ربما يكون مقبولاً من البعض أن يُقدِّم بشار الأسد، الذي يفترض أنه رئيس دولة عربية، التهاني (الحارة) للوفد الإيراني الزائر، ورئيسه علاء الدين بروجردي بـ"تحرير" حلب!، فهذه هي الحقيقة، فتدمير هذه المدينة التاريخية واحتلالها كان للإيرانيين فيه، بعد الروس بالطبع باع طويل وكان دور باقي من تبقى مما لا يزال يوصف بأنه "الجيش العربي السوري" مجرد "أدلّاء" أمام القطاعات العسكرية الغريبة والميليشيات الطائفية ومجرد مصفقين لهؤلاء الغرباء وهم يقتلون الأطفال السوريين ويعتدون على أعراض وحرمات شعب كان دائماً وأبداً في طليعة المنافحين عن كرامة وشرف هذه الأمة.

قد لا تكون هذه، بالنسبة للذين شرعوا أبواب سورية لكل "من هب ودب" مشكلة كبيرة يجب التوقف عندها لإدراك أن الاستخذاء وصل بهؤلاء، الذين مازالوا يصرون على شرعية بقائهم في دمشق، إلى كل هذا المستوى من الذل والهوان، أما أن يقول رئيس الوفد الإيراني علاد الدين بروجردي، الذي هو رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس شورى إيران، بسعادة وخيلاء: "إن إستعادة حلب هي كاستعادة خرم شهر (المحمرة) من العراق"، ويرد عليه بشار الأسد بـ"هزّات" موافقة وحبور من رأسه، فإن هذا سيسجل في صفحات التاريخ على أنه نسخة أخرى مما فعله ابن العلقمي وزير المستعصم الذي تواطأ مع هولاكو وتعاون معه في احتلال بغداد وكانت مكافأته، بعد تدمير العاصمة العباسية وقتْل الخليفة العباسي، التعذيب والقتل بأبشع أساليب التعذيب.

Ad

لم يتذكَّر بشار الأسد، وهو يهز رأسه موافقاً بروجردي على كل ما قاله، أن الإيرانيين لم يحرروا حلب من "العدو الصهيوني" ولا من احتلال غريب، بل من أهلها العرب الذين حارب أجدادهم مع "أبي فراس الحمداني" والذين أعطوا لهذه الأمة سليمان الحلبي، وأن "خرَّم شهر" هذه هي مدينة "المحمرة" العربية التي ألحقها شاه إيران الأب بإيران في لحظة مريضة من الزمن العربي، وحررها العراقيون في بداية حرب الثمانية أعوام قبل أنْ يستعيدها الإيرانيون.

والمعروف أنَّ الدولة العربية الوحيدة التي وقفت إلى جانب إيران في حرب الثمانية أعوام سياسياً وعسكرياً.. وبكل شيء هي سورية حافظ الأسد، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الذين آزروا العراق وساندوه في هذه الحرب لم يؤازروه دفاعاً عن صدام حسين ونظامه الغابر، بل دفاعاً عن الأمن القومي العربي، وأغلب الظن أن هذا بات واضحاً ومعروفاً ولا نقاش فيه على الإطلاق، بعدما أصبحت الأمور في بلاد الرافدين على ما هي عليه الآن.

إنه من حقِّ بشار الأسد أن يستعين بإيران، بالطول والعرض، لتحرير الجولان المحتل، ولتحرير فلسطين، هذا إذا كان تحرير فلسطين أحد همومه وهموم نظامه بالفعل، أمّا أن يهنِّئ الإيرانيين بـ"انتصاراتهم" في حلب، وأن يهز رأسه موافقة على أنَّ استعادة هذه المدينة العربية، كما قال بروجردي، هي كاستعادة "خرم شهر" التي هي "المحمرة" من أهلها العرب العراقيين... فهذا ما كان فعله ابن العلقمي الذي سار أمام هولاكو لاحتلال بغداد.