لوحات الرسام التشكيلي السوري صفوان داحول في «أيام غاليري» دبي
«منمنمات» تعيد صياغة العناصر الطبيعية في التجريب والسيكولوجيا
يعرض الرسام التشكيلي السوري صفوان داحول مجموعة من لوحاته في «أيام غاليري» دبي تحت عنوان «منمنمات» (9 يانير- 4 مارس 2017)، تلقي الضوء على سعي الفنان الدؤوب لاستكشاف مبادئ الفن التشكيلي وكيفية استخدام العناصر الشكلية في صياغة الطبيعة المؤثرة للوحة.
تركز اعمال صفوان داحول الجديدة على التجريب في مجال الأثر البصري للمقاييس وصعوبة تقليص الأعمال التشكيلية الضخمة إلى لوحات بعرض راحة اليد الواحدة. وتعدّ لوحاته الأخيرة استكمالا لسلسلته المستمرة منذ 1987 والتي تتكرر موضوعاتها بتفاصيلها الدقيقة، رغم محدودية المساحة، محافظة على تأثيرها المعهود، وعلى الثقل السيكولوجي نفسه الذي يميّز أعماله السابقة.
عالم سري
تعدّ اللوحات الجديدة بمثابة محاكاة للعمل التركيبي الأخير ضمن السلسلة ذاتها التي ضمّت لوحات ضخمة الأبعاد نقلت المشاهد إلى عوالم أخرى. في المقابل تتطلب اللوحات المصغّرة تفحصاً ممعناً يدفع المشاهد إلى الاقتراب منها بشكل أعمق، كما لو أنه يسترقّ النظر إلى عالم سرّي. على سبيل المثال، يُظهر عمل ثلاثي لوحات ذاتية متوازية، تجسّد بطلة أعماله المألوفة في لحظات متتابعة من السكون، في حين يرمز إلى مرور الزمن من خلال عينيها، إذ تبدو نظرتها جوفاء باللون الأسود في إحدى اللوحات، بينما تظهر في أخرى كما لو أنها مستغرقة في النوم، وفي لوحة ثالثة، تحدّق البطلة مباشرة في المشاهد، وتتألق عيناها بأدق التفاصيل. تختصر هذه الثلاثية التي تعيد إلى الأذهان فكرة اللوح القصصي، التبدّل الذي طرأ على المنحى الروائي لسلسلة «حلم» على مرّ السنين حيث جسّدت بطلة داحول تحليله الخامس للعقل الباطن.بحسب الفنان، تعدّ تلك الأعمال ذات الأبعاد الصغيرة تجسيداً لأحلامنا الآخذة بالتقلص، فضلا عن معنى رمزي يمكن استخلاصه بشكل أعمق من تلك الإشارات إلى فن اللوحات الدينية القديم، كتلك الموجودة في الأيقونات وفي الفن الإسلامي على حدّ سواء، إما كصور تجريدية أو رسوم نصية. يعود إعجاب داحول بالرسم التصوير الديني إلى فترة إقامته في بلجيكا حيث اطلع على النماذج الفلمنكية وتبنى السمات الشكلية التي ميّزت فنّ عصر النهضة في أوروبا الشمالية وبشكل خاص تلك التي تجسّد حالات الأسى والتشاؤم.
دور بارز
صفوان داحول، أحد أبرز الرسامين في العالم العربي، برهنت أعماله قدرة أنماط التشكيل المعاصر على تجسيد الأرضية النفسية لزمان يعاني تقلباً دائماً.تتلمذ داحول (مواليد مدينة حماة السورية عام 1961) على يد فنانين حداثيين رواد في جامعة دمشق، قبل أن يتجه إلى بلجيكا حيث حاز شهادة الدكتوراه في المعهد العالي للفنون. لدى عودته إلى سورية، بدأ التدريس في كلية الفنون الجميلة وكان له دور بارز على الساحة الفنية في دمشق، وفي تنشئة جيل من الفنانين كمرشد فاعل، وكان لأسلوبه الدائم التطور الأثر في ابتكار اتجاهات جديدة في مجال الفن التشكيلي. تعدّ مسيرة داحول الفنية حلقة مفصلية تربط الفن العربي الحديث بالمعاصر لا سيما من خلال المنحى والمكانة اللتين يحتلهما أسلوبه الفني. منذ أواخر الثمانينيات، خاضت «سلسلة حلم» لداحول في المآلات الحسيّة والنفسيّة لمفاهيم الغربة، العزلة والحنين التي تخترق التجربة الإنسانية في مراحل عدة من الحياة. إذ يستعين في مجمل أعماله الاستثنائية التي تأخذ جزئياً طابع السيرة الذاتية، بالخصائص الأساسية لفن الرسم لإظهار الإحساس الباطني بالانغلاق الذي يبرز خلال الأزمات سواء كان ذلك في أوقات الحداد، الفراق، أو الصراع السياسي. تساعد بطلة الرسام أيضاً التي يتكرر ظهورها في أعماله على خوض هذه التجربة العميقة، من خلال جسدها الملتوي، ونظرتها الشاغرة في معظم الأحيان، وبنيتها الجسدية المصغرة لكن العظيمة في الوقت ذاته، وحضورها ضمن محيط مبهم. أعمال داحول محفوظة ضمن مجموعات خاصة وعامة بما فيها: معهد العالم العربي في باريس، مؤسسة برجيل للفنون الشارقة، المتحف الوطني دمشق، الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي الكويت. شارك في معارض فردية وجماعية في دبي، كوريا الجنوبية، بيروت، لندن، باريس.