استفتاء «أفضل مذيعة في مصر»... بين الترويج وغياب المهنية
استفتاء إلكتروني أطلقته إحدى المجلات الفنية الشهيرة أثار الجدل أخيراً، إذ ضمّت قائمته 30 اسماً من مقدمات البرامج للتنافس على لقب «أفضل مذيعة في مصر لعام 2016»، كان على رأس الأسماء المرشحة كل من إسعاد يونس، ولميس الحديدي، ومنى الشاذلي، وريهام سعيد، والصحافية منى العراقي.
بعد ساعات قليلة من إطلاقه، انتشر استفتاء «أفضل مذيعة في مصر لعام 2016» الإلكتروني على صحفات التواصل الاجتماعي، وروّج له على أنه مسابقة بين المتنافستين ريهام سعيد ومنى العراقي، إذ دعت كل منهما على صفحتها الخاصة إلى التصويت لصالحها بعيداً عن بقية المتنافسات الـ28 اللواتي التزمن الصمت منذ بدء الاستفتاء الإلكتروني لأفضلهن هذا العام.كانت صفحة العراقي بدأت الترويج للأخيرة بجملة «أخبار التصويت أيه؟»، ثم نشرت أخباراً عما قدمته من تقارير مصورة. ورغم ارتفاع التصويت إلى ما يزيد على 52 ألف صوت، لم يمنع ذلك الهجوم عليها وعلى صفحتها الرسمية، إذ انتقد الرواد أداءها المهني في القضية الشهيرة باسم «الشذوذ الجنسي» وتصويرها الرجال داخل أحد الحمامات الشعبية وانتهاك خصوصيتهم بزعم أن أعمالاً غير أخلاقية تمارس فيه مقابل أموال. حتى أن القضية وصلت إلى المحكمة فدانت العراقي آنذاك بالسب والقذف والطعن في الأعراض، وحكمت عليها بالحبس ستة أشهر وغرامة مالية 100 ألف جنيه مقابل وقف التنفيذ.أما المنافسة الثانية الأقرب إليها والأبرز فهي ريهام سعيد، إحدى المذيعات اللواتي أثرن جدلاً واسعاً وسط المجتمع الحقوقي والنسوي، بعد حلقة معروفة إعلامياً باسم «فتاة المول» قدمتها في برنامجها العام الماضي. فهي عرضت مقطع فيديو لشاب يضرب فتاة في أحد المراكز التجارية، وأثار الأمر غضب كثيرين فيما حكمت المحكمة على المذيعة بالحبس ستة أشهر وغرامة 10 آلاف جنيه بتهمة السب والتشهير.
المفارقة أن ريهام التي نشرت لقطات «فتاة المول» كانت انتقدت أخيراً وبشدة مصوراً عرض فيديو لاعتداء مواطنين على المذيعة لميس الحديدي في محيط تفجير الكنيسة البطرسية، وقالت: «ست مذعورة في تجمهر فيه 500 راجل، وبتتبهدل... وأنت واقف تصورها، أنت أيه؟».اللافت أن أياً من المنافسات الثلاثين الأخريات لم تروج لنفسها على صفحات التواصل أو في أي منبر إعلامي، مثلما فعلت منى وريهام.
آراء
يرى خبراء الإعلام أن تلك الأنواع من الاستفتاءات لا تقوم على أساس علمي أو مهني صحيح. يقولد. ياسر عبد العزيز، أستاذ كلية الإعلام في الجامعة الأميركية، إن ثمة شقين في هذا الموضوع، الأول أن لا سوء في ترويج المتنافسات لأنفسهن، فهذا يعدّ أحد أنواع بناء الصورة والتسويق الإعلامي، وتلك الآلية يستخدمها مشاهير كثر في مختلف العالم.أما عن مصداقية الاستفتاءات الإلكترونية فيؤكد ياسر لـ{الجريدة»، أن مصر لا تملك مؤسسات استطلاعات رأي على أسس علمية، إلى جانب أن تلك المؤسسات تتطلب تكاليف مادية كبيرة. ويتابع: «هذا الشكل من الاستفتاءات تقوم به جهات غير متخصصة ولا تنتهج أساليب علمية وبحوثاً متخصصة في الرأي العام، لذلك لا يمكن اعتبارها مؤشرات تعكس الرأي العام بجدية».بدورها تشير د. ليلى عبد المجيد، العميد الأسبق لكلية إعلام جامعة القاهرة، إلى أنها تشكك في مصداقية أي نوع من الاستفتاءات والاستبيانات المنطلقة من الإنترنت لأنها لا تراعي أية ضوابط علمية تضمن أن الأشخاص الذي يصوتون لمتنافسة بعينها صحيحة أم لا، خصوصاً أنه يمكن لأي منافس التصويت مرات عدة من خلال صفحات شخصية مختلفة، ما يجعل نتيجة الاستفتاء متضاربة وليست صحيحة.وأضافت ليلى لـ «الجريدة» أن انتشار الاستفتاءات الإلكترونية يرجع إلى سببين أولهما أن الإنترنت أصبح الوسيلة الأكثر انتشاراً، السبب الثاني أنها محاولة من المتنافسات للترويج والدعاية لأنفسهن للفوز في الاستفتاء أو كسب مزيد من المتابعة.