للورود المجففة بريق وألق وجمال يُضفي لمسة مفعمة بالذوق على المكان، لكن لا يمكن أن تُصبح البديل عن الزهور الطبيعية، التي تمنح منزلكِ رائحةً ذكيةً وعطراً فواحاً، وتجعل منه دوحة غناء، مقارنة فرضت نفسها وأنا أتأمل حصاد السينما المصرية في عام 2016، وسعي بعض أفلامها إلى الحضور في المهرجانات الإقليمية والعالمية، ونجاح عدد منها في حصد بعض الجوائز والتقدير، فيما تصدمنا الحقيقة المُرة الأكثر سطوعاً، التي تقول إن «جحيم في الهند» حقق إيرادات بلغت 35 مليون جنيه أهلته لأن يُصبح «الأعلى تحقيقاً للإيرادات في تاريخ السينما المصرية»، متجاوزاً الرقم القياسي السابق المسجل باسم «الجزيرة 2»!

حصدت السينما المصرية جوائز عدة في المحافل الدولية، آخرها فوز الفيلم التسجيلي المصري «أبداً لم نكن أطفالاً» إخراج محمود سليمان بجائزة لجنة التحكيم الخاصة لـ{مهرجان خريبكة السينمائي الدولي للفيلم الوثائقي»، وقبله انتزعت جائزتي أفضل ممثل (علي صبحي عن فيلم «علي معزة وإبراهيم») وأفضل مخرج (محمد حمَاد عن فيلم «أخضر يابس») في «مهرجان دبي السينمائي الدولي» الثالث عشر (7 – 14 ديسمبر 2016).

Ad

ونجح «أخضر يابس» في المشاركة في مسابقة العمل الأول للأفلام الروائية الطويلة «صناع سينما الحاضر» بـ «مهرجان لوكارنو السينمائي» الـ 69، كذلك شارك في «مهرجان السينما الفرنكوفونية» الدولي ضمن مسابقة العمل الأول للأفلام الروائية الطويلة، وشارك في قسم «السينما اليوم» Cinema Today في {مهرجان سنغافورة السينمائي الدولي} الـ 27. كذلك اختير {اشتباك} إخراج محمد دياب ليكون فيلم افتتاح قسم {نظرة ما} في {كان السينمائي} في دورته الـ 69، ورشّح بواسطة نقاد {هوليوود ريبورتر} ضمن قائمة أفضل 10 أفلام عُرضت في المهرجان، وفاز بجائزة النقاد في ختام {مهرجان سينما البحر المتوسط} ببروكسل، وبجائزة أفضل فيلم (Golden Pram) في {مهرجان زغرب السينمائي الدولي}، بالإضافة إلى أربع جوائز في الدورة 27 لـ{أيام قرطاج السينمائية}، وثلاث جوائز في الدورة 61 لـ{مهرجان بلد الوليد} بإسبانيا، فضلاً عن الجائزة الكبرى لـ{مهرجان الفيلم العربي} بـفاماك في فرنسا، ومشاركته في الدورة 60 لـ{مهرجان لندن السينمائي}، وحصده جائزة أفضل فيلم وجائزة الجمهور في الدورة 21 لـ{مهرجان كيرلا السينمائي الدولي} في الهند (9-16 ديسمبر). وبعدما وصل مجموع الجوائز التي حصل عليها في المهرجانات الدولية إلى نحو 12 جائزة، اختير للعرض في القسم الخاص بأفضل إنتاجات السينما المصرية في عامي 2015 و2016 الذي نظمه {مهرجان القاهرة السينمائي الدولي} في دورته الـ 38، واختير ليمثّل مصر في مسابقة أوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، قبل أن يخرج من التصفيات، وهو المصير الذي ينتظر ترشيحه بواسطة إدارة {مهرجان دبي السينمائي الدولي} ليشاهده أعضاء رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية في عرض خاص استثنائي بغية الحصول على فرصة للمنافسة على جوائز{غولدن غلوب}!

إنه {الورد المجفف}، الذي نجحنا في تصنيعه، و{الاستثناءات}، التي تشبثنا بتلابيبها، كما فعلنا في {آخر أيام المدينة} إخراج تامر السعيد، الذي أحدث ضجة كبيرة بعد استبعاده من المشاركة في المسابقة الدولية لـ{مهرجان القاهرة السينمائي} في دورته الأخيرة. لكنه نجح بعدها مباشرة في حصد الجائزة الكبرى وجائزة لجنة تحكيم الشباب لأحسن فيلم في مهرجان DES 3 CONTINENTS، كان فاز بجائزة CALIGARI FILM PRIZE في {مهرجان برلين السينمائي الدولي} في دورته الـ66. وكان العام بدأ بإعلان فوز {نوارة} بجائزة الوهر الذهبي، التي تسلمتها المخرجة هالة خليل، وأفضل ممثلة (منة شلبي)، في النسخة التاسعة لـ{مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي}، فيما ذهبت جائزة أفضل روائي قصير إلى {حار جاف صيفاً} إخراج شريف البنداري. لكن أين هي الزهور الطبيعية التي تستشعر معها قوة صناعة السينما المصرية وخصوبتها؟

من بين ما يقرب من 30 فيلماً عُرضت تجارياً في عام 2016 توالت الصدمات والخيبات، كما في: {تحت الترابيزة} بطولة محمد سعد، {اللي اختشوا ماتوا} لغادة عبد الرازق، {صابر جوجل} لمحمد رجب، {كنغر حبنا} لرامز جلال، {فص ملح وداخ} لعمرو عبد الجليل، وبالطبع {نعمة} لابتسام المكي، و}عمود فقري} لعلا غانم، و}تفاحة حوا} لسهر الصايغ وتارا عماد. واللافت أن الفشل الجماهيري، والنقدي، تجاوز هذه الأفلام سالفة الذكر ليصل إلى أفلام مخرجين كبار خيبوا التوقعات، أمثال محمد خان في {قبل زحمة الصيف} ويسري نصر الله في {الماء والخضرة والوجه الحسن}، ولحق بهما المخرج خالد الحجر في {حرام الجسد}، فيما حققت أفلام أخرى المفاجأة وتجاوباً نقدياً وجماهيرياً لم يكن في الحسبان، أبرزها {هيبتا.. المحاضرة الأخيرة} إخراج هادي الباجوري، و{من 30 سنة} إخراج عمرو عرفة، و{الهرم الرابع} إخراج بيتر ميمي.

وفي هذه المناسبة لا يمكن القول، مطلقاً، إن النجاح الذي حققه {لف ودوران} إخراج خالد مرعي و{أبو شنب} إخراج سامح عبد العزيز، لم يكن في الحسبان، بل كان متوقعاً بدرجة كبيرة، رغم أن الفيلمين ليسا الأفضل في مسيرة أحمد حلمي وياسمين عبد العزيز!