واصلت فصول قضية الفساد الكبرى في مجلس الدولة المصري التكشف، بعدما ألقت أجهزة الأمن المصرية القبض على الأمين العام للمجلس، المستشار وائل شلبي، فجر أمس، فور تقدمه باستقالته من منصبه أمس الأول، للتحقيق معه في قضية الرشوة الخاصة بمدير المشتريات بالمجلس جمال الدين اللبان، والذي ألقي القبض عليه الأسبوع الماضي وبحوزته ملايين الدولارات والجنيهات، حصل عليها عن طريق الرشوة والتربح واستغلال النفوذ.

وبدأت نيابة أمن الدولة العليا في مصر، أمس، تحقيقاتها مع شلبي، على خلفية قضية الرشوة المالية التي سبق التحقيق فيها مع مدير إدارة المشتريات بمجلس الدولة، واثنين من أصحاب الشركات الخاصة، والمحبوسين حاليا احتياطيا على ذمة القضية، وتضمنت التحقيقات مواجهة شلبي بتحريات هيئة الرقابة الإدارية، التي أفادت بتورطه في القضية.

Ad

وتقدم شلبي باستقالته من منصبه كأمين عام لمجلس الدولة أمس الأول، وقرر المجلس قبولها، وقال مصدر قضائي لـ "الجريدة" إن الاستقالة كانت مؤرخة بأول يناير، الأمر الذي حدا بهيئة الرقابة الإدارية إلى تأجيل إلقاء القبض عليه، إلى ما بعد الساعة الثانية عشرة من صباح أمس، حيث ألقوا القبض عليه في ساعة مبكرة، بناء على أمر صادر من نيابة أمن الدولة العليا بضبطه وإحضاره.

وأسند مجلس الدولة منصب الأمين العام إلى المستشار فؤاد عبدالفتاح، كما قرر المجلس تشكيل لجنة من أعضائه لفحص كل "المستندات الخاصة بجميع العقود التي أبرمها مجلس الدولة خلال السنوات الخمس الماضية للوقوف على مدى مطابقتها للقانون"، وأضاف المجلس في بيان له: "يؤكد مجلس الدولة أنه لا يتستر على أي فساد أو فعل يشكل مخالفة للقانون مهما كان من ارتكبه".

وقال مصدر رفيع المستوى لـ "الجريدة"، إن رئيس جهاز الرقابة الإدارية اطلع الرئيس

عبدالفتاح السيسي على المعلومات الخاصة بقضية مجلس الدولة، وما توصلت إليه نتائج التحقيقات، وكانت تعليمات الرئيس واضحة باتخاذ الإجراءات اللازمة حيال هذه الوقائع، وسرعة التحرك لضبط المتورطين جميعا، وعدم التستر على أي متهم مهما كان منصبه.

في السياق، تنظر محكمة جنايات القاهرة اليوم، في قرار النائب العام المستشار نبيل صادق، بطلب التحفظ على أموال وممتلكات اللبان، وصاحب إحدى الشركات الخاصة وزوجته، على خلفية التحقيق في قضية الرشوة، فيما يتوقع أن يصدر النائب العام قرارا مماثلا بالتحفظ على أموال المستشار وائل شلبي.

توجيهات الرئيس

في الأثناء، وجه الرئيس السيسي بتكثيف الاستعدادات الأمنية وتحلي الأجهزة المعنية بأقصى درجات الحيطة والحذر، والتأمين الكامل للأماكن والمنشآت الحيوية في جميع أنحاء البلاد، بهدف إجهاض أي محاولة إرهابية للتأثير على أمن البلاد، بالتوازي مع استمرار احتفال المصريين بأعياد الميلاد التي تنتهي 7 الجاري، وفقا لتقويم الكنائس الشرقية.

