خارج السرب: المجد للغبار الماهر
ما بين الوزير اللا منفذ والنائب اللا مشرع يرقد عندنا هيكل إداري وفني واهٍ يعاني الأمرّين من شيخوخة مؤلمة سببت له قصر نظر تنموي حاداً وعظام ظهر هشة، جعلته يمشي دوماً مرتكزا على عصا الروتين والبيروقراطية، هيكل أضعفته سنون التسويف والمحسوبيات.
للإنصاف كلام الوزيرة هند الصبيح حول عدم وجود عمالة كويتية ماهرة كان صحيحاً ومنطقياً، ففعلاً ليس هنالك عمالة كويتية تستطيع سد خانة الوافدين في المهن الحرفية أو الأعمال الدنيا إن صح التعبير، كلام وزيرتنا الفاضلة في هذه الجزئية لا غبار عليه، ولكن هذا لا يمنع وجود سحب كثيفة للغبار في مكان آخر، تحديدا هناك في أدراج السلطتين التنفيذية والتشريعية حيث يعلو الغبار معربداً فوق أكوام ملفات المشاريع التنموية والخطط الاستراتيجية والدراسات التطويرية. ملف التركيبة السكانية لوحده لو نفض عنه الغبار لتحول إلى "طوز" عاتٍ يسدّ عين الشمس ومنخريها، فمنذ الثمانينيات ونحن نسمع أساطير ما قبل النوم بالعسل عن تعديل التركيبة وحل التركيبة وتصورات تغيير التركيبة! حتى صاح بنا ديك العقد الثاني من الألفية الثالثة وتوقفت شهرزاد آمالنا عن الحلم المباح، وصرنا نعلم يقينا أن السبب هنا ليس بكون الكويتي غير ماهر في السباكة، لذلك لم يستطع ضبط حنفية التركيبة المكسورة، ولا لأن الكويتي لا يجيد النجارة فجعل باب تركيبتنا المصون مخلعاً، ولا لأنه حداد فاشل لم يستطع لحم "بايب" تركيبتنا المضروب، لا أبداً، السبب المنطقي هو أن وزراءنا ونوابنا هم أيضا غير مهرة، ومن شابه مواطنيه فما ظلم، فلا الوزير المنفذ ينفذ كما يجب، ولا النائب المشرع يشرع كما يفرض عليه واجبه الدستوري.
وما بين الوزير اللا منفذ والنائب اللا مشرع يرقد هيكل إداري وفني واهٍ يعاني الأمرّين من شيخوخة مؤلمة سببت له قصر نظر تنموي حاداً وعظام ظهر هشة، جعلته يمشي دوما مرتكزا على عصا الروتين والبيروقراطية، هيكل أضعفته سنون التسويف والمحسوبيات حتى صار غير قادر على كنس كل هذا الغبار المتراكم الجاثم فوق ملفات مشاكلنا من "سنة الطواعين". نعم كلام الوزيرة صحيح، ونعم كلام خيبة أملنا كمواطنين أيضا صحيح، والأكيد وللإنصاف يبقى السيد المبجل "غبار" هو الماهر والمثابر الوحيد الذي تشد إليه رحال الطموح في هذا البلد، فقد خطط ونفذ ونجح نجاحا مبهرا، فالمجد للغبار ذي الطوز العاتي ولا "ماهر" للخيل بعده.