«الإدارية» تؤيد إحالة 9 مدعين في «التحقيقات» للتقاعد وتؤكد حق الإدارة بتقرير المصلحة العامة

المحكمة: خلو قانون الإدارة يسمح بتطبيق «الخدمة المدنية» عليهم

نشر في 06-01-2017
آخر تحديث 06-01-2017 | 00:03
المستشار د. عماد الحبيب
المستشار د. عماد الحبيب
رفضت المحكمة الإدارية، أمس، برئاسة المستشار د. عماد الحبيب تسع دعاوى قضائية مقامة من مدعين بالإدارة العامة للتحقيقات على قرارات إحالتهم للتقاعد.

وأكدت المحكمة، في حيثيات أحكامها التي حصلت «الجريدة» على نسخة منها، أن قانون إدارة التحقيقات خلا من تنظيم إحالة العاملين بجهازها، ومن ثم يطبق بشأنهم قانون الخدمة المدنية.

ولفتت إلى أن استناد بعض المحققين لاستثناء قرار مجلس الخدمة للقانونيين من أحكام الإحالة للتقاعد لا ينطبق على المحققين، كما انه لا يمكن التمسك بعدم احالة عدد من المدعين للتقاعد بحسب أن منهم من لم تتم إحالتهم للتقاعد، ومنهم د. فالح العزب، لأن الأخير محال للتقاعد من الادارة العامة للتحقيقات... وفيما يلي حيثيات ابرز ما ورد باحكام رفض ودعاوى المدعين التسعة الذين يحق لهم استئناف الاحكام الصادرة امس امام محكمة الاستئناف الادارية:

أكدت المحكمة الادارية ان قانون الادارة العامة للتحقيقات خلا من ثمة نص يتضمن اسباب انهاء خدمة اعضاء الادارة العامة للتحقيقات، وأنه لا مناص من الرجوع للمرسوم بالقانون رقم 15 لسنة 1979 في شأن الخدمة المدنية والذي ينص في المادة 32 منه والمستبدلة بالقانون رقم 2 لسنة 1989 على ان تنتهي الخدمة لاحد الاسباب ومنها الاحالة للتقاعد بشرط ان يكون المحال مستحقا للمعاش التقاعدي.

وقالت إن علاقة الموظف بالمرفق العام هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح المنظمة لشؤون الخدمة المدنية، ويخضع لها الموظف فيستمد حقوقه منها، كما يلتزم بالواجبات التي تقررها، وقد أوردت المادة 32 من قانون الخدمة المدنية رقم 51 لسنة 1979 اسباب انتهاء الخدمة من بينها بلوغ الموظف السن المقررة قانونا، كما جعلت احالة الموظف الى التقاعد سببا اخر من اسباب انتهاء الخدمة، وردت المادة 71 من الدستور الصادر في شان نظام الخدمة المدنية ذات الحكم، ثم اجازت الفقرة الاولى من نص المادة 76 من هذا المرسوم احالة الموظف الى التقاعد بشرط ان يكون مستحقا لمعاش تقاعدي.

وذكرت المحكمة أن المستقر عليه قضاء أن مفاد نص المادة 76 من نظام الخدمة المدنية أن المرشح لم يقيد الإدارة عند إحالة الموظف الى التقاعد إلا بشرط واحد، وهو أن يكون الموظف مستحقا لمعاش تقاعدي فيما لو انتهت خدمته بالاستقالة وقت الإحالة، مما مؤداه أن جهة الإدارة تتمتع في مجال تقدير إحالة الموظف إلى التقاعد بسلطة تقديرية لا يحدها سوى المصلحة العامة، ومرد هذه السلطة أصل طبيعي ثابت، وهو وجوب هيمنة الإدارة على تسيير المرافق العامة واستعمال سلطتها المقررة في القانون، ولا يقوم نظام الإحالة الى التقاعد على فكرة التأديب والجزاء، ومن ثم لا يلزم أن يسبقها تحقيق أو أن يواجه الموظف بمخالفات أو وقائع معينة منسوبة إليه، وإنما يكفي فيها أنها استعملت سلطتها التقديرية في نطاقها الصحيح دون تجاوز، ولم يثبت أنها انحرفت بها الى غير المصلحة العامة، وإن عيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها الذي يبرر إلغاء القرار الإداري هو من العيوب العقدية في السلوك، وأن هذا العيب لا يفترض، بل يجب إقامة الدليل عليه.

