مبادرة الحكيم ناجحة لولا العقبة الإيرانية!
ما يطلبه بعض كبار المسؤولين العراقيين من دور عربي لإنهاء الأزمة العراقية غير ممكن تلبيته، ما لم ينته الوجود الإيراني السياسي والعسكري والأمني والميليشياوي الطاغي في العراق، لأن بقاء هذا الوجود سيعني الفشل المحتم لأي وساطة عربية بين المكونين العراقيين الرئيسيين، السني والشيعي، ولأن إيران تعتبر أن قرار الشيعة ليس في بغداد، بل في طهران.لقد لامس رئيس مجلس النواب العراقي، سليم الجبوري، الحقيقة بقوله، ربما رداً على السيد عمار الحكيم، صاحب هذه الفكرة التي ذهب بها إلى عمان لإقناع كبار المسؤولين الأردنيين بدور أساسي لهم في هذا المجال، إنه يريد إجراءات على الأرض، والمؤكد أن هذه الإجراءات التي يريدها هي نهاية مسبقة للظهور الإيراني الكاسح في العراق، وحيث إن ما لم يعد حتى أبناء الطائفة الشيعية الكريمة يحتملونه، هو أن هذا الظهور بات يتخذ طابعاً احتلالياً هو الذي تسبب في انتفاضة الجنوب الأخيرة (ذي قار وميسان البصرة) في وجه نوري المالكي الذي أصبح العراقيون يتعاملون ويتعاطون معه على أنه "وكيل" هذا الاحتلال.
هناك حكاية تقول إن حكيماً سئل عن أحب أبنائه إليه، وكان جوابه: "صغيرهم حتى يكبر وغائبهم حتى يعود ومريضهم حتى يبرأ"، ويقيناً إن العرب، إن لم يكن كلهم فمعظمهم، ينظرون إلى العراق بأهله كلهم، السنة والشيعة والمسيحيون والأيزيديون والصائبة... وأيضاً الأكراد إن هم أرادوا، على أنه الابن الغائب الذي سبب غيابه اهتزازاً في المعادلة القومية العربية.يجب أن يسترجع العرب العراق، ويجب أن يستعيد العراقيون كلهم، بكل مللهم ونحلهم، مكانتهم في قلب أمتهم العربية، ولعل من الممكن أن تكون البداية هي هذه المبادرة الخيرة فعلاً التي قام بها الحكيم، والتي لابد من التكاتف الفعلي لإزاحة كل العراقيل التي تعترضها، وأولها هذا "الظهور" الإيراني الكاسح في بلاد الرافدين، الذي بات العراقيون كلهم ينظرون إليه على أنه احتلال عنوانه الجنرال قاسم سليماني وحراس الثورة والتجار الإيرانيون الجشعون الذين يزاحمون أبناء الجنوب على لقمة عيشهم.وفي النهاية لابد من تأكيد أن ما يجمع العرب بإخوتهم الإيرانيين أكثر كثيراً مما يفرقهم، وأن الأمتين العربية والإيرانية مكملتان لبعضهما، وأن أي خلاف بين الأمتين هو كالخلاف بين شقيقين، بالإمكان حله بالود والحب والتنازلات المتبادلة، لكن المشكلة تكمن في أن لدى أصحاب القرار في طهران تطلعات خلف حدود بلادهم في اتجاه الغرب، وحقيقة أن هذا يتجسد في كل هذا "الظهور" العسكري والسياسي والأمني، سواء في العراق أو سورية أو اليمن أو لبنان، وحتى في غزة، والذي يتجسد أيضاً في أزمة الجزر الإماراتية، وفي أننا سمعنا أحد جنرالات الحرس الثوري، اللواء حسين سلامي، يقول: "إن الانتصار في حلب مقدمة لتحرير البحرين واليمن... إن شعب البحرين سيحقق أمنيته، وسيسعد الشعب اليمني، وسيتذوق أهل الموصل الانتصار... وهذه كلها وعود إلهية"!