مخيمات البر... هروب من الزحمة إلى الازدحام

التراخيص الإلكترونية زادت من 800 الموسم الماضي إلى 1217

نشر في 02-01-2017
آخر تحديث 02-01-2017 | 00:02
على أجواء "البراد" والفحم و"شبة النار" للشواء وتناول القهوة يلتف "الربع" والأهل في البر بحثاً عن الدفء والحرية والاستمتاع، هروبا من متاعب الحياة اليومية والروتين القاتل الذي حوّل الأيام إلى نسخ متكررة، إنه موسم التخييم، حيث تغمر الفرحة والمرح قلوب الكويتيين الذين ينتظرون هذا الموسم بشوق وشغف باعتباره أشهر وأفضل سياحة داخلية بالنسبة لهم، لتفريغ ما حملته أيام الصيف من متاعب.

ولكن في السنوات الأخيرة، لاحظ المواطنون أنهم يخرجون من ضيق المدن إلى البر فلا يجدون إلى التضييق، إذ ينتقلون من زحمة المناطق السكنية إلى ازدحام البر الذي زادت أعداد الخيام فيه حتى أصبحت شبه "كامل العدد"، فافتقدوا الخصوصية الجميلة، وارتفعت بعض الممارسات السلبية التي تعكر صفو الاستمتاع بأجواء التخييم الرائعة.

أما الشباب فلهم طقوس خاصة، حيث يتشاركون في مخيمات خاصة بهم للحصول على مزيد من الحرية بعيداً عن قيود العائلة، ويقيمون الحفلات والمنافسات، ويمارسون رياضاتهم المفضلة ككرة الطائرة وركوب الخيل والسباق و"التقحيص"، كما يجد محبو الصيد ضالتهم في الصحراء الواسعة الغنية بـ"الطرائد".

1217 ترخيصاً

وبلغ عدد تراخيص المخيمات الربيعية التي أصدرتها البلدية إلكترونيا هذا العام 1217 ترخيصا منذ فتح باب استخراج التراخيص، بزيادة بلغت 400 عن الموسم الماضي الذي بلغ العدد فيه حوالي 800، وذلك بسبب تطبيق البلدية للنظام الإلكتروني في إجراءات استخراج الترخيص.

وناشد نائب المدير العام للبلدية لشؤون محافظتي الفروانية والجهراء م. أحمد الهزيم في تصريح لـ"الجريدة" المواطنين ضرورة الحفاظ على البيئة البرية، وعدم إلقاء المخلفات في أماكن التخييم، خصوصا البلاستيكية، لأنها لا تتحلل بسهولة مما يضعف التربة ويؤثر على نمو النباتات، وهو ما يؤثر بدوره على الثروة الحيوانية.

وأكد الهزيم أن المخلفات كالقمامة والمعادن والأجهزة والقطع الاسمنتية وغيرها تضر بالبيئة وتشوه مظهرها الجمالي، مشيرا إلى أن الكويت تمتلك بيئة طبيعية رائعة يجب أن يحافظ عليها الجميع، ليتمكن الكويتيون من الاستمتاع بالطبيعة النقية التي اعتادوها، دون وجود ما يفسدها ويسيء إلى مظهر الكويت الحضاري.

وأوضح أن البلدية نشرت حاويات قمامة في مختلف مناطق التخييم، مؤكدا حرص البلدية على توفير أفضل سبل الراحة للمواطنين بما لا يخالف القانون والضمير الوطني، إذ سهلت عملية استخراج التراخيص عن طريق جعل كل الإجراءات عن طريق الإنترنت حتى لا يضطر المواطنون للتردد على أفرع البلدية.

من جهته، أكد مدير إدارة النظافة وإشغالات الطرق ببلدية الجهراء فيصل العتيبي، أن البلدية ستزيل جميع المخيمات المخالفة، سواء المقامة في مناطق غير مسموح التخييم فيها، او المخيمات غير المرخصة في مناطق التخييم المحددة.

ودعا العتيبي المواطنين إلى ضرورة الالتزام باشتراطات التخييم التي أعلنتها البلدية وعدم تجاوز التعليمات حتى لا يعرضوا أنفسهم للمساءلة القانونية، موضحا أن "البلدية لا تضيق على المواطنين، لكنها تقوم بالواجب المنوط بها للحفاظ على سيادة القانون، وعلى البيئة الكويتية، وحق الأجيال القادمة في بيئة برية صالحة وغير مستهلكة".

