تُمعِنُ الشاعرة السورية رشا عمران في مجموعتها الجديدة، النظرَ في الوحدة، فتتغلغلُ في أدقّ تفاصيلِها، محاولةٍ أن تفهمِها وتفكك رموزِها.ليس هذا الأمر سهلاً، ولصعوبةِ هذا التمعّن ومشقّتهِ، تحاولُ عمران خرقَهُ بخلقِ شخصٍ آخرَ في المكان، فتختارُ ثيمةً لمجموعتِها الأخيرة، تمنحُها بعداً إضافياً، وزاويةً جديدةً لرؤيةِ هذه الوحدة، الثيمةُ التي اتخذتها الشاعرةُ عنواناً لكتابها «التي سكنتْ البيتَ قبلي».
تستفيض الشاعرة بشرح تفاصيل البيت، من الخزانة إلى الدفتر القديم، والحائط والمشط، فتقول:في خزانة الحائطثمة دفتر قديموجملة واحدة فقط مكتوبة بخط قلق: وحيدة.. كيتيمة تشتهي أنيمشط أحد شعرَها المبللالجملة التي كتبتها المرأة التي سكنت في المنزل قبلي وضعت فوقهاخصلةَ شعر بيضاء رقيقة ورحلت.كل ما فعلتهُ أنني كتبت اسمي تحت الجملة وعلقت الورقة علىالحائط الفارغثم أخذت مشطًا وسرحت خصلة الشعر البيضاء الرقيقةوهكذاكنتُ أعيدُ المشهد كلّ يومكما لو كنت أسلي وحدتيكي لا تبدأ بقضمأصابع قدمي.
شخصي
في 112 صفحة من القطع الوسط، تنحو النصوصُ منحى مختلفًا قليلًا عما نُطالعُهُ في الشعر السوريّ تحديدًا في هذه المرحلة، إذ تذهبُ النصوصُ باتجاهِ الحديثِ عن الشخصيّ الذي تعيشُهُ الشاعرة، والذي يُعطي انطباعًا بأنّهُ شخصيٌّ بالمطلق، ولا يحاولُ ادعاء أكثر من ذلك. لكنّ الحال، أن هذا الشخصيّ في قصائد المجموعة، ليس مفصولًا عن سياقٍ عام، أوصل الشاعرةَ إلى هذه الوحدة التي كتبتها بدقّةٍ وعنايةٍ شديدتين.تتحدث الشاعرة عن النساء وارتباطهن بالشرفات، فتذكر:أفكرُ أحيانًاأن النساء الوحيدات يشبهن الشرفات النافرةيتسعنَ لأحواض الزرعولحبل الغسيل المزدوجولكرسي وحيد يعرف الفرق بين الشموس وضوء القمر.**في كتابها الصادر ضمن مجموعة المتوسط «براءات» الخاصة بالشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، ترسمُ عمران في مجموعتها لوحةً لحياتِها، تحاولُ استثمار كلّ لحظةٍ في التفكير في هذه الوحدة القاسية التي تعيش.