قد تصطدم شركة بوينغ بمشكلة مع الرئيس المنتخب ترامب، لكن عملاقة الطيران الأميركية تطمح الآن إلى ما هو أهم من ذلك، أي الصين. في عام 2016 اشترت الصين 164 طائرة من «بوينغ» بقيمة تصل إلى حوالي 11 مليار دولار، مما جعل من الصين عميلها الأكبر، وتأمل الشركة المحافظة على هذا المسار.

ويرى نائب رئيس «بوينغ» ريموند كونر أن «هذه فرصة عظيمة من أجل تقوية علاقات بوينغ العميقة والتاريخية مع الصين، والتطلع الى ما هو أكثر أهمية من مجرد سوق، فهي توفر فرصة للعمل كتفاً لكتف الى جانب شركائنا الصينيين».

Ad

وتتوقع «بوينغ» أن تصبح الصين أول سوق يحقق لها تريليونات الدولارات، وهي تتصور حاجة ذلك البلد الى أكثر من 6000 طائرة تجارية بغية استيعاب التوسع في احتياجاتها في مجال الطيران خلال العقدين المقبلين.

وقال كونر إن الصين ستشكل 30 في المئة من كل شحناتها من طائرات بوينغ 737 التي تنتج في ولاية واشنطن إضافة إلى حوالي 25 في المئة من كل موديلات الطائرات التي تصنع في تلك الولاية وفي كارولينا الجنوبية، مضيفا أن مثل هذه الطلبات ستستمر في دعم 150 ألف وظيفة في الولايات المتحدة سنوياً.

ورقة ترامب

وتتمثل الأنباء السيئة في سلسلة من السياسات التجارية القاسية نحو الصين، اذا حافظ الرئيس الأميركي المنتخب على وعوده التي قطعها خلال حملاته الانتخابية. ثم إن فرض تعرفة عالية على المستوردات الصينية قد يفضي الى خطوات انتقامية محتملة، وقد تعمد الصين الى أسلوب مماثل ما يفضي الى خسارة كبيرة بالنسبة الى «بوينغ» التي تواجه في الأساس وقتاً صعباً، كما توجد منافسة متزايدة وبيئة تباطؤ في الطلبات على الصعيدين المحلي والدولي. وقد تراجع عائد الربع الثالث لديها بـ1.9 مليار دولار ليصل الى 23.9 مليار دولار مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.

وتظل آسيا- وخاصة الصين- سوقا مهما للنمو بالنسبة الى «بوينغ» وهي تشكل حوالي 40 في المئة من اجمالي الاحتياجات الجديدة من الطائرات خلال العقدين المقبلين، بحسب أحدث تقرير صدر عن «بوينغ»، وليس في وسع هذه الشركة أن تتحمل استبدال طلباتها بطائرات من شركة ايرباص حسب ما أعلنت ذلك غلوبال تايمز المملوكة للدولة في نوفمبر الماضي.

ولكن، من قبيل الإنصاف، فإن هذا الوضع السلبي يعتمد تماماً على كيفية لعب ادارة ترامب لأوراقها. وبالنسبة الى الوقت الراهن يقول البعض من المحللين إن من الأفضل النظر الى السوق الصيني في الأجل الطويل.

ويقول جيف ويندو، وهو محلل رفيع في بحوث الأسهم لدى ادوارد جونز في حديث الى مجلة فوربس آسيا: «أظن أن المادة الرئيسية التي يتعين ملاحظتها هي محركات الأجل الطويل الحالية لتحسين النمو في الصين»، مضيفا أن «صعود الطبقة المتوسطة يساعد على دفع الزيادة في حركة السفر الجوي في آسيا، ما يؤدي إلى تحسين حركة السفر في الداخل الصيني، وعلى صعيد دولي، وستزيد شركات الطيران الصينية من الطلب على طائرات جديدة».

التقدم إلى الأمام

وأعلنت «بوينغ» السنة الماضية عن اتفاقية تاريخية لصنع أول منشآتها الاوفشور في الصين خلال زيارة الرئيس الصيني زي جينبنغ للولايات المتحدة في السنة الماضية. وستستهدف عبر شراكة مع مؤسسة الطائرات التجارية في الصين تسليم حوالي 100 طائرة من طراز بوينغ 737 سنوياً.

وأطلق نائب رئيس «بوينغ» كونر على هذه الخطوة سمة «التقدم الطبيعي» لأنها تسمح لـ»بوينغ» بجعل منتجاتها أكثر قرباً الى العملاء الصينيين، ومن شأن ذلك أن يحرر السعة في الولايات المتحدة لزيادة معدلات الانتاج ويشكل حالة فوز مؤكد بالنسبة الى البلدين.

وأوضح كونر «نحن نستثمر حوالي مليار دولار سنوياً من أجل دعم صناعة الطيران في الصين ولدى الموردين الصينيين دور في كل واحدة من طائراتنا التجارية، كما أن الصين تتمتع بأهمية كبيرة في نجاحنا كشركة وكمصدر رئيسي أميركي».

«بوينغ» في الصين

وتتمتع «بوينغ» التي كانت بين أول الشركات الأميركية التي دخلت الصين بتاريخ طويل مع ذلك البلد، وقد بدأ ذلك بعد وقت قصير من تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين في سبعينيات القرن الماضي بفضل هنري كيسنجر الذي كان وراء ذلك التطبيع وجعل من الممكن بالنسبة الى المزيد من الشركات الأميركية تأسيس أعمال في الصين في وقت لاحق.

وطورت الشركة التي بدأت بتوقيع عقود توريد مع شركاء صينيين علاقات قوية اليوم مع ذلك البلد. واستضافت كل زعيم صيني منذ عهد دنغ زياوبنغ في سبعينيات القرن الماضي، وفي الآونة الأخيرة رافق تنفيذيون من الشركة الرئيس الصيني زي في جولة في منشآت «بوينغ» بالولايات المتحدة.

وإلى جانب الطلب المتنامي على الطائرات التجارية لأغراض السفر، قال كونر إن نمو التجارة الالكترونية في الصين يمكن أن يصبح الخطوة الكبيرة التالية بالنسبة الى «بوينغ» ويعتبر سوق التجارة الالكترونية في الصين أساساً الأكبر من نوعه في العالم، مع توقع وصول مبيعاته الى 900 مليار دولار في هذه السنة، بحسب اي ماركتر. وتهدف الحكومة الصينية الى زيادة ذلك الرقم الى 5.7 تريليونات دولار سنوياً بحلول عام 2020، بحسب تقرير لوزارة التجارة.

وفي وقت سابق من هذه السنة، عرضت «بوينغ» برنامجاً لتحويل طائرات الركاب الى طائرات شحن ما يسمح لكل طائرة من الجيل التالي من طائرات 737 بحمل ما يصل الى 52 ألف رطل من الشحنات الى مسافات طويلة، وطلبت حتى الآن 30 شركة صينية طائرات الشحن المحولة كما التزمت 13 شركة أخرى بهذا البرنامج، بما في ذلك عمالقة التوصيل الصينية YTO وSF Express.