طوال أشهر بدت عملية الإنقاذ محتملة، وطوال أسابيع بدت الحصيلة لا يمكن اجتنابها، وفي باستشي دي سينا، وهو ثالث أكبر بنوك ايطاليا والأكثر تعثراً واضطراباً في أوروبا، طلب تدخل الدولة، وكان البنك المركزي الأوروبي الذي يشرف على هذا البنك الايطالي قد أمهله حتى نهاية سنة 2016 كي للحصول على خمسة مليارات يورو ( 5.2 مليارات دولار ) على شكل أسهم، ولكن محاولات بنك مونتي دي باستشي دي سينا لجمع ذلك المبلغ عن طريق القطاع الخاص باءت بالفشل، ثم قال رئيس الوزراء الايطالي الجديد باولو جنتيلوني إن هذا اليوم "يمثل نقطة تحول بالنسبة الى البنك وإعادة طمأنة لمودعيه ومستقبله ".

وكان ذلك هو الأمل المنشود، وقد تضاعفت مشاكل هذا البنك طوال سنوات عدة، وفي سنة 2007 عمد الى شراء بنك ايطالي آخر يدعى أنتونوفينيتا بناء من سانتاندر الإسباني لقاء مبلغ نقدي وصل الى 9 مليارات يورو ثم أعقب ذلك المزيد من القصص المتعلقة بسوء الادارة. وقد سبق لبنك مونتي دي باستشي دي سينا أن حصل على عمليتي انقاذ من جانب الدولة الايطالية وتمكن من جمع 8 مليارات يورو عن طريق اصدار أسهم في عامي 2014 و 2015 على التوالي، كما بلغ اجمالي قروضه العديمة الأداء حوالي ثلث حساباته الدفترية، وخلال الصيف الماضي وفي اختبارات الجهد الأوروبية احتل المركز 51 من أصل 51 مؤسسة مالية، وفي العام الماضي هبطت قيمته في سوق الأسهم بنسبة 88 في المئة لتصل الى 440 مليون يورو، وتم سحب حوالي 14 مليار يورو من أصل المبالغ المودعة لديه في أول تسعة أشهر من عام 2016، وخلال الأسبوع الماضي قال البنك إن سيولته البالغة 11 مليار يورو سوف تستمر لمدة أربعة شهور فقط.

Ad

ثم تم الكشف عن خطة انقاذ وضعها مصرفيون في مصرفي جي بي مورغان وميديوبانكا وذلك في شهر يوليو الماضي وتضمنت التخلص من قروض معدومة تبلغ 27.8 مليار يورو ووضعها في كيان مستقل اضافة الى اعادة تمويل البنك المتعثر بحوالي خمسة مليارات يورو، وكانت الفكرة المقترحة تقضي بأن يتم جمع الأموال بشكل جزئي عن طريق مبادلة ديون بأسهم اضافة الى بيع أسهم مع حصول مستثمر – كان يحتمل أن يكون صندوق الثروة السيادية في قطر، وبدت تلك الخطوة بعيدة المنال كما أن فرصها تبددت بعد هزيمة رئيس الوزراء الايطالي السابق ماتيو رينزي في استفتاء على اصلاح الدستور في الرابع من شهر ديسمبر، وقد جمع هذا التحويل 2.5 مليار يورو ولكن عملية اصدار الأسهم أخفقت كما أفضت تقويض الخطة بأكملها.

وفي الحادي والعشرين من شهر ديسمبر أقر البرلمان الايطالي مشروع قانون يهدف الى تأسيس صندوق بقيمة 20 مليار يورو من أجل ضمان السيولة أو تعزيز وتقوية رأس المال في البنوك التي تطلب ذلك وهي الخطوة التي أقدم عليها بنك مونتي دي باستشي دي سينا منذ ذلك الوقت، كما أن الحكومة الايطالية أقرت قانوناً يحدد كيفية تحقيق مثل ذلك التدخل. وعلى الرغم من أن الأمر يحتاج الى طرح تفاصيل حول هذه العملية غير أن بعض الأشياء كانت واضحة تماما.

وبحسب قوانين المساعدات الحكومية الأوروبية الجديدة يتم انقاذ حملة السندات والأسهم في حال قيام الحكومة بانقاذ البنوك، وعلى أي حال، سوف يحصل بنك مونتي دي باستشي على اعادة رسملة "احتياطية" ضمن قوانين أقل حدة وصرامة، وقد تتمكن الحكومة من ضخ أسهم من أجل الحفاظ على استقرار مالي مع احتمال البيع بمجرد أن يسمح السوق بهذه الخطوة. ومن أجل التأهل لذلك يتعين أن يشهر البنك افلاسه، كما يتعين أن يتم الضخ وفقاً لشروط السوق أيضاً ويجب أن تكون الأموال لازمة من أجل التعويض عن النقص الذي يحدده اختبار الجهد، وهو ما أخفق فيه بنك مونتي دي باستشي.

وتطلب القوانين قيام حملة السندات بتحمل قسط من الأعباء، ولكن العديد من مستثمري بنك مونتي دي باستشي – 40000 عائلة، تملك ما يساوي ملياري يورو من السندات، قد يحصلون على إعفاء من ذلك، اضافة الى أن الكثيرين لم يفهموا المخاطر التي يتعرضون لها، ويقول متحدث باسم اللجنة الأوروبية، في حال سوء البيع تستطيع البنوك أن تضمن عدم حدوث تأثيرات عكسية بالنسبة الى المستثمرين، وعلى شكل جزء من خطة الانقاذ سوف يتم تحويل السندات الصغيرة الى أسهم. وخشية حدوث طوفان من الدعاوى القضائية بتهمة سوء البيع، قال البنك إن حملة السندات التي صدرت في سنة 2008 سوف يحصلون في نهاية المطاف على سندات عادية من القيمة ذاتها.

وفي شهر أكتوبر الماضي قدم الرئيس الجديدلبنك مونتي دي باستشي السيد ماركو موريلي خطة تهدف الى الاستغناء عن 2600 وظيفة بحلول سنة 2019 اضافة الى اغلاق ربع عدد فروع البنك الـ 2000، ويتعين الآن أن تتم الموافقة على خطة عمل منقحة من قبل البنك المركزي الأوروبي واللجنة، وقد يحتاج ذلك الى بضعة أشهر، وفي غضون ذلك، يسمح قانون البنوك في ايطاليا بضمان الدولة للسندات التي صدرت من قبل بنك مونتي دي باستشي، بحيث يتمكن من سد النقص في سيولته.

وبمجرد أن يتم تحديد الجوانب الفنية سوف يكون في وسع البنك العودة الى ممارسة أعماله العادية، وبالنسبة الى الحكومة الايطالية سوف تضيف عملية الانقاذ المزيد من الديون التي وصلت في الأساس الى 133 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، وهي الأعلى في منطقة اليورو بعد اليونان.