بينما يميل ترامب إلى دعم الطاقة النووية، يشكل ذلك أولوية متدنية بالنسبة الى الكونغرس الأميركي. فبعد 37 سنة على انصهار جزئي لأحد مفاعليه، الأمر الذي جعله رمزاً لكارثة محتملة لنشاط اشعاعي، لايزال مجمع ثري مايل آيلاندThree Mile Island النووي يعمل حتى الآن. وتمثل منشأة دوفين كاونتي في باسادينا حالة المخاطرة الاقتصادية للصناعة النووية، اذ تحاصرها منافسة من جانب الغاز الطبيعي الرخيص وطاقتي الشمس والرياح اللتين تحصلان على الدعم. وقالت «اكسلون» الشركة المالكة لثري مايل آيلاند، والتي تتخذ من شيكاغو مقراً في بيان لها، إنه ما لم تتدخل الحكومة للمحافظة على العمل في المنشأة فإن مستقبلها سيصبح موضع شك بعد سنة 2019. وهذا شيء يناسب المعارضين.
ويقول اريك ابستين، وهو رئيس مجموعة انذار ثري مايل آيلاند في هاريسبرغ «لقد أخفقت الطاقة النووية بصورة كئيبة في السوق، وسيقضي ذلك على ثري مايل آيلاند». وعلى الرغم من ذلك وبالنسبة الى اولئك المهتمين بتغير المناخ – وادارة ترامب التي تضم مشككين في تغير المناخ بمن فيهم الرئيس المنتخب ليست من بينهم– يشكل ضعف الطاقة النووية تحدياً. وتنتج المفاعلات النووية حوالي ثلثي الطاقة الكهربائية الخالية من الكربون في الولايات المتحدة. وبسبب القيود الحالية على امداد طاقة الشمس والرياح أصبح الغاز الطبيعي البديل الرئيسي للطاقة النووية. وبحسب تقرير صدر حديثاً عن ثيرد واي، وهو مركز تفكير في واشنطن «عندما تحال المفاعلات النووية الى التقاعد فإنها ستستبدل بجيل متزايد من محطات تعمل بالغاز الطبيعي». وهذا يعني، في الأجل القصير على الأقل، انبعاثات أكبر من ثاني أكسيد الكربون.وأيد ترامب الاعتماد على الطاقة النووية، وطرحت مذكرة وجهت في مطلع شهر ديسمبر من قبل فريقه الانتقالي الى وزارة الطاقة الأميركية سؤالا عن امكانية وقف اغلاق المفاعلات التجارية وابقائها جزءا من البنية التحتية للبلاد». وقال روب بارنت، وهو محلل لدى «بلومبرغ»: بعيداً عن اللغة المنمقة حول تأييد الطاقة النووية سيشكل عمل أي شيء على المستوى الفدرالي في التنظيم أو السياسة تحدياً. ومن المتوقع أن يحبذ حاكم تكساس السابق ريك بيري، وهو من اختاره ترامب لمنصب وزير الطاقة، فكرة توسع الطاقة النووية، ولكن وزارة الطاقة تفتقر الى الأدوات لعمل الشيء الكثير من أجل تحسين عمل المفاعلات. ويضيف بارنت ان الكونغرس «سيكون منشغلاً جداً بقضايا اخرى».وتم منذ عام 2013 اغلاق 5 منشآت نووية في كاليفورنيا، وفلوريدا، ونبراسكا، وفيرمونت، وويسكانسون. كما أن الاقتصاد الضعيف قد يفضي عما قريب الى اغلاق ما لا يقل عن نصف دستة من المنشآت الـ61 المتبقية. ويعتبر الوضع الأطول أجلاً أكثر سوءاً. ويبدو أن أكثر من نصف المنشآت النووية التجارية الأميركية غير مربحة، بحسب تحليل صدر عن بلومبرغ نيو انرجي فاينانس.ويعمل بعض من المفاعلات التي لم تحقق نقطة التعادل حتى في ولايات ذات أسواق كهرباء منظمة، وهي تحمل خسائرها للمستهلكين. ولكن أكثر من نصف الوحدات غير المربحة يقع في مناطق لا تخضع للتنظيم، حيث أن العديد منها لا يستطيع المنافسة بشكل مربح مع الغاز الطبيعي الرخيص والوفير. ولننظر الى «بي جي ام» انتركونكشن، وهي الجمعية الاقليمية للنقل التي يبيع مصنع ثري مايل آيلاند طاقته من خلالها. إذ يبلغ متوسط سعر الكهرباء في بي جي ام 39 دولاراً لكل ميغاواط/ ساعة، بحسب متحدث باسمها. ولا يغطي ذلك تكلفة التوليد في المنشآت النووية ذات المفاعل الواحد، حيث يبلغ المتوسط 44.50 دولارا لكل ميغاواط/ ساعة. فيما يبلغ رقم التكلفة المقابل للغاز حوالي 25 دولاراً للميغاواط/ ساعة.وإضافة الى بيع الكهرباء في سوق الطاقة المباشر، يشارك المنتجون في سوق الصفقات المستقبلية، حيث يعدون بجعل الكهرباء متوافرة في السنوات المقبلة عند سعر محدد. ولكن ثري مايل آيلاند فشل خلال العامين الماضيين في الحصول على عقود في مزاد المستقبل التابع لـ»بي جي ام»، لأن الأسعار كانت عالية جداً. وينتج ثري مايل آيلاند، الذي افتتح في سنة 1974، ما يكفي من الكهرباء لتزويد 800 ألف منزل بالكهرباء. وقد أرعب الانصهار الذي حدث في مارس 1979، وهو الحادث النووي التجاري الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة الملايين من الناس، ولكنه لم يتسبب بأي اصابات أو وفيات، بحسب لجنة التنظيم النووية، وتوظف المنشأة 520 عاملاً.وقالت اكسلون، وهي أكبر شركة أميركية للمصانع النووية إنها «تنشط في محادثات مع العديد من قادة السياسة في بنسلفانيا لمساعدتهم على فهم أفضل للدور المهم الذي تلعبه الطاقة النووية. في وسع اكسلون الإشارة الى ولايتين اخريين هما نيويورك وايلينوي اتخذتا إجراءات هذه السنة من أجل انقاذ 5 من منشآتها النووية».
اقتصاد
هل يتمكن ترامب من إعادة تنشيط صناعة الطاقة النووية؟
31-12-2016