«الإدارية»: إحالة مدعين عامين للتقاعد مخالف للقانون
أكدت أن مجلس الخدمة المدنية استثنى القانونيين... والمصلحة العامة تقتضي إبقاءهم
اعتبرت المحكمة الادارية أن قرار وزير الصحة عام 2015 بإحالة 155 مدعياً عاماً ممن امضوا 30 سنة في الخدمة إلى التقاعد مخالف للقانون، وبالتالي يقتضي إبقاءهم في مناصبهم.
أكدت المحكمة الادارية، برئاسة المستشار ناصر الاثري، ان مجلس الخدمة المدنية استثنى وظائف القانونيين من الإحالة الى التقاعد، وهو ما ينطبق على العاملين في الادارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية، لافتة الى ان قرار وزير الداخلية بإحالة 155 مدعياً عاماً ومحققاً الى التقاعد مخالف للقانون.وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها بإلغاء قرار وزارة الداخلية بإحالة مدع عام للتقاعد، وإلغاء ما يترتب على القرار من آثار، إن الأسباب التي استندت إليها الوزارة بإحالة المدعين العامين للتقاعد وفقا للمصلحة العامة عبارة غير صحيحة، ويتعين عليها ان تقرر الاسباب الداعية للاحالة، لان المصلحة العامة تقتضي إبقاء المحققين في ظل النقص الذي تعانيه إدارة التحقيقات.واضافت ان «القانونيين وآخرين ممن شملهم القرار المذكور تم استثناؤهم من توصية مجلس الوزراء بإحالة من بلغت خدمتهم 30 عاما الى التقاعد للمصلحة العامة، وهي أحكام آمرة وملزمة للجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة».
المصلحة العامة
وزادت المحكمة: «ولما كان ذلك كذلك وكان مجلس الخدمة المدنية في اطار سلطته التشريعية قرر ان المصلحة العامة تتطلب استثناء القانونيين بنص صريح من قرار مجلس الوزراء بإحالة الموظفين الكويتيين الذين تجاوزت مدة خدمتهم الثلاثين عاما الى التقاعد، وان ذلك الاستثناء حتما ودون جدال يشمل المدعين العامين باعتبار انهم قانونيون، لاسيما انهم يشغلون مهنة ذات صبغة خاصة تتطلب الحفاظ على الخبرات المتراكمة لديهم بمرور الزمن، طالما ان اسباب ودواعي وجودهم على رأس عملهم مازالت قائمة».وذكرت المحكمة أنها «ترى ان إحالة المدعي الذي يشغل وظيفة مدع عام الى التقاعد لبلوغه الثلاثين عاما دون مراعاة الاستثناء المذكور، والذي أضحى اصلا يجب اتباعه فيه مخالفة للقانون والقواعد الآمرة الصادرة من الجهات المختصة، وفيه افتئات على ارادة المشرع محمولا على غير سببه المبرر له واقعا وقانونا، مما يتعين معه الغاء القرار المطعون فيه وما ترتب عليه من آثار اخصها إعادة المدعي على رأس عمله لمباشرة الاعمال الموكلة اليه وفق القانون».عدم المشروعية
وأوضحت انه «لا ينال من ذلك ويقدح به ويمنع قبوله ما تذرعت به الجهة الادارية بين جنبات الدفاع من أنها غير ملزمة ببيان سبب قرارها المطعون فيه طالما لم يلزمها القانون بتسبيبه، لان هذا القول تعوزه الدقة وينقصه الدليل المؤيد له، وينطوي على خلط بين تسبيب القرار كإجراء شكلي لصحته وبين ضرورة قيام القرار على سببه الصحيح، لان القرار الاداري سواء كان لازما تسبيبه كإجراء شكلي أو لم يكن هذا التسبيب لازما يجب ان يقوم على سبب يبرره صدقا وحقا، اي في الواقع وفي القانون وذلك كركن من أركان انعقاده».