ألقت الحكومة المصرية بحجر ثقيل في مياه السياسة الراكدة، مطلقة موجات من ردود الفعل المتباينة، بعدما فاجأ مجلس الوزراء الجميع، مساء أمس الأول، وأقر اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والموقعة في 18 أبريل الماضي، والتي تتضمن تنازل الأولى للثانية عن جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر، وتجاهل "الوزراء" نظر القضاء لقضايا ذات شأن بالاتفاقية، وقرر إحالتها إلى البرلمان تمهيدا لإقرارها، وسط استياء حقوقي وقانوني وسياسي واسع، بينما عبر قطاع واسع من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي عن رفضهم للقرار.

وقال مصدر رفيع المستوى لـ "الجريدة"، إن إحالة نص الاتفاقية إلى البرلمان، اتخذ منذ عدة أيام، وتحديدا بعد قرار المحكمة الإدارية العليا بتحديد جلسة 16 يناير المقبل للنطق بالحكم في القضية، وأن رئيس الحكومة شريف إسماعيل، تجاهل إبلاغ الوزير المختص، وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، مجدي العجاتي، الذي فوجئ بالقرار ما دفعه للانسحاب من اجتماع مجلس الوزراء، لكن إسماعيل عمل على تهدئة ثائرته وعقد معه اجتماعا على انفراد.

Ad

وأثار تحرك الحكومة الذي استبق صدور حكم القضاء النهائي في 16 يناير المقبل، على طعن قدمته الحكومة على حكم سابق للقضاء الإداري ببطلان الاتفاقية، غضباً قانونياً، ما عبر عنه عضو هيئة الدفاع عن مصرية الجزيرتين، عصام الإسلامبولي، قائلا لـ "الجريدة": "ما حدث بلطجة سياسية ودستورية وقانونية من الحكومة، فهي تتطاول على القضاء والأحكام القضائية، وتتحرك خارج النطاق الشرعي، لأن القضاء الإداري أصدر حكما بإلغاء الاتفاقية لمخالفتها الدستور، وأعلن أنها والعدم سواء"، كاشفا عن طعن سيقدم أمام مجلس الدولة اليوم، لوقف هذا الإجراء.

واعتبر الخبير القانوني شوقي السيد، أن قرار الحكومة يزيد الأمور تعقيداً، لأن هناك عدة أحكام قضائية تمس الاتفاقية صدرت وفي طور الصدور، مشدداً على أن الأحكام القضائية يجب أن تكون الفيصل في الأمر.

في المقابل، رأى رئيس مجلس الدولة الأسبق، حامد الجمل، أن إقرار الحكومة للاتفاقية صحيح، لأن نظر القضاء الإداري للاتفاقيات الدولية مخالف للدستور والقانون، وعليه يمكن للبرلمان مناقشة الاتفاقية وإقرارها.

الجدل امتد إلى البرلمان، الذي يفترض أن يناقش الاتفاقية بعدما ترسلها الحكومة، إذ يعقد ائتلاف الأغلبية "دعم مصر"، اجتماعا مغلقا خلال أيام، لمناقشة الموقف، وفي حين رحب النائب مصطفى بكري بإقرار الحكومة للاتفاقية، قال النائب علاء عبد المنعم، لـ"الجريدة": "لا تجوز إحالة الاتفاقية إلى البرلمان، لأن القضاء الإداري ينظر القضية، وهناك حكم بأن الجزيرتين مصريتان"، مشيرا إلى أن الاتفاقية تتعلق بحقوق السيادة، ما يحتم على البرلمان اللجوء لاستفتاء شعبي لإقرارها.

بدوره قال النائب البرلماني، إيهاب منصور، لـ "الجريدة"، إن جدول أعمال مجلس النواب الخاص بجلساته المقرر عقدها يوم الاثنين وتنتهي الأربعاء المقبل، لا يتضمن مناقشة اتفاقية الجزيرتين، لكنه أضاف: "إذا رأى رئيس البرلمان أن يضيف مناقشة الاتفاقية إلى جدول الأعمال، فسيتم إحالتها إلى الجلسة العامة لأخذ الرأي النهائي حولها".

أمنياً، أعلنت وزارة الداخلية حالة الاستنفار والحالة القصوى "ج"، لتأمين احتفالات البلاد برأس السنة الميلادية غداً، وأعياد الميلاد المجيد الممتدة حتى 7 يناير المقبل، وقال مصدر أمني رفيع المستوى لـ "الجريدة"، أمس، إنه تقرر منع الإجازات في إطار خطة لتأمين الاحتفالات، مشدداً على أن قبضة حديدية ستفرض من قبل قوات الأمن على الشارع لإفشال أية محاولة لتهديد أمن البلاد، وأكد جاهزية القوات لتأمين المقر البابوي، وأشار إلى أن القوات ستحمي الكاتدرائية المرقسية من الخارج، في حين سيشارك شباب الكشافة التابعين للكنيسة في تنظيم الدخول.