الفضائيات المصرية... التخبّط سيّد الموقف
بينما تشهد فضائيات حالات اندماج، دخل عدد آخر من القنوات حيز البيع، أما البعض الآخر فيعاني عثرات كثيرة. هذه باختصار حال «المشهد الإعلامي» في مصر راهناً، وهو ما نتناوله في السطور المقبلة.
عانت قناة Ten أزمات مالية صعبة، طاولت العاملين فيها الذين تأخرت مستحقاتهم المالية. حتى أنها خلال شهر رمضان الماضي لم تشتر أية مسلسلات درامية جديدة واكتفت بعرض أعمال قديمة. لكنها فجأة سددت المبالغ المتأخرة للموظفين ولمدينة الإنتاج الإعلامي، وفي الوقت نفسه استغنت عن نصف عدد العاملين وصرفت نحو شهرين مكافأة لكل واحد منهم.تزامنت هذه التغيرات مع أنباء تؤكد انتهاء صفقة بيع القناة لأحد رجال الأعمال المصريين الكبار الذي اشترط تسريح عدد كبير من العاملين سواء فنيين أو مخرجين أو معدين ومذيعين، والتخلّص من الديون السابقة كافة كي يضع خريطة برامجية جديدة طبقاً لرؤيته ورغبته في طريقة إدارة المؤسسة.الإعلامي عماد جاد، رئيس القناة، كشف لعدد من العاملين فيها أن الصفقة لم تحسم بعد، وفي الوقت ذاته لم يوضح كيف توافرت السيولة المالية الضخمة لدفع المتأخرات كافة المتراكمة منذ بداية انطلاق القناة. وستتعاقد الأخيرة مع الوكالة الإعلامية «شيري ميديا» التي أسسها أخيراً رجل الأعمال إيهاب طلعت، مالك قناة Ten سابقاً، وأطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى زوجته المطربة المعتزلة شيرين وجدي.
أما «الحياة» فينتظر مالكها الدكتور سيد البدوي أقرب فرصة ليبيعها، لكنه متردد بسبب الثمن المعروض عليه، فقد دفع فيها أحد رجال الأعمال الكبار العاملين في المجال الإعلامي 160 مليون جنيه، وهو مبلغ يغطي ديون البدوي كاملة، لكن الأخير يرغب في تحقيق عائد أكبر، ما يؤخر إنهاء الصفقة.بالنسبة إلى قناة «العاصمة 2»، فبعدما أعلن مالكها الإعلامي سعيد حساسين مباشرة على الهواء اتفاقه مع رئيس نادي «الزمالك» على شراء التردد كي تحمل القناة اسم «الزمالك»، أكد الأخير أنها ستكون قناة عامة وليست رياضية، موضحاً أن الصفقة توقفت مؤقتاً بسبب الخلاف على القيمة المادية وتفاصيل فنية أخرى ما زالت تنتظر الحسم.طاولت «القاهرة والناس» أنباء البيع أيضاً، خصوصاً بعدما تركها أحد أهم مذيعيها الإعلامي إبراهيم عيسى، وقبله أسامة كمال وانتقل إلى «دي إم سي» التي تنطلق في غضون أشهر قليلة. إلا أن المؤكد حتى الآن أن مالك القناة يبحث عن شريك سواء مصرياً أو أجنبياً لضخ سيولة مالية مثلما حدث في شراكة «سي بي سي» و«النهار» مع «المتحدة».رجل الأعمال أحمد بهجت يعتبر مثالاً لحالة التخبط التي يعيشها الوسط الإعلامي المصري، فهو أجرى مداخلة هاتفية منذ أكثر من شهر مع الإعلامي جابر القرموطي عبر برنامجه «مانشيت» على «العاصمة 2» أكّد خلالها أن قناته «دريم» معروضة للبيع، وبعد أقل من ساعة أجرى مداخلة هاتفية أيضاً مع الإعلامي وائل الإبراشي مقدم «العاشرة مساءً» نفى فيها نيته بيع المحطة أو التخلي عنها نهائياً.
الحالة الاقتصادية السيئة
في هذا السياق، أكّد الخبير الإعلامي صفوت العالم أن الحالة الاقتصادية السيئة التي يعيشها المجتمع المصري تنعكس على المجالات كافة، ومن بينها التلفزيون، مشيراً إلى أن وسائل الإعلام تعتمد جدياً على المؤسسات والشركات في تمويلها مالياً عن طريق الإعلانات، إلا أن المؤسسات الاقتصادية تعاني أيضاً أزمة كساد كبرى، لذا ليس باستطاعتها أن تموّل القنوات الفضائية.الخبير الإعلامي سامي الشريف، يرى أن قرار البيع ليس أمراً سهلاً على مالك هذه القناة أو تلك، خصوصاً أنها تكون داعمة له سواء إعلانياً أو سياسياً وتعمل على تثبيت قدميه كرجل أعمال أو برلماني أو إعلامي، مؤكداً أن من يلجأ إلى البيع يكون فقد الأمل نهائياً في تحقيق المحطة أغراضها التي أنشأها لأجلها.يتابع: «يعلم معظم ملاكي هذه القنوات أن من الصعب تحقيق مكاسب مادية منها، لكنهم يضطرون إلى بيعها غير آسفين عليها بسبب الأزمات المالية المتلاحقة التي يمرّون بها»، مشدداً على أن عدد الفضائيات الخاصة سيقلّ بمرور الوقت لأنها أصبحت حملاً ثقيلاً على أصحابها.«القاهرة والناس»
يؤكد الإعلامي طارق نور أهمية أن يكون لديه شريك يساعده في إيجاد سيولة مالية تعمل على إظهار «القاهرة والناس» بشكل جيد، موضحاً أن رجال أعمال كثيرين عرضوا عليه شراء القناة ولكنه رفض بشكل قاطع، مشيراً إلى أنها لا تحقق مكاسب أو خسائر ولا تعاني أي ديون، وبالتالي لا نية لبيعها أو التخلي عنها لصالح أي شخص، لكنه يبحث عن شريك فحسب».
رجل الأعمال أحمد بهجت يعتبر مثالاً لحالة التخبط التي يعيشها الوسط الإعلامي المصري