كيف للأسواق أن تفاجئ المستثمرين في 2017؟

نشر في 31-12-2016
آخر تحديث 31-12-2016 | 00:00
 إيكونوميست إذا كانت 2016 سنة الهزات والصدمات فما الذي سوف تحمله الـ12 شهراً المقبلة؟ لقد حان الوقت للتقليد السنوي الذي يرجع الى عام 2015، عندما فاجأت هذه المجلة بتوقعاتها للسنة المقبلة. كيف يمكن للأسواق أن تفاجئ المستثمرين في 2017؟

والمفاجأة هي شيء لا يتوقعه الاتفاق الجماعي في الرأي، وفق ما تشير إليه دراسة صدرت عن بنك اوف أميركا ميريل لينش الى ما يعتقده معظم الناس. وفي أعقاب انتخاب دونالد ترامب للرئاسة الأميركية كان المستثمرون يتوقعون تحقيق نمو اقتصادي يفوق المسار العادي، ومعدلات تضخم أعلى وأرباح أقوى وأفضل، وقد استثمروا بقوة في الأسهم مع انكشاف أقل من العادي على السندات.

ولذلك ليس من الصعب رؤية الطريقة التي سوف تطرح المفاجأة بها خطوتها الأولى، وتعتبر التوقعات المتعلقة بفعالية السياسات المالية لترامب عالية بصورة استثنائية، ولكن تنفيذ تلك السياسات يتطلب وقتاً وقد يتم تخفيفها من خلال الكونغرس، وخاصة ما يتعلق بقضية الانفاق العام. وفي حقيقة الأمر فإن الجوانب الديمغرافية وانكماش الانتاجية قد تجعل من الصعب تماماً دفع النمو الاقتصادي الى تحقيق نسبة عالية تصل الى 3.4 في المئة التي تأمل الادارة الأميركية الجديدة ببلوغها، ولم يسهم التحفيز المالي أو النقدي في اخراج اليابان من محنتها على أي حال، ثم إن الأرباح في الولايات المتحدة والتي شهدت هبوطاً في مطلع السنة الحالية سوف تتحسن بكل تأكيد، وخاصة اذا أقدمت الادارة الجديدة على خفض الضرائب على الشركات، ولكن تسعير السوق وفقاً لنسبة السعر الى الربح، المعدلة عند 28.3 في المئة بحسب روبرت شيلر من جامعة ييل، فإن العديد من الأشياء الجيدة سوف يتم تسعيرها أيضاً، كما أن النسبة التي وصل متوسط الربح فيها الى0 7 في المئة خلال السنوات العشر الماضية أعلى من المتوسط في الأجل الطويل.

وفي غضون ذلك، يخطط مجلس الاحتياطي الفدرالي لثلاث زيادات في معدلات الفائدة في العام المقبل وهي خطوة قد ترفع من قيمة الدولار (كما تخفّض قيمة العملة الأميركية بالنسبة الى الأرباح الخارجية للشركات الأميركية المتعددة الجنسية)، وهكذا فإن المفاجأة قد تتمثل في أن وول ستريت لن يكون مركز الأداء المالي الكبير في العام المقبل.

وقد تتمثل المفاجأة الثانية في أن أداء السندات الحكومية لن يكون سيئاً جداً، وقد وصلت سندات الخزينة الى حدودها القصوى البالغة 1.5 في المئة الى 3 في المئة التي كان يتم تداولها فيها خلال السنوات الأخيرة، وتسير تكلفة الاقتراض في القطاع الخاص، بما في ذلك سندات الشركات والرهونات العقارية المحددة السعر على خط واحد مع أرباح سندات الخزينة. ومن شأن زيادة تكلفة الاقتراض إحداث تأثيرات سلبية على النشاط الاقتصادي، ونتيجة لذلك فإن الزيادة الحادة في أرباح السندات سوف تكون ذاتية التصحيح في أغلب الأحيان نظراً لأن المعلومات الاقتصادية الأضعف تميل الى خفض الأرباح.

وقد تتمثل المفاجأة الثالثة المحتملة في صورة الكلب الذي لا ينبح، ويتمحور القلق الأكبر لدى مديري الصناديق الذين استطلعت دراسة بنك اوف أميركا ميريل لينش آراءهم في تفكك الاتحاد الأوروبي، ونتيجة لذلك عمدوا الى الاحتفاظ بكمية أقل من المعتاد في الأسهم الأوروبية، ولكن الاتحاد الأوروبي قد يعبر السنة من دون أن يتأثر اذا ما تعرضت مارين لوبان لهزيمة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وأعيد انتخاب أنجيلا ميركل في ألمانيا، ثم إن الشعبية لا تحقق الفوز في كل مرة، كما أظهرت الانتخابات الرئاسية في النمسا في الآونة الأخيرة. وفي حقيقة الأمر فإن اقتصادات منطقة اليورو قد تنمو عند معدلات لافتة تصل الى 1.6 في المئة في العام المقبل بحسب توقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وربما تبدو القارة الأوروبية مثل ملاذ آمن في ضوء الأحداث الجارية في أماكن اخرى.

وقد تأتي المفاجأة الاخرى في سنة 2017 عبر الاضطراب الكبير في الأسواق، وكانت هناك قلة من مثل هذه الأحداث في الماضي، وشملت الانهيارات البارزة والقفزات المباغتة في أرباح السندات، وهي تبدو مثل نتيجة لبرامج الحاسوب التي تحرك المبيعات عندما يتم الوصول الى نقاط سعر محددة مع تراجع في تداول البنوك، وهو ما جعل درجة السيولة أقل في الأسواق.

ثم إن التريليونات التي تتدفق عبر الأسواق المالية يومياً تشكل هدفاً مغرياً أيضاً للحروب والجرائم السبرانية، وقد تكون القصة الكبيرة في العام المقبل الانهيار الذي لا يمكن تفسيره في الأسواق المعرضة للمتاعب، كما هو الحال في سندات الشركات العالية الأرباح.

وقد تتمثل المفاجأة الأخيرة في الذهب، ويمكن للمرء أن يفهم سبب شراء المستثمرين للذهب عندما بدأت البنوك المركزية بتوسيع ميزانياتها بعد سنة 2008، ولكن من الأكثر صعوبة تفسير سبب تضاعف السعر خلال أقل من ثلاث سنوات قبل أن يبدأ بالهبوط منذ سنة 2011.

ومع ارتفاع توقعات المستثمرين للتضخم منذ الانتخابات الرئاسية الأميركية كان يتوقع للذهب أن يتماسك، ولكنه بدلاً من ذلك هبط بصورة حادة، وربما يرجع ذلك الى اعتقاد المستثمرين بأن المعدن الأصفر أقل قيمة من الدولار الذي ارتفعت قيمته، ولكن الذهب ليس مجرد تحوط في وجه التضخم لأنه يكون مطلوباً في أوقات المخاطر السياسية أيضاً، ومع توجه ادارة ترامب نحو مقاربة أكثر عدوانية ازاء الصين وايران يصعب أن نتوقع عدم حصول الذهب على فرصة للتألق في العام المقبل.

الاتحاد الأوروبي قد يعبر السنة الجديدة دون أن يتأثر إذا تعرضت مارين لوبان لهزيمة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية وأعيد انتخاب ميركل في ألمانيا

المفاجأة قد تتمثل في أن "وول ستريت" لن يكون مركز الأداء المالي الكبير العام المقبل
back to top