منذ صدور قانون إنشاء جامعة جابر الأحمد ونشره في الجريدة الرسمية، وكل المؤشرات تشير إلى استحالة تطبيقه وفي أكثر من مادة لأسباب، في مقدمتها: آلية تعيين رئيس الجامعة وأعضاء مجلس الإدارة، والتي كانت السبب الرئيس وراء وقف تنفيذه دون أن تبادر الحكومة والمجلس في تعديلها، مبررين ذلك بوجود مشروع قانون متكامل يشمل إنشاء الجامعات الحكومية والخاصة، والذي هو الآخر ظل حبيس الأدراج على أمل أن يكون ضمن أولويات اللجنة التعليمية.

من العيوب الأخرى التي شابت القانون انفراد كلية التربية الأساسية كنواة لإنشائه دون أن يشمل بقية كليات الهيئة، ورغم أن المشروع قدم بالأساس شاملاً كليات الهيئة كنواة للجامعة التطبيقية بمسمى "جامعة جابر الأحمد"، والذي يهدف إلى فصل الكليات عن قطاع التدريب، فإن إصرار الحكومة في ذلك الوقت حال دون ذلك، مع أنها وافقت على تضمين كلية العلوم الصحية إلى جانب كلية التربية الأساسية كنواة للجامعة، ولكنها تراجعت عنه أثناء المداولة الثانية، وهددت برد القانون، واستعاضت عنه بإضافة كليات الهندسة والقانون والعلوم الإدارية إليها، وسمحت بضم بقية كليات الهيئة إليها بعد تطوير برامجها إلى درجة البكالوريوس.

Ad

اللافت في هذا القانون عدم مراعاته لمتطلبات الجامعة الأكاديمية والفنية والمادية والمكانية، حيث اقتصر على مباني كلية التربية الأساسية بالعارضية، مما سيجعل من الصعوبة بمكان إنشاء أي مبانٍ أخرى للكليات أو حتى توفير مبنى لإدارة الجامعة، وهذا الأمر ستترتب عليه معضلة حقيقية إن أراد المشرع المضي فيه لارتفاع كلفته المادية والزمنية.

لكل ما سبق فإن قانون إنشاء جامعة جابر بالشكل الحالي يصعب تحقيقه إن لم ينظر إلى مشروع فصل التعليم التطبيقي عن قطاع التدريب، والأخذ به كبديل متكامل يسمح بإنشاء جامعة جابر لأحمد.

نرجع إلى مشروع فصل التعليم التطبيقي الذي أشبع بالدراسات، ومر على الكثير من اللجان، كما أنه حظي بمباركة واسعة ومن كل القطاعات والمستويات باستثناء رابطة التدريب بالكليات والتي لديها بعض المخاوف من ضياع بعض الحقوق الأدبية والمالية، وهو ومن الأمور التي أخذت بعين الاعتبار، ويمكن تجاوزها وحلها بالشكل المرضي.

لقد أثبتت الدراسات أن قانون فصل التعليم التطبيقي أجدى وأمضى من الناحية التطبيقية، وهو مسار طبيعي لتطور الكيانات الأكاديمية أسوة بالكثير من الجامعات العالمية التي أنشئت على هذا الأساس.

اليوم الهيئة فيها خمس كليات، وتسعة معاهد تدريب، تضم قرابة ألفي عضو هيئة تدريس، وأكثر من خمسمئة مبتعث ماجستير ودكتوراه، وفيها أكثر من ألف وخمسمئة عضو هيئة تدريب بالمعاهد، ولا يقل عن ستمئة عضو هيئة تدريب بالكليات، وأكثر من ألفي موظف بالكادر العام يقدمون الخدمة لأكثر من أربعين ألف طالب وطالبة في قطاع الكليات، وخمسة عشر ألف طالب وطالبة في قطاع التدريب، تتنوع فيها المخرجات والشهادات التعليمية تشمل درجة البكالوريوس والدبلوم وما دون ذلك.

بعيداً عن المزايدات والمصالح الشخصية يظل خيار فصل التعليم التطبيقي عن التدريب هو الخيار المتاح، والأكثر مصداقية والأكثر جدوى من الناحية الأكاديمية والمادية، إذا ما أريد النهوض بمسيرة التعليم الجامعي في دولة الكويت.

ودمتم سالمين.