لو فرضنا
لدينا في الكويت العديد من جمعيات النفع العام المشهرة من قبل حكومة دولة الكويت، كجمعية الخريجين والمحامين والمهندسين والصحافيين وغيرها من جمعيات كانت وما زالت تمارس أدوارا مهمة في العمل المدني الكويتي.كما أن بعض هذه الجمعيات يعدّ جزءاً من منظمات إقليمية ودولية معتبرة تعزز العمل الأكثر جماعية وشمولية، وقد وفرت حكومة دولة الكويت للعديد من تلك الجمعيات ميزات خاصة كتوفير الأراضي لتشييد المقر بالإضافة إلى ميزانية سنوية تمنح للجمعيات لتصريف أعمالها.وبالتأكيد فإن هذه الميزات الممنوحة من الدولة يترتب عليها نوع من أنواع المتابعة، فمن غير المنطقي أن تمنح الدولة الأموال لأي جهة دون متابعة ومراقبة، فإن لم تتم تلك المراقبة فإن هذه الأموال قد تصرف باتجاهات غير مخصصة لها.
لنأخذ جمعية كجمعية الهلال الأحمر الكويتي مثالا على ما أقول وهي جمعية إنسانية قامت حكومة دولة الكويت بإعلان إشهارها عام 1966 لتحظى ببعض المميزات الحكومية السابق ذكرها، وقد انضمت جمعية الهلال الأحمر الكويتي إلى الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في عام 1991.وهو ما يعني أن جمعية الهلال الأحمر الكويتي هي جمعية كويتية مشهرة حكوميا وتنضوي في الوقت نفسه تحت مظلة دولية، وهي الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر. طيب، لو فرضنا جدلا بأن القائمين على جمعية الهلال الأحمر الكويتي ارتكبوا مجموعة من المخالفات المالية التي كشفتها الرقابة المالية الحكومية، وقد تمثلت تلك المخالفات بقيام بعض العاملين في مجلس إدارة الجمعية (وأنا أنزههم عن ذلك ولكنها مجرد فرضية لا أكثر) باختلاس أموال أو استغلال مقر الجمعية لأغراض تتعارض مع نظام إشهارها.فإن ذلك وحسب القوانين الكويتية يتيح للحكومة أن تطبق بعض العقوبات عليها، من هذه العقوبات؛ حل مجلس الإدارة وتعيين مجلس آخر والإحالة إلى النيابة وغيرها من إجراءات متاحة للحكومة، بغرض محاسبة المتجاوزين والمتعدين على الأموال العامة.ولنكمل الفرضية ونقول إن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر قام بإرسال رسالة للحكومة الكويتية يلزمها بإعادة مجلس الإدارة (المتجاوز ماليا) أو الطرد من الاتحاد الدولي، فماذا سيكون موقفنا حينها؟ هل سنطالب الحكومة بإرجاع المتجاوزين ومستغلي المال العام بطريقة غير سليمة أم نثني على إجراءات الحكومة؟هذا بالضبط ما يحدث اليوم في علاقتنا مع المنظمات الرياضية الدولية التي لن أناقش فسادها الواضح والمعلن، وسأتجاهل ذلك لمناقشة فحوى كتبهم المرسلة والمطالبة بإعادة مجالس إدارات رياضية محلية وجدت الحكومة الكويتية التي تنفق عليها بأن هناك مخالفات مالية صريحة عليها!!إن الرضوخ لهذا المطلب الغريب من الاتحادات المحلية يجعلنا مستقبلا مطالبين بالتغاضي عن أي متجاوز ماليا خوفا من المنظمات الدولية وهو أمر تترتب عليه العديد من العواقب غير المحمودة.لذلك فإني أقول مهما كلف الأمر فإن القبول بهذا الشرط المريب من المنظمات الرياضية الدولية سيفتح الباب على مصراعيه مستقبلا أمام كل المنظمات الدولية في مختلف الأنشطة والمجالات أن تفرض رغباتها وميولها وعلاقاتها المتينة ببعض الكويتيين على الكويت حكومة وشعبا، ولن يمنعني أي قانون كويتي من التعدي على الأموال والتجاوز طالما لي أصدقاء في المنظمات الدولية ترتبط مصالحهم بوجودي.