يكثر الحديث عن تزايد معدلات السمنة في الكويت. ما تعريفها في المنظور الطبي؟ وما أسبابها؟

Ad

السمنة هي تراكم الدهون في الجسم أكثر من المعتاد، ما يشكل عبئاً عليه ويؤثر سلباً فيه. اعتبرتها منظمة الصحة العالمية أول مشكلة صحية نتيجة لتفشيها في المجتمعات كافة، ولما يترتب عليها من مخاطر جسيمة تؤدي إلى اعتلال وظائف الأعضاء وتلفها، مع معاناة صحية وجسدية واجتماعية.

أما أسبابها، فهي حصول الفرد على كمية من الطاقة تزيد على احتياجه، نتيجة لسلوكيات غذائية خاطئة تؤدي به إلى الإفراط في تناول الأغذية ذات السعرات الحرارية العالية، إضافة إلى عدم مزاولة الرياضة وقلة الحركة نتيجة للتقدم والتكنولوجيا، ما يؤدي إلى عدم حرق الطاقة التي يحصل عليها الفرد. إلى جانب العامل النفسي، المتمثل في وجود كثير من الناس الذين يستخدمون الأكل كوسيلة للتنفيس عن العواطف المكبوتة، كالقلق والخوف والغضب والوحدة.

كذلك ثمة العامل الوراثي، فقد أثبتت الدراسات أنه إذا كان أحد الوالدين سميناً، فإن احتمال سمنة الأبناء يكون قليلا. أما إذا كان الوالدان معاً فيكون الاحتمال كبيراً، وتتضح هذه الظاهرة الوراثية في السمنة، من خلال تجميع الدهون بالأماكن نفسها في الوالدين، مع احتمال أن تكون الإصابة بسبب الاضطرابات الهرمونية، إذ توجد نسبة قليلة من حالات السمنة تعود إلى اضطرابات عدة، كنقص إفرازات الغدة الدرقية، لأسباب مرضية واضطرابات الغدة النخامية أو الغدد التناسلية أو فوق الكلوية.

ما الوسائل الجراحية الشائعة لعلاج السمنة؟

ثمة أنواع نظم غذائية عدة (الريجيم أو الحمية) تركز على تقليل كمية السعرات المتناولة في الطعام، وتحوير نمط الحياة، مثل نظام تقليل السعرات بدرجة متوسطة الذي يؤدي عادة إلى نقص الوزن، لكنه مؤقت.

أما نظام السعرات المنخفضة جداً، فقد يكون أكثر فاعلية، لكن بمضار جانبية، علاوة على عدم القدرة على الاستمرارية فيه. كذلك للأدوية دور في المساعدة مع الالتزام بالنظم الغذائية، لذا تشير الهيئة الأميركية للنظم الغذائية إلى أن الغالبية ممن يفقدون الوزن الزائد باستخدام هذه النظم والأدوية يرجعون إلى أوزانهم السابقة خلال سنة إلى ثلاث سنوات.

العلاج الجراحي

ماذا عن الوسائل الجراحية أو التدخلية؟

أجمعت المراكز الطبية في العالم، بعد دراسات مستفيضة، على أنه لا يمكن للنظم الغذائية (الريجيم) والرياضة أو تغيير نمط الحياة أن تعطي نتائج إيجابية وتخفض الوزن على المديين المتوسط والبعيد لمن تجاوز معامل كتلة الجسم لديه 35 كغم م2. لذا تبقى الجراحات أفضل وسيلة للحصول على انخفاض مقبول في الوزن على المديين المتوسط والبعيد لمن لهم معامل كتلة الجسم 35 وما فوق. وكلما زاد المعامل قلت فرصة نجاح النظم الغذائية في إنقاص الوزن.

ما أنواع جراحات السمنة؟ وما الحالات التي تستوجب الخضوع لها؟

تهدف جراحات السمنة إلى إحداث تغيير في الجهاز الهضمي يؤدي إلى إنقاص الوزن، وهي تحتاج إلى تغيير في التغذية وطريقة الأكل يواكب التحوير الذي يجريه الجراح للمعدة والأمعاء. تتعدّد الجراحات في هذا المجال، وتنقسم إلى أنواع، من بينها جراحة تقليل كمية الوجبة بتصغير حجم المعدة المستقبل للطعام، مثل «حلقة المعدة»، إضافة إلى تقليل عملية الامتصاص في الأمعاء، ومثالها جراحة «تخطي المعدة»، كذلك جراحة تقليل امتصاص الطعام، ويحضر هنا تغيير مسار عصارة المرارة والبنكرياس الهاضمة.

