ساد الهدوء الجبهات الرئيسية في سورية أمس، بعد ساعات من دخول الهدنة حيز التنفيذ بموجب اتفاق روسي تركي، باستثناء خروقات أبرزها قرب دمشق حيث اندلعت اشتباكات تخللها قصف مروحي، وفق ما أكد المرصد السوري لحقوق الانسان.

ويأتي التوصل إلى الاتفاق، الذي أعلنه، أمس الأول، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووافقت عليه قوات النظام والفصائل المقاتلة المعارضة، في ضوء التقارب الأخير بين موسكو، حليفة دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة، وهو أول اتفاق برعاية تركية، بعدما كانت الولايات المتحدة شريكة روسيا في اتفاقات هدنة مماثلة تم التوصل اليها في فترات سابقة، لكنها لم تصمد.

Ad

وأفاد مدير المرصد رامي عبدالرحمن بـ"استمرار الهدوء منذ منتصف ليل الخميس- الجمعة في معظم المناطق السورية منذ سريان الهدنة"، مضيفاً "لم يسجل استشهاد أي مدني منذ بدء تطبيق الاتفاق".

وأكد عبدالرحمن تسجيل خرق رئيسي أمس، في منطقة وادي بردى قرب دمشق، حيث "اندلعت اشتباكات رافقها قصف مروحي لقوات النظام على مواقع الفصائل المعارضة وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً)".

وتعد منطقة وادي بردى المصدر الأساسي الذي يغذي دمشق بالمياه. واتهمت السلطات الفصائل قبل أيام بتلويث المياه ثم قطعها عن دمشق إثر هجوم عسكري بدأه الجيش قبل تسعة أيام للسيطرة على المنطقة.

جبهات أخرى

على جبهات أخرى، أكد مراسلون لـ"فرانس برس" في مناطق تحت سيطرة الفصائل وتحديداً في الغوطة الشرقية في ريف دمشق وإدلب (شمال غرب)، استمرار الهدوء وعدم سماع دوي أي قصف أو غارات منذ منتصف الليل.

وشهدت العاصمة هدوءاً تاماً بعد سقوط قذائف عدة، أمس الأول، على بعض المناطق أوقعت عدداً من الجرحى، وسجلت خروقات محدودة ليلاً في مناطق أخرى.

وفي ريف حماة الشمالي، اندلعت بعد منتصف ليل الخميس- الجمعة اشتباكات عنيفة بين فصيل إسلامي رجّح المرصد أن يكون "جند الأقصى" الجهادي غير الموقّع على الاتفاق وقوات النظام قرب بلدة محردة.

وقال المرصد، إن الطيران السوري نفذ 16 ضربة جوية على الأقل استهدفت مقاتلين معارضين بمحافظة حماة في شمال البلاد أمس، في أحدث أعمال عنف تعترض وقفاً لإطلاق النار أبرم بوساطة روسيا وتركيا، ولم يشر المرصد إلى سقوط قتلى أو جرحى.

ظهور خلافات

وبينما يستثني الاتفاق التنظيمات المصنفة "إرهابية"، وبشكل رئيسي تنظيم "داعش"، برز تباين حول ما إذا كان يشمل جبهة "فتح الشام" أم يستثنيها.

وإذ أعلن الجيش السوري في بيان أنه "يُستثنى" من الاتفاق "تنظيما داعش وجبهة النصرة الإرهابيان والمجموعات المرتبطة بهما". فإن الفصائل المعارضة والائتلاف الوطني أكدت أنه يسري "على جميع المناطق التي توجد فيها المعارضة المعتدلة أو تلك التي تضم المعارضة المعتدلة مع عناصر فتح الشام على غرار إدلب".

سبع مجموعات

وتحدث وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عن سبع مجموعات تمثل 62 ألف مقاتل من "أبرز قوات" المعارضة، وقعت اتفاق وقف النار مع دمشق.

ويعد وقف إطلاق النار، الذي يأتي بعد أسبوع من سيطرة الجيش السوري بشكل كامل على مدينة حلب في شمال البلاد، الأول منذ سبتمبر، عندما تم التوصل إلى هدنة بموجب تفاهم روسي أميركي ما لبثت أن انهارت.

ويسود الحذر إزاء إمكانية صمود وقف إطلاق النار، على الرغم من أن العنصر المختلف هذه المرة يكمن في أن انخراط روسيا وإيران، أبرز داعمي النظام، في الاتفاق إلى جانب تركيا، قد يؤسس لتقدم حقيقي.

ومن شأن صمود وقف النار أن يمهد لمحادثات سلام مرتقبة الشهر المقبل، وأعلنت موسكو، أمس الأول، بدء الاستعدادات لعقدها في أستانا، عاصمة كازاخستان، في يناير على الأرجح.

وقال مكتب رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف أمس، إنه أمر وزارة الخارجية بالتحضير لاستضافة محادثات سورية في المستقبل القريب.

وفي تغريدة على موقع "تويتر" أمس، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن "وقف إطلاق النار إنجاز كبير"، داعياً إلى "استغلال هذه الفرصة لاقتلاع جذور الإرهاب".

ترحيب دولي

ورغم عدم مشاركتها في المفاوضات، وصفت واشنطن الاتفاق بـ"التطور الإيجابي". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك تونر "نرحب بكل جهد لوقف العنف وإنقاذ الأرواح وتهيئة الظروف لاستئناف مفاوضات سياسية مثمرة".

ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الاتفاق بأنه "فرصة تاريخية". وحضّ الدول، التي تحظى بنفوذ على الأرض في سورية، من دون أن يذكرها بالاسم، على العمل لضمان الالتزام بوقف إطلاق النار.

واعتبر وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أن "هناك فرصة حقيقية لنصل إلى تسوية سياسية للأزمة" التي تسببت بمقتل أكثر من 310 آلاف شخص منذ اندلاعها منتصف مارس 2011.

وأبدى مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا دعمه لمحادثات أستانا، أملاً أن تساهم هذه التطورات في "استئناف المفاوضات السورية، التي ستتم الدعوة إليها برعاية الأمم المتحدة في الثامن من فبراير 2017".