حفلات الشباب

واستطلعت "الجريدة" آراء بعض المواطنين حول رحلاتهم البرية وما يقومون به من أنشطة في المخيمات، ومن بين هؤلاء مساعد الشمري، وهو مالك أحد المخيمات الربيعية، والذي أوضح أن أنشطة المواطنين في البر تتمثل باجتماع العوائل في المخيمات حيث "يشبون النار وتحلو الجلسات مع المشروبات الساخنة المفضلة لدى رواد البر كالشاي والقهوة والحليب والهيل".

وأضاف الشمري أن المخيمات تشهد أيضا حفلات خاصة كأعياد الميلاد و"الباربكيو"، كما أن الشباب يلعبون كرة الطائرة، ويركبون "الباجيات"، ويتعلم بعضهم قيادة السيارة في الأماكن المفتوحة، لافتا إلى أن "بعض المخيمات يكون بها مطاطيات لتسلية الأطفال".

وأوضح أن لعبة الكرة الطائرة هي الرياضة الاولى بالبر، في حين أن الورق (الكوتشينة) هي اللعبة الاولى، مضيفا أن للشباب طقوسا خاصة، حيث يتشاركون ويقيمون مخيمات خاصة بهم للحصول على مزيد من الحرية بعيدا عن قيود العائلة.

وطالب مسؤولي البلدية بمزيد من المرونة والتسهيل في إجراءات واشتراطات التخييم، "فليس لدى الجميع القدرة على التعامل من خلال الإنترنت ودفع الرسوم والتأمين ببطاقة الكي نت"، مضيفا أن الإجراءات بطيئة وتأخذ وقتا طويلا، خصوصا عند استرداد التأمين، الذي تمتد فترته إلى شهرين وثلاثة ليتمكن أصحاب المخيمات من استرداد المبلغ المدفوع.

وطالب بالنظر في زيادة مواقع التخييم، موضحا أن "الناس تهرب من زحام المدن والمناطق إلى البر، الذي أصبح بدوره أكثر ازدحاما من ذي قبل، فالخيم متلاصقة، فهل يعقل هذا؟!".

وأشار إلى أن الطرق إلى المخيمات بحاجة إلى الترميم والتمهيد، لأن أغلبها تنتشر بها "الحفر والأنقاض" مما يعوق سير السيارات.

واختتم الشمري بمناشدة أصحاب المخيمات الاهتمام بأماكن التخييم وتنظيفها، بحيث يتركون البيئة نظيفة فى نهاية موسم التخييم كما وجدوها نظيفة في أوله.

شوق واستمتاع

وعبر المواطن عبدالله العنزي عن شوقه الشديد قائلا: "نحن ننتظر موسم التخييم بفارغ الصبر من أجل الخروج للبر للاستمتاع بالأجواء الشتوية الرائعة وممارسة رياضات كرة القدم وكرة الطائرة على الرمال المفروشة بالنباتات والزهور، ورغم جمال جلسة العائلة فإننا نفضل الخروج مع الاصدقاء بعيدا عن قيود العائلة لنستمتع بمساحة أكبر من الحرية".

ولفت العنزي إلى أن الأفاعي والحشرات السامة تنتشر في البر فيجب الانتباه لذلك، موضحا أنه عند إصابة أحدهم يقومون "بتشطيب" مكان القرصة بآلة حادة لتنظيف الجرح من السم ثم يتم نقل المصاب إلى المستشفى، "وعلى المسؤولين توفير الإسعافات الأولية في مختلف مناطق البر لنجدة المصابين، لأن بعض المناطق النائية لا يوجد بها سيارات إسعاف".

وعبر عن رغبته في تنظيم بطولات رياضية في المخيمات لزيادة المتعة وإضافة جو من الحماسة والمنافسة الشبابية.

هواية الصيد

وعن الجولات الحرة بالبر لهواة الصيد والقنص، قال المواطن أحمد المطيري، وهو صاحب مكتب لبيع الصقور، لـ"الجريدة": "نشتري الصقور ثم نقوم بتدريبها على الصيد، ونخرج مع (الربع) في مغامرة مثيرة لنجوب البراري بحثا عن الصيد، ثم نجلس بجوار (شبة) النار للشواء وشرب القهوة".

وأوضح المطيري أن البر الكويتي يتوافر به طيور الحبارى والكروان، في حين تندر الأرانب، وانقرضت تقريبا الغزلان من صحراء الكويت.

