تعبير الأخت الفاضلة وزيرة التخطيط ووزيرة الشؤون حول افتقار العمالة الكويتية إلى المهارة هيّج مشاعر الغضب لدى المواطنين، وجاءت ردود الفعل تلقائية وبصورة عفوية وعلى نطاق واسع، ونالت السيدة الوزيرة ما نالت من النقد اللاذع وربما التهكم الذي يمتاز به الكويتيون بـ«مهارة» عالية!

السيدة هند الصبيح قد تكون من أعضاء الحكومة الأكثر نشاطاً وجرأة، ويحسب لها خطوات إصلاحية علقت أجراسها، وإن خف وميضها لاحقاً، لكن تصريحاتها الأخيرة لم تكن موفقة سياسياً ولا حتى فنياً، حيث إن أسلوب التعميم والمواءمة السياسية في الانتقاص من قيمة المواطن يحمل دلالات سيئة أهمها الإهانة والإحباط، حتى لو لم تكن مقصودة، وكانت الحكمة تتطلب أن تطرح الوزيرة هذا البعد المهم، وهي وزيرة للتخطيط، في إطار إصلاحي وتوعوي، وبيان الأسباب التي أدت إلى الضعف في القطاع المهني والفني في سوق العمل، ومؤشرات ذلك إحصائياً والبرامج المقترحة للارتقاء بهذا الجانب، والمخرجات التعليمية المسؤولة عن ذلك، أما الاكتفاء بتوجيه هذا النوع من الإهانة ثم السكوت عن الموضوع فلا شك أنه يزيد من حنق المواطن على توجهات الحكومة وسياستها والقائمين عليها.

Ad

الإنسان الكويتي لا يختلف عن أي إنسان في العالم من حيث استعداده وقابليته للتأهيل والتطوير والعمل في أي مجال، والقطاع المهني تحديداً في الكويت يواجه بيئة اجتماعية وثقافية غير مشجعة على الإطلاق في جذب المواطن إلى الوظائف الحرفية أو المهنية في طبيعتها بسبب نظرة المجتمع، بل لتقاعس الحكومات وأدواتها وبرامجها لتطوير هذا المفهوم على مدى سنوات طويلة.

السبب الأهم من كل ذلك يعود إلى المنظومة الفاسدة إدارياً ومالياً وسياسياً التي تتفرد الحكومة بمسؤوليتها، والصدمات اليومية التي يعيشها كل مواطن من الطبيعي أن يشعره بالإحباط والإهانة، فالسرقات التي تقيد ضد مجهول، والمشاريع المليارية التي تنهب موازنة الدولة، وسوء التنفيذ والأداء في كل مشروع تقريباً، يعتبره كل إنسان كويتي بمثابة إهانة لكرامته وقيمته كمواطن وحقه الطبيعي في أن تكون هذه المشاريع نموذجاً يعكس شخصيته ومواطنته، إسكانية كانت أم خدمية، مباني كانت أم طرقات، برامج تنموية كانت أم خدمات عامة، والغنى الفاحش للبعض على حساب المال العام، والوظائف القيادية التي توزع وفقاً للترضيات والمصالح، وهبات القسائم الصناعية والشاليهات والمزارع، كل ذلك أمثلة نعيشها يومياً ونصاب منها بالغضب والغثيان، فأي مهارة بعد ذلك تنتظرها الحكومة من المواطن؟ بل أين أصحاب المهارات والإبداعات والاختراعات أو من يتمتع بها الكثير من شبابنا وبناتنا من طاقات متحمسة؟ فهل نتوقع منهم العمل والعطاء أو التضحية بقبول أعباء وظيفية قد تدرج أنها متواضعة في هكذا أجواء؟!

إن الآية معكوسة يا معالي الوزيرة، فمن يفتقر إلى المهارة هي الحكومة ونهجها وفكرها وآليات عملها التي أوصلتنا إلى القاع في كل شيء، في الرياضة وفي الفن وفي التنمية وفي التعليم وفي الصحة بعدما كنا في القمة، حتى أوصلتنا إلى حافة الإفلاس المالي، فلا نحتاج إلى أن نحول مليون كويتي إلى عمالة ماهرة حالياً، وكل ما نحتاجه هو اختيار 16 وزيراً ماهراً فقط لا غير!