وأوضحت المحكمة أن الثابت أن المدعين يستحقون معاشا تقاعديا، الأمر الذي يكون معه القرار الطعين صادرا من مختص وقائما على مبررات تكفي لحمله على محمل المشروعية، وتغيا المصلحة العامة، خاصة أنهم لم يثبتوا إساءة الجهة الإدارية لسلطتها التقديرية المقررة في هذا بصدد، دون أنه يشفع له ما يتم التذرع به من أنه لديه خبرة في مجال عمله.

فضلا أن قيام جهة الإدارة بإحالة 154 من زملاء المدعي للتقاعد في ذات تاريخ إحالة المدعي للتقاعد ينفي إساءتها استعمال سلطتها المقررة في هذا الشأن، ومن ثم يضحى بطلب إلغاء القرار المطعون عليه غير قائم على سند قانوني صحيح خليقا بالرفض.

لا محل للاجتهاد

وحيث إنه لا ينال مما تقدم ما قرره المدعى بصحيفة دعواه من أن القرار المطعون عليه في حقيقته لا يعدو إلا أن يكون قرارا بالعزل من الوظيفة بالإدارة العامة للتحقيقات، فمن ناحية فإن قرار الإحالة للتقاعد صدر وفقا للنص القانوني الذي يقرره بعبارات صريحة وواضحة، ومن ثم فإنه لا محل للاجتهاد والقول بأنه يخفي في طياته قرارا آخر.

ومن ناحية ثانية، فإن قرار العزل من الوظيفة هو كعقوبة يصدر بناء على وجود مخالفات تثبت في حق الصادر بشأنه هذا القرار، وقد خلت الأوراق مما يفيد وجود ثمة مخالفات منسوبة للمدعى لتوقيع عقوبة من أي نوع عليه، ومن ناحية ثالثة فإن توافر الجدية والاستقلالية المطلوبة لمن يشغل وظيفة بالإدارة المذكورة لا يعني بأي حال من الأحوال تعطيل نص قانوني سار، أو إخراج طائفة من المخاطبين به دون سند قانوني.

وعن تعميم ديوان الخدمة المدنية رقم 16 لسنة 2005 باستثاء وظائف القانونيين من الإحالة للتقاعد للاستفادة من خبراتهم العلمية والعملية، فمن ناحية فإن قرار مجلس الخدمة المدنية المشار اليه قد تضمن فقط تكليف ديوان الخدمة المدنية بالإيعاز للجهات المختصة بتفعيل قرار لمجلس الوزراء والخاص بتفويض الوزير المختص بإحالة الموظفين الكويتيين الذين تجاوزت مدد خدمتهم ثلاثين عاما، الى التقاعد أو استمرارهم بالعمل، وفقا لما تقتضيه مصلحة العمل، بحيث تتم إحالة الموظفين من غير شاغلي الوظائف القيادية الذين تجاوزت مدد خدمتهم ثلاثين عاما، مع استثناء بعض الوظائف والمهن والتخصصات النادرة.

لا مخالفة

ومن ثم فإن القرار المطعون عليه لم يتضمن ثمة مخالفة لقرار مجلس الخدمة المدنية سالف البيان.

ومن ناحية ثانية فإن تعميم ديوان الخدمة المدنية رقم 16 لسنة 2005، وإن كان قد استثنى القانونيين بالجهات الخاضعة للمرسوم بقانون الخدمة المدنية، والقول بسريان هذا الاستثناء أيضا على القانونيين بالجهات التي لها قوانين ولوائح خاصة يعني تعطيل النص القانوني الخاص بالإحالة للتقاعد لبعض الجهات التي يكون أغلب العاملين فيها من القانونيين كالإدارة العامة للتحقيقات، وهو ما لا يستقيم قانوناً.

وحيث إنه لا ينال مما تقدم أيضا ما أورده المدعي بصحيفة دعواه من أن القرار المطعون عليه لم يهدف لتحقيق المصلحة العامة، وأضر بمصلحة العمل بإفراغ الإدارة المذكورة من الخبرات والكفاءات المتميزة، فإن جهة الإدارة هي الأقدر على تقدير المصلحة العامة في هذا الصدد بتحديد الخبرات اللازمة لتسيير العمل بالمرفق، طالما خلا مسلكها مما يفيد إساءة استعمال السلطة.

back to top