وعن أبرز تجاربه بالبر، قال المطيري إنه رغم الأنباء عن انقطاع حيوان "الذيب" من صحراء الكويت فإنه في عام 2013 وجده في بر الشمال، وقام بتصويره ونشره على الإنترنت.

وطالب الجهات البيئية بتخفيف القيود عن أصحاب القنص، لأنهم لا يضرون بالبيئة بخلاف أصحاب الحلال وغيرهم، متسائلا: "ما الداعي لتقييد (أصحاب القنص) بكيلومترات محددة قد لا يتوافر بها الصيد المطلوب؟ نحتاج للتحرك بشكل أكبر للوصول إلى طرائدنا، فما المشكلة إذا تم تقليل القيود على عملية الصيد وجعل الترخيص على بر الكويت كله؟".

وتابع "نطلق الصقر ليمسك بطائر أو اثنين ويرجع دون الإضرار بالبيئة وعناصرها النباتية بعكس أصحاب الحلال الذين يتسببون في أضرار كبيرة للنباتات البرية".

وأكد أن الأجهزة الحديثة سهلت التحرك بالصحراء كثيرا، بحيث يمكن استخدام الأجهزة التي تتصل بالاقمار الصناعية للتحرك وتحديد وجهتك بشكل سهل إذا ضللت طريقك، مشيرا إلى أن كبار السن لا يزالون يستخدمون النجوم والظل لتحديد الاتجاهات.

القنص

ومن جهته، أكد الصقار ماضي الجدعي أن رياضة الصيد والقنص من أبرز الرياضات في صحراء الكويت، حيث يقبل عليها الكثير من المواطنين، كما أن الصقر رمز عربي منذ القدم، وهو بارع في التقاط فريسته.

وأوضح الجدعي أن امتلاك الصقور عادة محببة لدى قاطني منطقة الخليج العربي، حيث يتم تدريبها على اصطياد الفرائس كالطيور والحيوانات البرية، مستدركا "ولكن الصيد ينبغي أن تكون له حدود لعدم الإضرار بتوازن البيئة البرية".

وأضاف: "لا داعي للقلق من انقراض بعض الطيور كالحبارة والكروان، وبعض الحيوانات البرية كالأرانب البرية والغزلان، لأنه تم إنشاء مزارع لتفريخ هذه الطيور مما ساهم في ازدياد أعدادها وخروجها من دائرة خطر الانقراض"، مناشدا الحكومة تبني فكرة إقامة مزارع لتفريخ الطيور البرية كما هو معمول به في الإمارات والسعودية وقطر.

وأكد أن إنتاج المملكة العربية السعودية والإمارات يفوق الـ100 ألف طائر سنويا، لافتا إلى أنهما أهدتا الكويت الآلاف من طيور الحبارة والكروان هذا العام، مما يوضح مدى أهمية تبني الدولة لمشاريع التفريخ.

وتابع: "قدمنا مشروعا لهيئة البيئة يتضمن إنشاء محمية طبيعية للصيد كما في الإمارات، يمارس فيها الناس الصيد تحت رقابة ورعاية الجهات المسؤولة، وهو ما سيدر دخلا كبيرا للاقتصاد الكويتي كما سيساهم في تنشيط السياحة لعدم توافر مثل تلك المحميات في الدول الأخرى".

الأمطار

وقال المواطن عبدالله الفيلكاوي "الخروج للبر في الشتاء شيء مقدس عندي، خصوصا عندما يستمر هطول الأمطار يوما او يومين كاملين بدون توقف، لأن الأجواء تكون رائعة جدا، ولا تتكرر هذه الظاهرة كثيرا"، مضيفا "أما أجمل ما في البر فهو البراد مع الفحم وجلستنا حول النار، هذه الأشياء تجعل جو الخيمة جميلا".

وأضاف الفيلكاوي "هناك من يفضل مناطق معينة، أما بالنسبة لي فكل مناطق البر جميلة وترتاح نفسي فيها، ونظرا لطبيعة عملي فليس لدي وقت محدد أخرج فيه، أما غالب الناس فتخرجون في العطلات و(الويك إند)، لكن بشكل عام أفضل الأوقات المطيرة".

وحذر من بعض الممارسات السلبية، ومنها استخدام بعض الناس للبر بصورة غير مناسبة، كمن يقودون الدراجات والسيارات باستهتار ورعونة.