وبحث السيسي، خلال اجتماع له أمس الأول، مع رئيس الوزراء شريف إسماعيل، ومحافظ البنك المركزي طارق عامر، وعدد من الوزراء، ورئيسي المخابرات العامة وهيئة الرقابة الإدارية، تطورات الوضع الإقليمي والدولي، وعلى رأسها مخاطر انتشار الإرهاب، كما تم بحث الوضع الاقتصادي الراهن في ضوء انتهاء الحكومة المصرية من إعداد مشروع قانون الاستثمار الجديد، فضلا عن مناقشة ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

وقال مصدر حكومي رفيع المستوى لـ "الجريدة"، إن وزارة المالية عممت منشورا للهيئات والإدارات التابعة لها، وأرسلته إلى وزارتي التموين والكهرباء، بخصوص رفع أسعار المواد الغذائية وخدمات الكهرباء خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى بدء لجنة بوزارة المالية دراسة الضرائب التصاعدية وإمكان تطبيقها خلال الشهور المقبلة، وأن الحكومة حددت قائمة بالمنتجات التي سيتم رفع أسعارها خلال الفترة المقبلة، بما في ذلك رفع أسعار مشتقات البترول، كما تم الاتفاق على زيادة أسعار عدد من الأدوية بنسب مختلفة.

في الأثناء، أصدرت المحكمة العسكرية بمحافظة أسيوط (جنوب مصر) أمس، أحكاماً بالسجن المؤبد على 148 متهما "غيابيا"، لاتهامهم باقتحام وحرق متحف ملوي، جنوب محافظة المنيا، والسجن ما بين عام و10 سنوات، على 45 آخرين، وبراءة 10 متهمين حضوريا، في أحداث العنف التي صاحبت فض قوات الأمن لاعتصامي رابعة والنهضة، خلال أغسطس عام 2013.

وقف برنامج عيسى

وبعد ضغوط من الدولة والبرلمان المصري، تم وقف برنامج إبراهيم عيسى على فضائية "القاهرة والناس" المصرية، أمس، إذ أصدرت إدارة الفضائية بيانا قالت فيه: "نود إبلاغ مشاهدي برنامج مع إبراهيم عيسى، بأن الإعلامي تقدم باعتذار إلى إدارة القناة، معربا عن رغبته في عدم الاستمرار في تقديم برنامجه التليفزيوني، اعتبارا من مطلع يناير".

وأصدر عيسى بيانا أمس، قال فيه: "لا أجد من بلاغة اللغة ما يبلغ مدى امتناني وشكري لجمهور البرنامج"، مشيرا إلى أن برنامجه تعرض لضغوط، قائلا إن التفاعل والنقاش الواسع حول البرنامج جعل حلقاته "على درجة من التأثير الذي عبر حدود تأثير مجرد برنامج تليفزيوني مما ألقى عليه أعباء، وتعرض معه لأنواء، وأحيط بالضغوط، ففي الوقت الذي ساهم فيه في اتساع عقول تسبب كذلك في ضيق صدور".

وأضاف: "بكل حب لمن أحب البرنامج ولمن اختلف مع صاحبه، وبكل اعتزاز برأي من وضع البرنامج موضع التقدير، وبكل تفهم لمن أثقل البرنامج قلبه بالغضب والكراهية، فإنني أتقبل أن تكون هذه اللحظة مناسبة للتوقف عن تقديم البرنامج، حيث أظن أن مجريات الوقائع وطبائع المقادير تقود لأن أترك مساحة التعبير التلفزيوني لمرحلة أخرى، ووقت لعله يأتي".

واعتبر الخبير الإعلامي ياسر عبدالعزيز، وقف برنامج عيسى إشارة سلبية خطيرة إلى تراجع حالة الحقوق والحريات في مصر، مضيفا لـ "الجريدة": "من الناحية النظرية عيسى هو من أعلن وقف البرنامج، لكن من الناحية العملية فإن هناك ضغوطا مورست لوقف البرنامج من قبل بعض الأجهزة".