وللعلم، فإن لكل من هذه الجراحات مزايا ومخاطر، لكن أكثرها شيوعاً «حلقة المعدة» (التحزيم) و»تخطي المعدة» و«تحويل مسار عصارة المرارة والبنكرياس».

3 خطوات لتركيب بالون المعدة

أكد د. محمد الجارالله، أن الخطوات الثلاث لتركيب كبسولة المعدة أو ما يعرف بـ«البالون»، بسيطة، تبدأ بابتلاع الكبسولة برشفة ماء، ثم إجراء أشعة للتأكد من وجودها في المعدة، وأخيراً نفخها بحجم 250 سنتيمتراً مكعباً، وتركها في المعدة ثلاثة أشهر، تمثل مدة برنامج الكبسولة، وباتباع الأخير يمكن للمريض إنقاص ما بين 2 إلى 15 كيلوغراماً، وفق الالتزام بالبرنامج.

ما بعد الجراحة

ماذا عن برنامج التغذية ونمط الحياة بعد الجراحة؟

يجب ألا يعتبر المريض هذه الجراحة وسيلة لإلقاء مسؤولية خفض الوزن على الجراح فحسب، فالجراحة جزء من برنامج مُحكم يتكون من ثلاثة أضلاع رئيسة، تتمثل في الجراحة وإرشادات التغذية والرياضة وتطوير نمط الحياة، كذلك يجب الالتزام بالوجبات، سواء كانت ثلاثاً أو خمساً، وعدم إلغاء الوجبة إذا لم تكن تشعر بالجوع، خصوصاً في المراحل الأولى، كي لا يحرم الجسم من الاستفادة من المكونات الغذائية. ولا بد أيضاً من التوقف عند الشعور بالامتلاء من دون مواصلة الأكل عنوة.

ماذا عن جراحة تغيير مسار عصارة المرارة والبنكرياس؟

هي إحدى جراحات تقليل امتصاص الطعام. فيها يقلّص الجراح حجم المعدة بشكل يسمح بتناول كمية طعام كبيرة نسبياً في الوجبة، لكن نتيجة لتغيير مسار عصارة المرارة والبنكرياس، فإن هذه العصارات الهاضمة (الضرورية لامتصاص الطعام) لا تلاقي الطعام النازل من المعدة إلا بعد منتصف الأمعاء الدقيقة، أو قبل نهايتها، بذلك تكون فرصة امتصاص الطعام قليلة ومحصورة تقريباً في الجزء الذي تلتقي فيه العصارة مع الطعام، وفي الأمعاء الدقيقة.

أفضل الجراحات

أي الجراحات تفضل للمصابين بالسمنة؟

جراحات السمنة من الجراحات الكبرى التي تحتاج إلى أمرين مهمين؛ أولهما إتقان الجرَّاح والفريق الطبي المسؤول الجراحة، والإعداد الممتاز لها، ومعرفة دقائقها ومضاعفاتها، وكيفية التعامل معها عند حدوثها. والأمر الآخر، الشرح المستفيض من الجراح للمريض، والفهم والقراءة المتأنية للأخير في هذا الشأن. إذ إن الخضوع للجراحة يشكّل الجزء الأسهل عادة في برنامج معالجة السمنة. لكن الأهم من ذلك إصرار المريض وعزيمته على التجاوب مع متطلبات التغيير في جهازه الهضمي، باتباع إرشادات الطبيب بدقة، وتغيير نمط حياته، من خلال التزامه بالعادات الصحية العامة، وممارسة أي نوع من الرياضة المحببة إليه بشكل منتظم، والحضور بشكل دوري لإجراء الفحوص المخبرية.

فوائد جراحات السمنة

أشار الجارالله إلى أن دراسات طبية دقيقة أجريت في أوروبا على أكثر من 220 ألف مريض، أظهرت أن العلاج الجراحي أكثر فاعلية بعشرين ضعفاً في خفض أمراض السمنة ومضاعفاتها من الريجيم، من خلال تحسن أو شفاء أمراض السكري والضغط والقلب والمفاصل والتهاب الجلد والجهاز الهضمي وزيادة الخصوبة لدى النساء للحمل والتحسن الكبير في التنفس وانخفاض في الكولسترول ومعدلات الإصابة بالسرطان والتحسن الملحوظ في نوعية الحياة.

وأضاف: «مخاطر جراحات السمنة مماثلة لأكثر جراحات المنظار شيوعاً، مثل المرارة»، لافتاً إلى أن هذه الدراسات وغيرها أثبتت أن الجراحة تؤدي إلى انخفاض معدل الوفيات بنسبة 89 في المئة.