السعدون: الموسم مناسب جداً للبراري

أفاد الخبير الفلكي عادل السعدون بأن الطقس خلال الموسم الحالي مناسب جدا للخروج للبراري، ولا يوجد أي عائق مناخي يحول دون ذلك، مؤكدا أن «الامطار ستهطل كالعادة، وقد نشهد زيادة في معدلها ما يضيف متعة إضافية لرواد البر، خصوصا مع ازدياد النباتات البرية بسبب ريها بماء المطر».

وأشار السعدون إلى أن درجات الحرارة المنخفضة ستشكل بيئة مثالية للاستمتاع بالاجواء الطبيعية بعيدا عن حرارة الشمس المرتفعة التي نعيشها على مدار 7 أشهر من العام، مؤكدا ضرورة متابعة الحالة الجوية أولا بأول، لأن التنبؤات طويلة المدى لا تكون دقيقة دائما.

وأوضح أن درجات الحرارة ترتبط بمجموعة من المتغيرات المتبدلة باستمرار مما يتطلب متابعة مستمرة للتنبؤات اليومية والاسبوعية، وعدم الثقة بشكل مطلق في التنبؤات التي تزيد على أسبوع.

مهرجان لوازم البر

لموسم التخييم في الجمعيات التعاونية ترتيبات استثنائية، إذ قال أمين سر تعاونية الشهداء حسين البلوشي، إن «التخييم» مهرجان سنوي «يستأنس» به المواطنون، لذا توفر الجمعيات جميع احتياجاتهم، موضحا أن الخيام و»الشوايات» والفحم والكراسي والكشافات ومولدات الكهرباء هي أكثر المنتجات التي يقبل عليها المواطنون في هذا الموسم سنويا.

وأكد أمين سر «تعاونية» الشعب حمد العوض أن جميع لوازم البر متوافرة بالجمعيات التي تقدم لروادها في «مهرجان لوازم البر» الأدوات التي يحتاج إليها المواطنون أثناء التخييم بأسعار رمزية تقترب من سعر التكلفة، وتقدم عروضا وتخفيضات على المنتجات الغذائية.

وبين العوض أن «مبيعات التعاونيات تشهد قفزة كبيرة في هذا الموسم كل عام، نظرا لإقبال المواطنين الكبير على شراء المنتجات الخاصة بالموسم، خصوصا مع ما تنظمه من مهرجانات شرائية مختلفة على جميع السلع بأسعار تلقى قبولا لدى المستهلكين».

الشطي: الخروج للبر «هدنة» للتخلص من الضغوط

أكد الاختصاصي النفسي د. عدنان الشطي أن الخروج للبر والمناطق الطبيعية من أفضل الوسائل للترفيه عن النفس والتخلص من متاعب الحياة اليومية، موضحا أنه يزيل التوتر ويقلل من الضغط النفسي ويجدد الطاقة، ما يزيد من إنتاجية الفرد ومن قدرته على العمل بشكل أفضل.

وأضاف الشطي أن التخييم يساعد على تحسين المهارات الاجتماعية ويعمق التواصل الأسري والاجتماعي، من خلال اجتماع أفراد الأسرة معا، لافتا إلى أن «الجلوس مع الأسرة والاصدقاء في المناطق المفتوحة وتبادل أطراف الحديث والمرح يغير طريقة التفكير المعتادة ويحسن المزاج مما يمثل أفضل طريقة للاسترخاء والتخلص من ضغوط الحياة».

وشدد على أهمية تغيير جدول النشاط اليومي المعتاد للحفاظ على الصحة النفسية، مؤكدا ضرورة الابتعاد عن الأماكن المغلقة قدر المستطاع خلال العطلات والاتجاه نحو الأماكن المفتوحة حيث الهواء النقي، وضرورة استغلال العطلات في إعطاء الجسم والعقل «هدنة» لكي يجدد نشاطه ويتخلص من الإرهاق والضغوط.

ولتحقيق الاستفادة الكاملة من فترة الاستجمام، نصح الشطي بعدم إرهاق الجسم بالترفيه الزائد عن الحد كالرياضات العنيفة التي يمارسها البعض في المخيمات.

ضرورة إنشاء مزارع تفريخ الطيور لمقاومة انقراضها الجدعي

البلدية ستزيل جميع المخيمات المخالفة العتيبي

هطول الأمطار وقتاً طويلاً يجعل الأجواء في البر رائعة الفيلكاوي

مخلفات المخيمات تضر البيئة النباتية والحيوانية الهزيم

إجراءات البلدية بطيئة وتتطلب مرونة أكثر الشمري

الأفاعي الحشرات السامة منتشرة في الصحراء ويجب الحذر منها العنزي
back to top