادل آلي (مايكل شين) تُهمَّش ليركّز الفيلم على مشاهد الحركة القوية فيما تبدأ السفينة بالتعطل. وبينما يحاولان إنقاذها، يتحوّل الفيلم إلى نسخة أكثر تعقيداً من الصياح في وجه جهاز iPad أو محاولة تجاوز قائمة الهاتف الآلية.صحيح أن إطار الفيلم مثير للاهتمام وغني بمحاور دسمة يمكن التعمق فيها، مثل الأسر، والطبقية، والاستعمار، والذكاء الاصطناعي، إلا أنه يتجاهل ذلك كله ليركّز على المرح والجاذبية، محوّلاً قرار جيم اللاأخلاقي إلى لقاء لطيف وقصة حب للعصور كافة. لكن المشكلة تكمن في أننا لا نستطيع منع أنفسنا من التفكير في أفلام أكثر إتقاناً تقوم على هذا المحور. السؤال المحير حقاً: ماذا لو كانت أورورا مَن يروي القصة لا مجرد شخصية فيها؟ نسمع رواية جيم لا روايتها، ونتعاطف مع الرجل اللطيف الذي وقع في حب عقلها، حسبما يدعي. لكن الفيلم كان سيبدو أكثر تعقيداً وعمقاً لو أنه سُرد من وجهة نظرها، أو لو كان أكثر توازناً.كان باستطاعة تيلدوم وسبايتس الغوض في المواضيع المثيرة للجدل المتوافرة أمامهما، مقدمين بالتالي عملاً أكثر تعقيداً وإتقاناً. بدلاً من ذلك، يركّزان على النادل الآلي الفرنسي. تقول أورورا {هذه الحياة جحيم}، معتبرةً حوض السباحة في الفضاء متعة مميزة بما أن لا مفر من هذه السفينة.