ولفتت الى أن «التعويل على قرار مجلس الخدمة المدنية بإلغاء القرار المطعون فيه لا يمس البتة المطلقة من قريب ولا بعيد قواعد التسلسل التشريعي على زعم ان قرارات مجلس الخدمة المدنية بدرجة ادنى من القانون الذي تناول نظام الإحالة الى التقاعد بإطلاقه، وهو زعم في غير محله إذ إن هذا المجلس، الذي يرأسه رئيس مجلس الوزراء، وهو ما يمثل قمة هرم الجهاز الحكومي، آثر إلا ان يقيد السلطة الممنوحة للجهات الإدارية فقرر في اجتماعه رقم 7 المنعقد في 19-7-2005 صراحة استثناء بعض الموظفين العامين من الاحالة الى التقاعد، حتى وان بلغت خدمتهم 30 سنة لحكمة يرتئيها وتتعلق بمصلحة العمل قدر معها وجوب بقاء هذه الفئات المستثناة في وظائفها، وجعل ذلك هو الاصل العام، وان مسألة احالتهم الى التقاعد هي الاستثناء، وذلك كله من اجل ضمان حسن سير المرافق العامة التي يشغلون وظائفهم فيها وعليه فان خرجت جهة الإدارة على توجيهات المجلس الملزمة في هذا الشأن دون تحقق الأسباب والدواعي التي تجيز ذلك أصيب قرارها بعوار عدم المشروعية بما تضمنه من مخالفة القوانين واللوائح».نقص ملحوظ
وبينت المحكمة ان «المصلحة العامة او (مصلحة العمل)، وهي العبارة التي استندت اليها الجهة الادارية في ديباجة قرارها الطعين، تتطلب بقاء المدعين العامين في وظائفهم حتى وان جاوزت خدمتهم الثلاثين عاما، في ظل النقص الملحوظ في الكادر البشري لدى الادارة من المحققين، وفقا للثابت بالاوراق، إذ تعاني الادارة العامة للتحقيقات، التي تختص دون غيرها، إلا ما استثني منها بنص خاص بالتحقيق والتصرف والادعاء في قضايا الجنح، فهناك كم هائل منها يتطلب تجنيد جميع الطاقات البشرية لانجازها على نحو قانوني صحيح، فمسألة إحالته للتقاعد (دون مراعاة هذه المعطيات وهذه الحقائق فإن قرار الجهة الادارية بهذا الشأن يتنافى جملة وتفصيلا واعتبارات المصلحة العامة ومصلحة العمل) فإن الجهة الادارية وان كانت تتمتع بسلطات تقديرية واسعة في اختيار زمن وظروف إصدار قرار الإحالة الى التقاعد، وذلك وفقا لما تمليه المصلحة العامة».واستدركت: «الا ان ذلك مشروط بأن تنهض الجهة الإدارية في الوقت المناسب الذي يتلاءم وإصدار القرار كما انه ليس صحيحاً ان الجهة الادارية تتمتع بسلطة مطلقة فيما تترخص فيه بلا معقب عليها، اذ لا تتمتع اي جهة إدارية بسلطة مطلقة، ولكنها يمكن ان تتمتع بسلطة تقديرية».رقابة المحكمة
وقالت المحكمة: «إن كان يتوجب ان يصدر القرار المطعون فيه مبنيا على اسبابه المبررة واقعا وقانونا والتي تخضع لرقابة المحكمة فيما اذا كان من شأنها تحقيق المصلحة العامة اذا ما تمت احالتهم للتقاعد من عدمه، فلم يرد بديباجة ذلك القرار الذي يطعن عليه المدعي الا انه قد صدر (بناء على ما تقتضيه مصلحة العمل) وهي محض عبارة عامة لا يتأتى العلم بمضمونها أو الوقوف على فحواها ولا تنهض بذاتها سببا سويا يكفي لحمل القرار على صحته، لاسيما ان اخذ في الاعتبار ان تلك العبارة المذكورة تتعلق بالغاية من القرار، ولا شأن لها بسبب القرار كركن من اركانه».واضافت: «كما انه وقد اسلفت المحكمة ان اوراق الدعوى لم تكشف عن ان القرار المطعون فيه قد صدر بناء على ضرورة تقتضيتها وتحقق الاسباب الداعية لها بل افصحت عن ان جهة الادارة قد قامت باحالة جماعية للمدعين العامين في تاريخ واحد هو 25/1/2015 ناهز عددهم 155 مدعيا عاما جملة واحدة دون سبب أو مسوغ من الواقع والقانون، وهو ما يميط اللثام عن ان الاحالة الجماعية التي شملت المدعين العامين للتقاعد قد كشفت بجلاء عن عدم صدق مقصود الجهة الادارية الذي يتمثل بالمصلحة العامة ومصلحة العمل، كما انه يتضمن اساءة استعمال السلطة من خلال احالة هذا الكم الهائل من الكوادر والخبرات دفعة واحدة».
التعويل على قرار مجلس الخدمة المدنية بإلغاء القرار المطعون فيه لا يمس من قريب ولا بعيد قواعد التسلسل التشريعي