مع بزوغ شمس عام 2017، دخل اتفاق خفض الإنتاج بين الدول المنتجة للنفط (دول أوبك و11 دولة من خارج المنظمة) إلى حيز التنفيذ، ويهدف الاتفاق إلى خفض 1.8 مليون برميل يوميا من إنتاج النفط من هذه الدول، حيث من المفترض ان تخفض دول «اوبك» 1.2 مليون برميل، ليصل إنتاج دولها إلى 32.5 مليون برميل يوميا، بينما وافقت الدول الأخرى على خفض حوالي 600 ألف برميل من إنتاجها وتعهدت روسيا بخفض نصف تلك الكمية. ومدة الاتفاق ستة اشهر قابلة للتمديد. هذا وقد استثنت الاتفاقية إيران من خفض الإنتاج بسبب العقوبات الاقتصادية السابقة المفروضة عليها، وكذلك ليبيا ونيجيريا بسبب الاضطرابات فيهما.
يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استثناء دولة من اتفاقية لخفض الإنتاج، فقد استثنيت الكويت من اتفاق تحديد سقف الإنتاج وتوزيع الحصص بعد الغزو في سنة 1992. وقد أدى الإعلان عن اتفاق خفض الانتاج إلى ارتفاع اسعار النفط بنسبة كبيرة بلغت 11 في المئة خلال يوم واحد، علما بأن سعر نفط برنت ارتفع حوالي 52 في المئة منذ بداية العام الماضي. الجدير بالذكر أن لجنة وزارية شكلت لمراقبة تنفيذ الاتفاق ومتابعة الالتزام برئاسة الكويت، وتضم كلاً من روسيا وعمان والجزائر وفنزويلا، فهل يستمر سعر النفط في الصعود التدريجي خلال هذا العام بالرغم من شكوك بعض المحللين في مدى الالتزام ببنود الاتفاق؟ من الصعب التكهن بأسعار النفط مستقبلا، إلا ان هناك عدة عوامل تدعو الى التفاؤل بالالتزام بهذا الاتفاق، ومن ثم استمرار تحسن الاسعار، وهذه العوامل هي: 1. ما يحظى به الاتفاق من غطاء سياسي من القيادات السياسية العليا في الدول الموافقة عليه، وربما كانت هذه هي المرة الاولى التي يحدث فيها ذلك.2. تعهٌّد دول الخليج، وهي الاكثر التزاما بقرارت اتفاقيات اوبك، بخفض 786 الف برميل يوميا من إنتاجها، بما يمثل حوالي 65 في المئة من كمية خفض إنتاج اوبك المتفق عليها البالغة 1.2 مليون برميل، إضافة الى ما تعهدت به سلطنة عمان من خفض 40 ألف برميل يوميا. 3. تعهد السعودية، اكبر منتج للنفط، بخفض 486 برميل يوميا من انتاجها، وتعد هذه اكبر كمية تخفيض في هذا الاتفاق، في وقت يرأس وزير النفط السعودي خالد الفالح منظمة اوبك حاليا، وحتما سيجعل هذا من احتمال خرق السعودية للاتفاق ضئيلاً جدا، لاسيما أنها من الدول التي دعت الى التوصل الى مثل هذا الاتفاق. 4. من مصلحة روسيا الالتزام بالاتفاق، خاصة انها من الدول الداعية أيضا لخفض الانتاج، ولما تعانيه من مشاكل مالية واقتصادية حاليا، فالنفط يمثل إيرادا رئيسيا لها. 5. استثناء إيران من الاتفاق وإعطاؤها المجال لزيادة إنتاجها لما قبل مستوى فرض العقوبات الاقتصادية عليها يجعلها أكثر التزاما، خاصة أنها تحتاج لمزيد من الاستثمار لتحديث مرافقها النفطية، ومازالت تعاني تأثير العقوبات. 6. تتوقع أوبك زيادة 1.2 مليون برميل يوميا في الطلب العالمي على النفط خلال هذا العام، وإذا اضفنا كمية الخفض من هذا الاتفاق، فإن ذلك كفيل بالتخلص من فائض المعروض.7. هناك تخوف من سياسة الرئيس الأميركي المنتخب، ومن الزيادة في إنتاج النفط، والنفط الصخري في الولايات المتحدة مع زيادة أسعار النفط. وهذا تخوف في محله، ولكن يحتاج إلى كثير من المنتجين بعض الوقت لزيادة انتاجهم، ومن مصلحة هؤلاء توازن الطلب والعرض في الاسواق، خاصة بعد معاناتهم وخروج البعض منهم، بسبب تدهور الاسعار خلال العامين الماضيين. إن من مصلحة الجميع تحسن الأسعار والالتزام بهذا الاتفاق، واحتمالات ذلك أكثر من احتمالات عدم الالتزام، فسياسة حرق الأسعار كانت مضرة للجميع، والالتزام باتفاق خفض الانتاج مربح للجميع. * اقتصادي كويتي
مقالات
وجهة نظر : اتفاق خفض إنتاج النفط ... مدعاة للتفاؤل
03-01-2017